فاعلية الجغرافية والانسان في حرب الوجود!
هزيمة وسقوط اسرائيل جار وحتمي.
ميخائيل عوض*
لا تقع حرب الا لتحقيق اهداف وغايات كبرى.
تمت الغزوة لفلسطين وزرع كيان نظام مصنع للتحكم بالجغرافية ولفصل العربية الافريقية عن الاسيوية والسيطرة على المتوسط بما هو بحر تصعيد وانهيار الامبراطوريات والشهادة ان اول واكبر إمبراطورية عالمية واوسعها حتى يومنا هذا خرجت منه وسميت إمبراطورية قرطاج الفينيقية. وتشكل تاريخيا مائدة تفاعل بين الشرق والغرب.
فاختيار فلسطين لم يكن منفصلا عن الجغرافية واهميتها.
ذاتها الجغرافية امنت امريكا وصعودها لتحكم العالم فقد احتمت بالمحيطات وبغت.
الجغرافية لم تقبل زرعا غريبا سرطانيا فلم تمنح إسرائيل القدرة على اقامة وبناء اقتصاد كبير ومستقل وضلت تعتاش على الاسناد الغربي الذي بلغ ١٤ ترليون دولار ككلفه بحسب النخب الاوروبية والامريكية تحملتها اوروبا ثم امريكا.
الجغرافية المتصلة والممتدة عشرات ملايين الكيلومترات وفرت بيئات لمحاربتها واحتضنت المحاربين وامنت شروط تصعيد مقاومات كلما انهارت او سقطت وخانت السابقات.
جغرافية فلسطين لم تخلو من ناسها ولا من امتها وشعوبها عرفت ان هذا الزرع الغريب يستهدفها .
الجغرافية المحدودة في الحروب كانت العنصر الاساس بتقرير مساراتها وبتتويج المنتصر فأوصى مؤسس العلم العسكري صن تزو في كتابه فن الحرب ٤٠٠ ق.م القائد بفهم ومعرفة والاستثمار بالجغرافية لينتصر.
جغرافية فلسطين محدودة ورقيقه تجعل الكيان وبنيته التحتية ومجتمعه وعمرانه ومطاراته ومفاعلاته النووية ومرافئه ومصانعة تحت الضربات التدميرية وتجعل الكيان تحت الحصار عندما تتجسد ارادة التحرير وتسعى القوى لتصفيته. فتمنعها من حرية المناورة والتجميع واستقبال القوى المساندة وتجعل سكانها في قلق ورهاب مستعدون للرحيل فلا متسع للنزوح والحماية والتامين .
جغرافية محور المقاومة على العكس تماما توفر الشروط والبيئات لخوض الحرب واطالتها ولتامين المحاربين وتعويضهم ما يخسرون من ارض او عدة ورجال وتوفر لمجهورهم الملاذات والتامين.
الجغرافية والطبيعة تقاتل وتحمي وتؤمن ابنائها على عكس الغزاة والزرع. فهذه غزة وانفاقها لا الغابات والطبوغرافية. وهذا لبنان وطوبوغرافيته شواهد فواعل.
جغرافية فلسطين تمنع إسرائيل من استخدام النووي واسلحة التدمير الشامل بينما جغرافية محور المقاومة تعطيه الافضلية ولا تضطره لامتلاك او استخدام النووي فالسلاح التقليدي يفي ويفيض ولا توجب عليه ارتكاب المجازر والابادة الجماعية والانسانية.
وبالتفاعل مع الجغرافية البيئة الحاضنة والمولدة لعناصر القوة والغلبة للمحاربين البشر بصفتهم الفاعل الواعي القادر على التكامل مع الجغرافية والطبيعة والتقانة والمعدات والعدو وما يملك وما يزود من معدات ومرتزقة.
بشر المقاومة متفوقون عددا ٢٠٠ مليون الجبهات المشتبكة بمقابل ٤ ملايين يشاركهم في الجغرافية ٥ ملايين فلسطيني ولهم قضية عادلة ومظلومية وبنية ثقافية وقيميه وعقائدية واستعداد ودوافع للتضحية وينشدون احدى الحسنيين.
لهذا نقع على اساطير تتجسد واقعا معاشا في صمود وتضحيات اهل غزة وفي مقاوميهم حقا يصنعون من العجز ومن اللاشيء قوة ويقاتلون ببسالة نادرة ويحققون خسائر فادحة بالعدو ويؤهلون غزة وفلسطين والمقاومة ومحورها وشعوبها وامتها لنصر ثمين اعجازي وغير مسبوق.
وهذه جبهة لبنان ومجاهديها الاساطير بكل ما للكلمة من معنى تحميهم الجبال والوديان والخنادق والانفاق ويثابرون ويصبرون وينتظرون سنة وشهر تحت القصف وتدمير البلدات وعندما تتقدم وحدات جيش المرتزقة المنهك يبلون فيها ويثخنونها جراحا وقتلا ولشهر ونصف يمنعونه والعالم يقاتل معه من التثبت في شبر واحد.
الحرب تحسمها المدرعات والمشاة وتتقرر نتائجها في المسافة صفر حيث فاعلية الجغرافية والبشر لا شيء اخر.
في جولة الحسم البرية تصير الجغرافية وعناصرها وروحها والبشر هم ادوات وعوامل النصر الحاسمة.
الجغرافية والبشر يقاتلون بإبداع وهمه وتضحية قتالا اسطوريا فقد هزمت إسرائيل في حربها الوجودية ولا مكان لها في المنطقة وايام وساعات الفصل جارية وظواهر ومؤشرات الهزيمة ودلائلها بادية وواضحة.
بيروت؛
٢٦/١٠/٢٠٢٤