روسيا ونهجها السياسي الحقيقي تجاه سوق المساعدات الإنسانية العالمية!
د.نواف إبراهيم*
حسب الأزمات المستمرة في جميع أنحاء العالم، فإن نمو سوق المساعدات الإنسانية العالمية بالحقيقة غير مفاجىء ولايثير الدهشة، من الشمال العالمي إلى الجنوب العالمي، تساهم البلدان في تطوير سوق المساعدات الإنسانية من خلال تقديم أنواع مختلفة من المساعدات، وخاصة المساعدات النقدية، والتي تم تحويلها إلى حد كبير إلى بلدان الجنوب العالمي. في هذا المقال، يقول محللنا: إن الأعوام الأخيرة شهداً نمواً ملحوظاً للسوق، ما يمثل خروجاً عن الاتجاهات التاريخية المعروفة، حيث يلعب الاتحاد الروسي دوراً بارزاً باستخدام نهج السياسة الواقعية. التفاعل المتعدد الأطراف و تقديم المساعدات العينية هنا السياسة الواقعية موقف براغماتي يقوم على الاستجابة لظروف محددة وليس على فرضيات إيديولوجية، وهو ما يحدد وضع روسيا بشكل قطعي واضح في الخطاب العالمي للمساعدات الإنسانية . بعبارة أخرى، تعتقد روسيا أن الدعم الإنساني يجب أن يبادر به وينفذ باستخدام نهج متعدد الأطراف بدلاً من النهج الثنائي المعمول به في معظم الحالات. روسيا أظهرت وأبدت التفضيل لتعدد أطراف القنوات في تقديم المساعدات، بالاعتماد على منظمات وهيئات كنظام التتبع المالي لدى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، المساعدات الإنسانية العينية التي تقدمها البلاد، بدءاً من الأغذية المصنعة والأدوية وصولاً إلى المأوى والمعدات، ما يؤكد التزامها بتلبية الاحتياجات العاجلة في حالات الأزمات.
تتولى وزارات الخارجية، والمالية، والتنمية الاقتصادية، والتعليم والعلوم، والصحة، ووزارة الدفاع المدني وحالات الطوارئ مسؤولية تحديد البلدان التي تحتاج إلى مساعدات نقدية وعينية. ومن المتوقع أيضًا أن تنفذ هذه الوزارات بشكل فعال البرامج المتعلقة بالمساعدات بناءً على مبادئ نظام متعدد الأقطاب في الجيوبوليتيك. الإلتزامات المالية والتأثير العالمي بين عامي 2019 و2023، ساهمت روسيا بأكثر من 124 مليون دولار أمريكي في مختلف جهود الإغاثة الإنسانية حول العالم وعلى الرغم من التحديات المفروضة والمشاكل التي إرتبطت بإنتشار الوباء العالمي،ظل إلتزام روسيا واضحأ وثابتاً، حيث أنها قدمت مساهمات كبيرة في عامي 2019 و2020. وفقًا لنظام التتبع المالي التابع لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، ساهم أكبر المانحين من الدول والمنظمات بمبلغ 27,178,698,980 مليار دولار في عام 2023. ومن هذا المبلغ، تبرعت البلدان بما في ذلك الاتحاد الروسي بما مجموعه 23,876,843,765 دولار أمريكي، في حين ساهمت منظمات أخرى مثل البنك الدولي بما مجموعه 3,301,855,215 دولار أمريكي لمختلف المساعدات الإنسانية على مدار العام. فقط في عام 2023، لعبت روسيا دوراً مهماً في المبادرات الإنسانية، مثل برنامج دعم الأمن الغذائي حيث تبرعت بمبلغ وقدره ثمانية ملايين دولار أمريكي للسكان المتضررين من الزلزال في سورية. وتتجاوز مساهمة روسيا إطار الالتزامات المالية وتتضمن مشاريع معروفة مثل تمويل المعدات الطبية في غينيا وسيراليون، وتطوير لقاح علاجي ضد فيروس الإيبولا، وكذلك الأمر إنشاء مستشفى ميداني في أتشيه في عام 2004.” آتشيه … آتشه دار السلام أو آچيه هي إحدى الأقاليم الخاصة (دائرة إستميوة) في إندونسيا”وتظهر هذه الجهود النهج متعدد الأوجه الذي تتبعه روسيا في تقديم المساعدات الإنسانية ومعالجة الأزمات في المجالات الصحية والكوارث الطبيعية ودعم عمليات التعافي منها ومعالجة أثارها. بينما يدعو الشركاء في مجال النشاط الإنساني إلى تأمين مبلغ وقدره 46.4 مليار دولار أمريكي في عام 2024 من أجل تقديم المساعدات ل 180.5 مليون شخص يواجهون ظروفاً تتطلب تقديم احتياجات عاجلة، ولروسيا هنا دوراً أساسياً، إذ أن موقع روسيا الفريد كجسر يصل بين العالمين المتقدم والنامي يعطيها المجال للتأثير الإيجابي في مناقشة وتحديد تفاصيل هذه المساعدات وكيفية تنفيذها.
كاتب وإعلامي متخصص بالشؤون الدولية – روسيا
موسكو – (رياليست عربي):
2024-01-20