عملية تحرير فاشلة لم تحقق اي نصر ولم تمنع الاستقالات!
رنا علوان
بإمكاننا القول ان العدو يقبع داخل متاهة استراتيجية بكل ما للكلمة من معنى ، اما الشيطان الاميركي المنخرط في هذه الحرب من ألفها الى يائها ، لم يستطع ان يجد مخرجًا منها طيلة ثمانية اشهر ، لا شيء سوى شراءً للوقت من خلال مفاوضات مُفخخة مليئة بالخبث والمكر ، لا تُغني او تُسمن عن ما وضعه نتنياهو من اهداف ، ولعل الإستقالات التي شهدناها بالأمس ان لم تزد “الطين بلة” هي سوف تطيل امد الحرب اكثر فأكثر على اغلب تقدير ، كون الحكومة اصبحت اليوم ذات لون واحد يتجلى فيها التطرف والاجرام المُطلق ، لأن إنسحاب “معسكر الدولة” لا يعني تفكيك الحكومة ، فحين انضم إليها كان نتنياهو مدعومًا بالفعل من 64 نائبًا ، مما يخوّل لحكومته الاستمرار في السلطة طالما تحظى بثقة 61 نائبًا على الأقل
ان غانتس الذي اصر على الإستقالة بعد تأجيلها كان يجد وآيزنكوت الذي الذي سار على خطاه مقدمًا استقالته ايضًا ، أن نتنياهو يستخدمهما كحاجز ضد بن غفير وسموتريتش ، لتفادي انتقادات اليمين المتطرف بعدم ضرب رفح بقوة أكبر وعدم تصعيد الحرب على الحدود الشمالية ، ومواريًا بهما عجزه وفشله
[ “بقلبٍ مُثقل ، أُعلن رسميًا انسحابي من حكومة الطوارئ” ] هذا ما قاله رئيس الأركان الأسبق غانتس (2011-2015) والمرشح الأبرز لتشكيل الحكومة المُقبلة ، خلال مؤتمره الصحفي
وأضاف “ان نتنياهو يحول دون تحقيق نصر حقيقي ، كما ان الاعتبارات السياسية في حكومة نتنياهو تعرقل القرارات الإستراتيجية في حرب غزة” ، مُشددًا على ضرورة تحديد موعد متفق عليه للانتخابات المبكرة في أسرع وقت ممكن
لكن هيهات ان يكون لغانتس ما يرجوه ، فنتنياهو مُتمسك في منصبه ، ويرفض دعوات متصاعدة منذ أشهر لإجراء انتخابات مُبكرة ، بزعم أن من شأنها “شلّ الدولة” وتجميد مفاوضات تبادل الأسرى لفترة قد تصل زُهاء الثمانية اشهر اخرى
في نفس السياق ومتفقًا مع غانتس ، قال آيزنكوت ، رئيس الأركان السابق (2015-2019) “شهدنا مؤخرًا أن القرارات التي اتخذها نتنياهو ليست بالضرورة بدافع مصلحة البلاد” وفي رسالة استقالته التي أرسلها إلى نتنياهو ، قال : أن مجلس الوزراء “لم يتخذ قرارات حاسمة مطلوبة لتحقيق أهداف الحرب”، وفق صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية
اذًا انسحب كل من غانتس وآيزنكوت من حكومة نتنياهو بعد ان كانا انضما اليها إثر اندلاع الحرب على غزة ، حيث حملت اسم “حكومة طوارئ” ، وجرى تشكيل مجلس الحرب المصغر ، لكن ما لبث غانتس بعد انقضاء سبعة اشهر ، وتحديدًا في 19 مايو/ أيار الماضي ، حتى امهل نتنياهو مدة لا تتعدى الشهر تهدف الى وضع إستراتيجية واضحة للحرب على غزة وما بعدها ، وإلا فإنه سيستقيل من الحكومة، وهو ما لم يحدث ، لأن لا نتنياهو ولا واشنطن لديهما تصوّر واضح حول مستقبل الحرب أو المفاوضات ، لأنه لو كان لدى اي منهما لكان تم عرضه على غانتس وآيزنكوت وبقيا في الحكومة
