في ذكراها الخمسين:
الحرب أولها كلام
معن بشور
قيل الكثير وكتب الكثير في الحرب اللعينة التي اجتاحت لبنان منذ الثالث عشر من نيسان 1975، وهو اليوم الذي رأى فيه كثيرون تاريخ انطلاق شرارة تلك الحرب، رغم وقوع أكثر من حادثة تشي بقرب اندلاعها.
وانعقدت ندوات عديدة، وابحاث متنوعة عن تلك الحرب واسبابها وعن المتدخلين فيها وعن المجازر التي ارتكبت خلالها، وعن خرائط تقسيم لبنان التي مر بها بلد، قيل انه “أصغر من ان يقسّم واكبر من أن يبتلع.”
لكن القليل ركز على فكرة رئيسية ينبغي استخراجها من تلك الحرب اللعينة، والتي قد تكون سبباً في اندلاع حروب مماثلة في بلد متنوع في مكوناته، حساس في موقعه ورسالته .
هذه الفكرة تقول ان “الحرب أولها كلام”…فكل الحروب التي عرفها لبنان وغيره من دول المنطقة والعالم كانت تبدأ بكلام يتراشق فيه خصوم على كافة المستويات .
وكل من عاش الأيام التي سبقت مجزرة “بوسطة عين الرمانة” ، والتي خسرنا فيها ثلة من أعز الرفاق والأصدقاء من رجال البعث وجبهة التحرير العربية، يذكر جيداً كيف سبقت تلك الحرب تصريحات وخطب ومهرجانات تحرّض اللبناني على اللبناني، واللبناني على الفلسطيني، مع أحداث متفرقة رافقت تلك التصريحات وألهبت الأجواء.
ورغم قناعتي ان حرباً لعينة جديدة ليس سهلاً ان تشتعل في لبنان لأسباب عدة، أهمها رفض غالبية اللبنانيين للانغماس في أتون هكذا حرب، إلا أن كثيرا مما يجري على ساحتنا من صخب وتحريض يذكّر بأجواء تلك الحرب اللعينة…
لذلك فإن من واجب كل الحريصين على السلم الأهلي أن يقفوا بوجه كل كلام تحريضي بين اللبنانيين، أو بينهم وبين إخوانهم العرب، وأن يدركوا ان للخلافات في الرأي أو الموقف طريق لمعالجتها غير الرصاص والمدافع، وأن يتعلموا من تجارب سابقة ان لغة الإقصاء والإلغاء والتحريض دفعت ثمنها غالياً شعوب وأمم، ولنتذكر دائماً :” أن الحرب أولها كلام، وانه اذا اردنا إطفاء الحروب فلنطفئ نيران الكلام الذي يسبقها”، ولنتذكر جميعاً ان اللبنانيين مهما اختلفوا يجب ان يبقوا رحماء بينهم، أشدّاء على عدوّهم المحتل لأرضهم والطامع بمواردهم .
12/4/2025