خرق الهدنة.. انحياز مكشوف وسياسات عارية من القيم!
أحمد بن محمد العامري
في تصريحٍ يعكس استعلاءً سياسيًا، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطابه أمس بشأن الهدنة بين لبنان وإسرائيل: “إذا خرق الجانب اللبناني الهدنة، فإن أمريكا ستقف إلى جانب إسرائيل”.
هذه الكلمات البسيطة تحمل في طياتها رسالة واضحة، لكنها ليست مفاجئة: الولايات المتحدة ستظل داعمًا مطلقًا لإسرائيل، بغض النظر عن الظروف أو الوقائع على الأرض. أما ما غاب عن التصريح فهو الأهم: ماذا لو كانت إسرائيل هي من خرقت الهدنة؟ الإجابة معروفة ضمنيًا؛ فالدعم الأمريكي لإسرائيل ثابتٌ لا يتزحزح.
هذا الموقف يبرز حقيقتين واضحتين؛ أولًا: أن السياسة الأمريكية ليست مدفوعة بقيم مثل الديمقراطية أو حقوق الإنسان كما تدّعي؛ بل تخضع لإملاءات اللوبي الصهيوني ومصالحه. وثانيًا أن شعارات السلم والأمن الدوليين ليست سوى قناع يخفي خلفه ازدواجية معايير أصبحت جزءًا لا يتجزأ من السياسات الغربية، حيث تُقدّم مصلحة إسرائيل دائمًا على كل المبادئ والقيم الإنسانية.
لكن العالم اليوم لم يعد غافلًا عن هذه الازدواجية، بل بات يرفضها علانية، فحركات التضامن مع فلسطين والانتقادات الدولية المتصاعدة للإرهاب الصهيوصليبي، تؤكد أن الشعوب أصبحت أكثر وعيًا بطبيعة هذه التحالفات الظالمة، وما نشهده من احتجاجات ومواقف حازمة في مختلف أنحاء العالم، هو دليل حيّ على الرفض العالمي الشعبي لهذه السياسات الجائرة.
المثير للسخرية هو جرأة الساسة الأمريكيين وبعض نظرائهم الغربيين على تضليل شعوبهم، متذرعين بشعارات براقة تخلو من أى مضمون حقيقي، ولكن الأكثر إيلامًا هو أن هذه الأكاذيب تجد صدىً في عالمنا العربي، حيث يهرول بعض الحكام نحو استرضاء القوى الكبرى حتى لو كان ذلك على حساب قضايا الأمة ومصالحها الاستراتيجية.
هذه الحقائق تضع أمامنا تحديًا كبيرًا؛ وهو ضرورة مواجهة هذه الهيمنة غير العادلة، ليس فقط عبر الاحتجاج والمواقف الرافضة، بل أيضًا ببناء مواقف عربية شعبية موحّدة، تعتمد على استعادة القرار السيادي وتفعيل دور الشعوب في صياغة مستقبلها بعيدًا عن الإملاءات الخارجية.
إن ما يحتاجه العالم اليوم ليس مجرد تصريحات جوفاء عن العدالة وحقوق الإنسان، بل أفعال حقيقية تُعيد صياغة النظام الدولي على أسسٍ عادلة، بعيدًا عن التحيز والإرهاب السياسي الأمريكي الذي أضحى سمةً بارزة لهذا العصر.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة تعبّر عن رأي صاحبها حصراً
2024-11-30