تراجع ترامب عن الرسوم!
اضحوي جفال محمد*
أوقف ترامب تنفيذ قراراته بشأن الرسوم التجارية لمدة 90 يوماً قيل انها للتفاوض من اجل الاتفاق مع كل دولة على حدة. والسبب واضح وهو إدراكه مغبة الوقوف في مواجهة العالم بأسره. لقد تدهورت البورصات الامريكية بشكل خطير وضغطت الشركات الامريكية المتضررة فاضطر ان يتراجع.. والتراجع بحد ذاته انتكاسة كبرى له شخصياً وقدح في مصداقيته كرئيس، فالمفترض أن تكون القرارات مدروسة بشكل جيد قبل صدورها، وتبيّن أنها غير مدروسة بشكل جيد مما يلف بالضباب مركز الادارة كقائدة للبلاد.
الـ 90 يوماً انتظار برأيي أسوأ من القرارات ذاتها، فكل قرار فيه ايجابيات وسلبيات والمضي فيه يعني المراهنة على ايجابياته ووضع المعنيين (الشركات الامريكية) أمام الواقع لتتدبّر أمرها. أما تركها تنتظر ثلاثة أشهر لا يُعلم ما وراءها فمشكلة كبرى للاقتصاد. الشركات بطبيعتها لا تستطيع الانتظار يوماً واحداً لأنها على الدوام في حالة سباق مع الزمن، وكل ساعة تضيع تكبدها خسائر محسوبة، أما ان يُطلب منها التوقف ثلاثة اشهر فكارثة بالمفهوم الاقتصادي لأنها خلال هذه المدة محرومة من أهم آليات العمل الراسمالي وهي (التخطيط). فالتخطيط مقرون حتماً بمعرفة الذي يحصل بعد 90 يوماً، وبما أن المعرفة مستحيلة في هذا الوضع الذي خلقه ترامب فإن الانتظار معناه إضاعة جميع الفرص الى ان تنتهي المدة ويتضح ما بعدها. والمصيبة ان المستقبل سيكون متبايناً بين دولة وأخرى حسب المفاوضات، ولما كانت الشركات الكبرى عابرة للحدود فانها ستجد نفسها مشتتة بسبب تأثرها بما ستؤول اليه العلاقة الامريكية مع اكثر من دولة.. مثلاً توصلت الادارة الامريكية الى تفاهمات مع الاتحاد الاوربي وأبقت القطيعة مع الصين ماذا تفعل الشركة الموزعة بين الجهتين!.
مع الصين خصوصاً يواجه ترامب وضعاً شاذاً ومربكاً، فقد استثناها من قرار تعليق الرسوم، واستثنى من هذا الاستثناء قطاع الالكترونيات الذي يمثل نسبة هامة من الصادرات الصينية الى الولايات المتحدة. من غير الخوض في تعقيدات العلاقة بين البلدين تعتبر الصين الخاسر الاكبر من القطيعة لأن صادراتها الى الولايات المتحدة تبلغ 460 مليار دولار سنوياً يقابلها صادرات امريكية بقيمة 160 مليار فقط. لكن ومع استثناء الالكترونيات تعوّض الصين نسبة لا يستهان بها من الخسارة دون ان يقابلها تعويض للولايات المتحدة عن خسائرها. فالاستثناء جاء من طرف واحد لا يقابله تنازل صيني عن الرسوم المقابلة والتي تعني وقف الصادرات الامريكية بشكل شبه كامل.
اذن ستحتفظ الاشهر القادمة بحالة عدم الاستقرار التي هي أسوأ ما تواجهه الاسواق، وتعتبر الولايات المتحدة المتضرر الاكبر منه لأن مستقبل علاقاتها مع الجميع تقريباً مجهول، في حين تبقى حالة الثقة بين الدول الاخرى بمعزل عن الولايات المتحدة. فمثلاً تعاني الشركات اليابانية من ضبابية العلاقة مع الولايات المتحدة بينما تواصل عملها بثقة مع الدول الاخرى، اما الشركات الامريكية فلا تحظى بالثقة مع اي دولة خارجية بسبب الجهل المطبق بما سيفعله ترامب غداً او بعد غد.
( اضحوي _ 2106 )
2025-04-15