صفقات ترامب لإيقاف حرب لبنان معرقلة جمهورياً!
هل ستنجح سياسة الصفقات السياسيّة في إيقاف الإبادة الجماعيّة التي يمارسها الكيان المحتل ضد لبنان وغزّة؟
مروة يوسف ديب
انتهت الانتخابات الأميركيّة التي شغلت العالم ليبدأ بعدها رسم تصورات للقضايا الإقليميّة والدوليّة، لا سيما الحرب في الشرق الأوسط. توّجت الانتخابات بفوز المرشّح الجمهوري دونالد ترامب الذي يعدّ من خارج American Establishment وحتى خارج Republicans Establishment، والمبدع في عقد الصفقات الاقتصاديّة، فكانت عودته تاريخيّة، كما وصفتها CNN.
هل ستنجح سياسة الصفقات السياسيّة في إيقاف الإبادة الجماعيّة التي يمارسها الكيان المحتل ضد لبنان وغزّة؟
الولايات المتّحدة الأميركيّة: دولة عميقة في مواجهة الصّين
واضعو السياسات في الولايات المتحدة الأميركيّة هم الذين يحددون الأطر العامّة للدولة التي لا يمكن تخطيها والأهداف الكبرى عبر التاريخ، فهذه سمة أساسيّة للدولة العميقة. ولذلك، بعيداً عمّن يصل إلى الحكم، عليه السعي لتحقيق الهدف الأكبر بمختلف الإمكانيات والأدوات التي يملكها، عسكريّة كانت أم دبلوماسيّة.
منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، حاربت الولايات المتحدة لمواجهة تصاعد قوّة الصّين الشعبيّة ومنعها من التّمدد نحو الشرق الأوسط، بالأساليب الممكنة كافة، من خلال السياسات التي وضعها صانعو القرار فيها. رغم أن الصين كانت تتوسع سلمياً عبر التّجارة والصّناعة والتكنولوجيا، حاولت الولايات المتحدة وضع عقبات في وجه هذا التمدد، فأسست الحركات التكفيرية “داعش” و”النصرة”.
هذه الحركات أشعلت حرباً في سوريا والعراق استمرت عشر سنوات.
لم تكتف الولايات المتحدة بالحروب، بل سعت لإبرام اتفاقيات تطبيع بين السعوديّة والكيان المحتل التي سقطت في آخر لحظات حكم ترامب السابقة.
صقور الجمهوريين يعرقلون صفقات ترامب لإيقاف حرب الشرق الأوسط
نعم، الجمهوريون منقسمون فيما بينهم حول إيقاف الحرب من عدمه. فهناك أصوات داخلية تريد التّصعيد العسكري، وبالتالي مهمّة ترامب لن تكون سهلة وستتم عرقلتها من داخل الحزب قبل خارجه .
وهنا، لا بدّ من تأكيد ثلاث حقائق: الأولى، أن الجمهوريين يسيطرون على وزارة الدّفاع، ما يبرر ذهابهم دائماً إلى خيار الحرب العسكريّة وليس التّفاوض الدّبلوماسي. والثانيّة، أن عقد الصّفقات يتطلب تقديم تنازلات من الأطراف بمن فيها الولايات المتحدة الأميركية. هذا الواقع لا يمكن أنّ يطبق في الصّراع الحالي في الشرق الأوسط، وذلك لحقيقة ثالثة مفادها أنه يجب عدم إعطاء جبهة المقاومة انتصاراً ولو جزئياً، فإما السيطرة الكليّة للولايات المتّحدة أو الدّمار الشامل.
هذه التنازلات يمكن أن تحصل بين ترامب وبوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا، أما في الشرق الأوسط، فمن الصعب أن يتنازل الأميركي لإيران. وهنا، يطرح سؤال، ما التنازل الذي سيقدّمه الأميركي في الشرق الأوسط لإنهاء الحرب، ولمن سيكون؟
هذا التعنّت الأميركي يعود لانهزام محور واشنطن في سوريا والعراق في الحرب ضد التّكفيريين، التي توّجت بضربة قاسمة بقلم صيني وهو تقارب إيراني-سعودي وصعود قوى “بركس بلس”.
في مرحلة قبل تسلّم ترامب للسلطة، يبدو أن بايدن غير مستعد لعقد صفقة تريح ترامب عند وصوله. فقد يلجأ إما إلى التصعيد أكثر من خلال إعطاء ضوء أخضر لنتنياهو لاستكمال إجرامه، حيث يتسلّم ترامب في ظروف معقّدة أو سيسعى هو لحلّها ما يفسر الاتصالات الروسية-الأميركية من قبل إدارة ترامب. ولكن، إن حصل تصعيد، فسيواجه نتنياهو مشكلات مع ترامب، ما يفسر اليوم الاتصالات الثلاثة الأميركية – الإسرائيلية في وقت قصير.
في نهاية الحديث، إن لم تستعد الولايات المتحدة السيطرة المطلقة على الشرق الأوسط فستذهب إلى جعله أرضاً محروقة ولن تسلّمه للصين. لذلك، يدور الحديث عن أن قوّة الميدان اليوم في جنوب لبنان هو مفتاح حل الصّراع.
في المقابل، الحديث عن استهداف المنشآت النّووية الإيرانيّة أو آبار النّفط بعد تسلّم ترامب هو أمر مستبعد، لأنه سيؤدي إلى أهداف عكسيّة لمشروعه في خفض سعر برميل النّفط وتحريك عجلة الاقتصاد والصّناعة.
وأخيراً، يقيناً محور المقاومة مدرك لهذه الحقائق ويتعامل معها وفق ما تقتضيه المرحلة من عزمٍ وحزمٍ وحسمٍ ومقاومة.
ولكن، هل يمكن لترامب إنجاز صفقاته السياسيّة في ظلّ كل هذه التعقيدات؟
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة تعبّر عن رأي صاحبها حصراً
2024-11-16