قمة ال 77 زائد الصين تحقق الفرز بين خبيث وحميد !
كتب ناجي صفا
هافانا عاصمة الجنوب .. لم يسبق ان شهد العالم مثل هذا الفرز الحقيقي الذي كرسته قمة هافانا ، حتى ايام الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي .
عاشت هافانا التي حوصرت على مدى ستين عاما حلم زعامة عالم الجنوب ، ولو لبضعة ايام تحمل دلالات التحول الكبير على الكرة الارضية .
استفاق العالم ، الجنوبي خاصة ، على فجور النظام الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية ، وقرر وضع حد للغرور والصلف الاميركي ، العالم الآن عالمان ، عالم التنمية والعدالة النسبية والمساواة وحرية وسيادة الدول والشعوب ، والقانون الدولي والتكامل الإقتصادي والسياسي والثقافي والتعاون الذي كرسته قمة هافانا ، وعالم النزاعات والهيمنة والسيطرة والبلطجة والإستئثار ، وقمع حرية الشعوب في خياراتها ( من ليس معنا ، فهو ضدنا ) الذي تقوده الولايات المتحدة زعيمة النظام الرأسمالي الجشع ، الذي يدوس على القيم والشعوب في سبيل تحقيق مصالح تلك الطغمة المتحكمة بالولايات المتحدة ( الصناعات الحربية ، والكارتلات ، واللوبيات بتنوعاتها ).
الحتمية التاريخية تقول انه لا بد من ان تستيقظ الشعوب يوما ما مهما طال الزمن ،، وتدرك مصالحها الحقيقية في التحرر والإستقلال والسيادة ، كما في الحرية وفي التطور الإقتصادي والعلمي والسياسي وامتلاك المعرفة والتكنولوجيا الحديثة التي احتكرتها الولايات المتحدة على مدى نصف قرن ، ، وأدركت ان عملية الأسر التي مارستها الولايات المتحدة عبر حروبها المتنقلة في اربع ارجاء الارض، وهيمنتها عبر 900 قاعدة ونقطة حضور عسكرية ، ادركت انه لا بدت آت يوم تتلاشى فيه هذه الهيمنة ، لا بد لها من ان تسقط ذات يوم ، هكذا علمنا التاريخ ، ما من امبراطورية تسيطر الى الأبد .
مع التطور المذهل الذي حققته الصين ودول ناشئة اخرى لا سبيل لتعدادها ، وانما يكفي القاء نظرة خاطفة او متعمقة على اجتماع هافانا لكي ندرك الحقائق الجديدة التي بدأ يصنعها الواقع المستجد ، والدينمو المحرك له ، الصين التي رغم تطورها وتقدمها ما زلت تعتبر نفسها جزءا اصيلا من الدول النامية ، هذا التواضع الاخلاقي ان دل على شيء فإنما يدل على صدقيتها ونظرتها الموضوعية للعالم ، تشاركها في هذا الموقف والرؤية دول اخرى تحمل ذات الامل .
منظومات جديدة نشات للتنمية لا للحروب ، بوجه المنظومات التي تصنعها الولايات المتحدة وتحولها الى احلاف حروب وحصار وعقوبات اقتصادية وسياسية ، منها البريكس وشنغهاي ، ومنظومات قديمة كان يمكن ان يعتريها الصدأ لولا مبادرة الدول الصاعدة وفي طليعتها الصين وروسيا وايران والبرازيل وغيرها ، جرى تفعيلها ، منها مجموعة ال 77 التي انضمت اليها الصين لتعطيها القا تنمويا ومعرفيا واقتصادية لا يقوم على سرقة ثروات الشعوب كما تفعل الولايات المتحدة ، وانما على تطويرها وشراكتها وتحررها من الهيمنة الأميركية .
عاش جنوب الكرة الارضية حقبة من الظلامية والقهر والإستلاب على مدى عقود ، استفادت خلالها الولايات المتحدة من انتصاراتها في الحربين العالميتين الاولى والثانية ، لتعلن انا سيدة العالم ، وانا من يملك زمام الامور السياسية والإقتصادية والمعرفة والتقنية والسيطرة العسكرية ، وصولا للهيمنة على مؤسسات المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية ، ايضا استفادت الولايات المتحدة اواخر القرن الماضي من انهيار الإتحاد السوفياتي ، لتحاول تأبيد هيمنتها على العالم واخضاعه لإرادتها ، فاشهر منظروها الكثر ومن بينهم فوكوياما وهنتغتون وبرنار لويس وكبار منظري المحافظين الجدد امثال بول ولفوويتز وريتشار بيل واليوت ابرمز وغيرهم ممن اعترى وجوههم الإبتسامة بانهم سيطروا على العالم بان العصر بات عصرا اميركيا .
نهض الجنوب من كبوته ، معلنا من هافانا وجوهانسبورغ ، وعبر الصراع الروسي الأوكراني – الاطلسي للقول للولايات المتحدة انتهى الدرس ايها الغبي .
2023-09-19