وقد أظهر الأميركيون سياسيًا وعسكريًا اندماجهم مع موقف نتنياهو ، وهذا ما يظهر جليًا في انحيازهم للقيط الصهيوني وقد تبلور ذلك بين اسطر ورقة المفاوضات التي لا زالت في ملعب حماس ، وما الهدف منها سوى تبرأت ساحة نتنياهو من مسؤولية إضاعة فرصة التوصل إلى اتفاق ، وتلميع صورته من خلال إظهار سعيه لاسترداد الأسرى ، وهنا لابد من سؤال يفرض نفسه هو كيف سوف يستعيد الأخير الأسرى؟!؟
هذا السؤال يحمل في طياته الجواب عنه فلا حاجة للتفكر فيه ، لان غانتس ومن استقال بعده ، لو انهم لمسوا طيف نصر لما كانوا اقدموا على هذه الخطوة بل على العكس لكانوا انتظروا معه ليرفعوا شارة النصر
وما جرى في مجزرة النصيرات من اجرام مُرّكب صهيو-امريكي وايضًا بريطاني اسفر عن ارتقاء زُهاء 200 غزّي واصابة المئات ، مُقابل استعادة 4 من الأسرى ، هو عمل فاشل وفقًا للمعايير العسكرية ، وجريمة حرب واضحة المعالم ، ناهيك عن التسبب بمقتل عدد من الاسرى المُرتزقة الذين تحتضنهم حماس وتُحسن معاملتهم رغم الحصار المطبق وسياسة التجويع ، متقاسمةً ما لديها معهم من اجل الحفاظ على ارواحهم التي اعدمها نتنياهو بتعنته واجرامه ، ما يدل ذلك وبما لا يدع مجالاً للشك ، ان استمرار هذه الحرب ما هي الا لحفظ مصالح الشيطان الأكبر في المنطقة وليس لاستعادة المرتزقة ، فما الفائدة من تحرير أسرى بقتل أسرى آخرين غير ذلك ؟!؟
وفي تفاصيل ما جرى فلقد دخلت القوة “الإسرائيلية” عن طريق الرصيف العائم الأميركي ، وبسيارات إغاثية مدنية بحسب بعض الناشطين ، كما اكدوا ان هذا الرصيف لم يقدّم اي مُساعدات تُذكر ، ما يُجلي حقيقته الخبيثة وهي كما ذكرت في مقال سابق على انه موطئ قدم للاميركي كي يتواجد على ارض غزة دون اي مُسائلة وبغطاء انساني كاذب
إن عملية النصيرات ستكون لها آثار سلبية على باقي المحتجزين دون ادنى شك ، أولها أن العملية قضت على أي فرص أخرى من شأنها تحرير أسرى أحياء ، نظرًا للتحوّل الكبير الذي سيطرأ على ظروف تأمينهم ، والانتباه واليقظة لوحدات الظل ، والتعامل الصارم والحازم مع أي تحرك مشبوه
ختامًا ، ان هذا الطوفان لن يهدأ دون تغيير وجه المنطقة ، فلا مُفاوضات يُشرف عليها الشيطان الاكبر وترعاها دول التطبيع المتصهينة ستأتي اكلها ، ولن يرضى من وضع شرط انهاء حماس ان يعطيها حقها من النصر رغم غبائه لأنها حققته في صبيحة السابع من اكتوبر 2023 ، هذا اولاً ، اما تاليًا فحماس اثبتت انها ايدولوجيا مُتجذرة ، بل وتزداد تجذر مع كل مجزرة تمارس بحق اهل غزة ، فلا يظننَّ وضيع جبان أن يدًا له امتدت على المجاهدين وأعراضهم سينعم بها ، وان الشيطان الاكبر وابنه اللقيط بإجرامهم سيقتلون هذه الروح الثورية لدى اصحاب الحق والارض ، بل على العكس [لانهم يثبتون يومًا بعد يوم ان ما قاله الامام الخميني بوجه الاستكبار العالمي من عبارة ” اقتلونا فإن شعبنا سيعي اكثر فأكثر ” ] هي بصيرة مزوعة داخل كل انسان حر شريف ومقاوم
2024-06-10
تعليق واحد
Rattling fantastic information can be found on web blog.Expand blog