◦ حـين يُـغــــــازلك الـمــــوت!
د. خيرالله سعيد
بالأمس – يوم الأثنين 4 / أيلول /2023 كـاد الموت يخطفني، لولا رعاية الله ولطفه، فقد ضاقـت أنفاسي عليّ “ وجفّـت اللـوزتـان، نتيجة “ إنفلاونـزا” حلّت ضيفة عليَّ في بداية هذا الإسبوع، وحين عـدتُ من “ رياضتي اللّـيلية “ المشي” وضمن ميعـاد محـدد ، تناولت كبسولة ( Ant bu-tic ) وما ان تناولتهـا، حتى جفّـت اللّـوزتـان، وارتفعت درجة الحرارة في جسمي بشكلٍ ملحـوظ وارتفع ضغط الدم أيضاً، فحاولت أن أسترخي على الفراش قدر الإمكان ،، وتناولت سـوائل كثيرة بغية المساعدة في “ تنزيل كبسولة “ الأنتي بيوتوك “ في جوف المعـدة، فلم يحدث أيّ شئ، ولم أعـد أعرف الإستلقاء أو المنـام وبقيتُ سهـرانـاً أتقـلّبُ، فـلا العين تـغـفى ولا المنـام يطيبُ ، حتى نهضت في الساعة الثانية والنصف بعـد منتصف اللّـيل ، واتصلت “ بأسعاف الحـالات الطارئة والتي تعرف بالرقم “ 911 “ وما هي إلاّ دقائق حتى وصلت “ سيارة الإسعاف وكانت بإنتظاري قدّام البناية التي أسكن فيهـا ، فيما صعد إثنان منهـا إلى شقّـتي، لمعاينة الحـالة، وجهـاز فحص الضغط وأدوات أخرى كانت معهم ،وبدأوا على الفور بفحص الضغط ودقات القلب ، وأمور ثانية، حتى قرّروا بضرورة التحرك إلى المستشفى القريب من “ شارع برسـتون “ وأثناء الطريق بـدأ أحدهم يأخذ المعلومات الطبية عـن حالتي الصحية من خلال “ بطاقتي الصحية والتي تعرف بـ “ Health Cart “
- ومـا أن وصلنـا إلى المستشفى، حتى بـدأت عملية التسجيل للدخول إلى المستشفى “ Registration“
- وما هي إلاّ لحظات حتى جاء الطبيب المناوب، وأمر بنقلي إلى أحد الغرف الخاصة ، وبدأ بفحص نبضات القلب، ودرجة ارتفاع الحرارة والضغط، وأسئلة تخص الحالة التي أنـا فيهـا، ثم دخلت معه طبيبة أخرى ، ولحق بهـم طبيب ممارس ( لبناني الأصل من أمٍّ موصلية “ وقام بمهمة الترجمة الفورية، وبـدأت الأسئلة تــأخذ منحىً مقاربـاً لتشخيص “ نوع من الكـوفيد 19 “ فيمـا بـدأتُ أشعر بضيق التنفّـس، وضغط اللّـوزتين، وحرقة في القصبة الهـوائية، فوضع الطبيب المعالج “ جهاز الأوكسجين على فمي، وجهـاز ضغط الدم على 4 مواقع في جسمي . كانت الساعة الجدارية تشير إلى الثالثة صباحـاً ، فجاؤا بأجهزة دقيقة “ كاميرا صغيرة “ أدخلوا كيبلهـا الرفيع في أنفي، وربطت تلك الكاميرا على جهـاز كمبيوتر، وقائد المجموعة يوجّـه الكُـل للقيام بعملٍ معين، واستمرت هذه العملية بحدود 3 ساعات متواصلة، فيمـا أنـا في عالمٍ آخر، حتى استطاع فريق العمل الطبّـي من “ تشخيص حـالة الجفاف الموجودة في البلعوم وفي اللّـوزتين، فزرقوني “ بـإبرتين خاصتين “ بلغتا حوا لي “ 100 غرام فشعرت بأني “ راحلٌ لا محالة، وليس بالإمكان الإتصال بصديق، فالوقت يقترب من الخامسة صباحـاً وفريق العمل الطبي ذهب إلى بقية أعماله، فيمـا بقيت طبيبة واحدة وممرضة بالقرب مني لمراقبة الحـالة ، وأنـا بين يقضة وغيـاب، وحالات من التماهي تستحضر “ روح الغـائبين “ من الأصدقاء والأهـل، ومـا أن “ سهـوتُ قليلاً “ حتى خطر ببـالي ( مـوّالاً “ كان قد غنـاه المطرب سلمان المنكوب في عام 1975 يقول فيه :
يـاحافـــــر البير ، ماتخشى الفـلـك يـنــــــدار
و خـافَـنّــك اطّـيح المدمع دِمــــــــا ينــــــــــدار
ﮔــبلـك ﭽـثيرة احفرت، وبعـد العـﮕـل ينــــــدار
حَـسِّـب احسـابك ولــك واعـدل سجـايا النفـس
خـافـــنّـــك اطّـيح ويضيــــع كــل غـالي ونــــفـــس
مـوتــك ترى امجــيــم يصـعَــد مـا يِــــرِد النفس
إعــمـل عـمل خير وادرك في عــدل مـنـــــــدار
ولولا عـناية الله ، في تلك الليـلة، لكنتُ في قـافـلة الـراحلين .
* * *
2023-09-07