#جيوسياسية/ قبل ساعة، صدر قرار جديد في جنوب أفريقيا في مواجهة الهيمنة الأمريكية وسياسة التنّمر!
إدريس آيات
– جنوب أفريقيا في مواجهة الهيمنة: لا مكان لماسك وشركاته في أرض مانديلا!
قررت حكومة جنوب أفريقيا إيقاف المفاوضات حول منح شركة Starlink التابعة لإيلون ماسك ترخيصًا للعمل داخل البلاد، متهمةً إياه بالعنصرية وتبني مواقف غير تقدمية يشوّه سمعة البلاد. القرار جاء بعد أسبوع واحد فقط من إعلان وقف التعاون مع جميع الشركات الأمريكية العاملة في جنوب أفريقيا، وحظر تصدير بعض المعادن الحيوية إلى الولايات المتحدة، ردًا على قرار دونالد ترامب بقطع التمويلات الأمريكية عن جنوب أفريقيا وعن منظمة USAID التي لطالما دعمت المستوطنين البيض أكثر مما قدمت للسود، في امتداد واضح لإرث الفصل العنصري.
اليمين المتطرف، بقيادة ترامب وماسك، يروج لأكذوبة اضطهاد البيض في جنوب أفريقيا، متجاهلًا الحقيقة الصادمة: البيض، وهم أقل من 5% من السكان، يسيطرون على 80% من الأراضي الزراعية، بينما لا يملك السود، وهم الأغلبية الساحقة، سوى 7% من أراضي أجدادهم. لكن الصراع ليس بين السود والبيض كما يحاولون تصويره، بل بين قوى العدالة الاجتماعية التي تسعى لتصحيح هذا الخلل، وبين فئة رأسمالية متوحشة لا تتجاوز 1% من السكان، تسعى لتحويل جنوب أفريقيا إلى مستعمرة اقتصادية جديدة لواشنطن، ولو على حساب الحقوق التاريخية للأغلبية. بل إنّ هنالك نُشطاء بيض في جنوب أفريقيا يقفون مع حكومة جنوب أفريقيا ويدعمون هذه السياسة العادلة، لكن ترامب قرر أنّ العقوبات ستشمل هؤلاء المسؤولين البيض أيضًا في حكومة جنوب أفريقيا.
هذا التصعيد الأمريكي ليس سوى عقاب سياسي لجنوب أفريقيا بسبب مواقفها المشرفة مؤخرًا، خاصة في دعم القضية الفلسطينية ورفع دعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، فضلًا عن استقلالية قرارها السياسي في انضمامها لمجموعة بريكس. ولكن هل يظن ترامب وماسك أن بإمكانهما إعادة عقارب الزمن إلى عهد الفصل العنصري والاستعمار؟
جنوب أفريقيا ردّت بكرامة، ليس فقط عبر إلغاء ترخيص ستارلينك، بل أيضًا بموقف برلمانها الذي يتحرك لتصنيف إيلون ماسك وحلفائه كأعداء للأمة الجنوب أفريقية في الأيام القادمة.
لطالما حلمتُ برؤية دولة أفريقية تقف بكبرياء في وجه القوى التي تحاول إخضاعها بالابتزاز والضغط.
اليوم، نحن نعيش لحظة تاريخية، لحظة ترفع فيها أفريقيا رأسها، وترفض أن تكون حديقة خلفية لأحد.
– لتعلموا أيضًا، أن واشنطن لن تتراجع؛ فكلما حاول الجنوب العالمي كسر قيوده، كثّفت الإمبريالية من حملات التشويه والضغط، فهذه عادتها حين ترى من يخرج عن طوعها. واليوم، جنوب أفريقيا تقف في مرمى هذه الهجمة، ليس لأنها أخطأت، بل لأنها تجرأت. ستتوالى الانتقادات، ستتصاعد الهجمات، وستُنسج الأكاذيب، فالقوى الكبرى لا تغفر لمن يرفض الانحناء.
المعركة ليست فقط حول إيلون ماسك أو الشركات الأمريكية، بل حول حق دول الجنوب في إدارة مواردها، وحماية سيادتها، واتخاذ قراراتها بمعزل عن التهديدات والعقوبات.
في مثل هذه اللحظات، لا يكفي دعم جنوب أفريقيا بالكلمات، بل يجب على كل دولة تؤمن بالتحرر والاستقلالية أن تعلن تضامنها العملي معها. يجب أن تدرك دول أفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وآسيا أن ما تواجهه جنوب أفريقيا اليوم، قد يكون معركتهم غدًا.
عندما تقف دولة أفريقية في وجه الهيمنة، فلا يجب أن تواجه وحدها.
لهذا، لا ينبغي أن تُترك جنوب أفريقيا وحدها في هذه المعركة، وكما قال جنوب أفريقيا نفسه، لن نخضع للتنمّر الأمريكي
2025-02-18