غزة تهزم هاريس. متى تدفن اوهام نتنياهو؟
ميخائيل عوض*
منذ صباح ٧ اكتوبر ٢٠٢٣ تحولت غزة الى مطحنة وخلاط ومطبخ لصناعة و انضاج التحولات التاريخية الكبرى التي تأخر انتاجها في شتى القارات.
فالعالم اصبح قرية كونية والبشر تجري محاولة تنميطهم على انماط ونماذج حياة حتى في الاشكال والقوام والجمال.
المنطقي اننا في الثلث الاول من القرن الواحد والعشرين ومع الشبكات والذكاء الصناعي وهيمنة منتجات العالم الافتراضي ان تتفاعل العوامل والاحداث وان تفقد المراكز الكثير من قدراتها وتكتسب الاطراف عناصر قوة وقدرة للتأثير بالمراكز موازية ومساوية في الاثر.
قبل ٧ اكتوبر وعملية الطوفان العجائبية كان كل شيء قد نضج ودنت لحظة اطلاق صفارة البدء في السباق .
فانت تستطيع تأجيل عمل اليوم الى الغد اما الحاجات التاريخية واستحقاقات الأزمنة والجغرافية فلن تستطيع تأجيلها وان فعلتها تجاوزك وتفرض نفسها عبر اخرين وبأحداث غير متوقعه.
اطلقت الطوفان العجائبية صفارة السباق الى توليد العالم الجديد. فاستعجل نتنياهو وضع خطته وبرنامجه موضع التنفيذ الفوري وعلى جدوله مهمتان نوعيتان انتدب نفسه لإنجازهما؛
الانقلاب على اسرائيل الاشكينازية وتامين سيطرة اسرائيل يهودا.
تصفية القضية الفلسطينية نهائيا لوضع خريطته للشرق الاوسط موضع التطبيق بما تقتضية من تهجير وتصفية فلسطيني غزة والصفة وال٤٨ وتدمير حزب الله وسحق الحوثيين واحتلال سورية والعراق واسقاط المؤسسة الدينية في ايران.
العالم الانجلو ساكسوني ورأس نظامه امريكا الشائخة والتي يرأسها خرف امنته بالمال والسلاح والذخائر والرجال والقوة والحلفاء.
ذهب نتنياهو ابعد ما يستطيع باستخدام القوة والتدمير وقتل الابرياء وارتكاب المجازر والابادة على نظر العالم ولم يرتهب او يرتدع او يتحسب.
صمدت غزة وتقاتل ببسالة نادرة واسطورية وصمدت المقاومة في لبنان وانهكت جيش نتنياهو البري ولم يفلح لسنة وشهر.
ولان العالم قربة كونية والاطراف باتت فاعلا في المراكز نهض راي عام وحمل الشباب والطلاب الراية وغدت غزة عنوان كل قضية عادلة تحررية واجتماعية في العالم.
فأسهمت في اسقاط المحافظين في بريطانيا وفي كشف فرنسا على ازمة سياسية عميقة وفرضت تعديلات جوهرية في التوازنات السياسية في اسبانيا وايطاليا والمانيا والهبت الحركة التحررية في افريقيا وامريكا اللاتينية وعززت من سطوة بوتين في اسيا وفي الحرب الاوكرانية وعززت من نزوع الصين الهجومي.
ولان حزب هاريس قاد الحرب ومولها ويقودها. كان لابد لغزة ان تضرب في المركز وفي القلب وفي السباق الى البيت الابيض وتغير في مسارات الانتخابات الرئاسية الاهم والاخطر والاكثر مصيرية في تاريخ امريكا ولإعادة صياغتها وصياغة مستقبلها ومستقبل التوازنات العالمية.
ضربتها مؤلمة وقاتلة فأمنت انتصار مدو وغير مسبوق للجمهوري في الانتخابات وجاءت النتائج تطلق يد وتفوض ترامب في اعادة صياغة امريكا ونظامها ومستقبلها فتشكلت غزة وقضيتها والجاليات الاسلامية والعربية والمهمشين من الهسبانك والمهمشين وتحولت الى قوة الدفع لتعويم الترامبية ولإذلال بايدن وهاريس وتدفيع حزبهم الواجهة للوبي العولمة الثمن الباهظ فتؤسس لنهاية عصرهم الليبرالي العدواني والمتوحش.
غزة تغير في امريكا بعد اوروبا وتضرب بقوة في عنق لوبي العولمة وتقترب سكينها القاطعة من رقبة نتنياهو ودولته وجيشه واوهامه ووعدها ان تهزم اسرائيل في الحرب الوجودية حيث لا مكان لها في المنطقة بعد هزيمتها كما تنبأ غالانت ونتنياهو.
اسرائيل هزمت وغزة تقاتل ببسالة ومحور المقاومة يزداد فاعلية والعالم يتغير حديا وتتسارع التغيرات وبصمات الشرق ومقاومته واسمة لمستقبل البشرية جمعاء .
بيروت؛
٧/ ١١/ ٢٠٢٤