ايران غير ملزمه؟ اما مصلحتها فتحتم عليها الانخراط!
نتنياهو مكلف بحروب التدمير وتطبيش المنطقة ولو زالت اسرائيل.
ميخائيل عوض
حقا وبميزان حقائق ودروس الحياة والحروب ايران غير ملزمة بان تخوض حرب تحرير فلسطين عن اصحاب الحق التاريخي والوطني وقد ادت قسطها للعلى وما زالت تساند بحسب ما تراه مناسبا ومطابقا لمصالحها والتزاماتها العقيدية والايمانية وهذ اعلى ما يجب ان تطالب به او يراهن عليها.
والحقيقة الراسخة انه في تاريخ البشرية لم تنهض امه وتنتزع مكانتها الا وقد التزمت النضال والتضامن وتبني حقوق الامم المغلوبة على امرها والمضطهدة فان تسعى للتحرر مستحيل ان تحصل عليه ما لم تتبنى وتتساند مع الساعين اليه.
ومنذ فجر تاريخ البشرية تساندت الجماعات البشرية وتفاعلت وناصرت بعضها ولهذا كانت الخلاصة؛ الطيور على اشكالها تقع. وجاءت مقولة الامام علي؛ اعداءك ثلاث؛ عدوك وصديق عدوك وعدو صديقك.
وحلفائك ثلاث؛ صديقك وصديق صديقك وعدو عدوك.
منذ مطلع القرن الماضي اصبحت القضية الفلسطينية محورية في تحولات الاقليم والعالم ووسمته بسماتها وفي المعطيات المعاشة والتي اصبحت قاعدة حياة سياسية وتحالفات فلم تنهض قوة او امه تحررية الا وتبنتها وتعاملت معها كقضية جوهرية ومفصلية وقد جاء على لسان لنين في مؤتمر باكو لشعوب الشرق؛ تسعى الامبريالية لإقامة دول رأس جسر تعتمد عليها كليا لتامين مصالحها ومثلا عليه وعد بلفور. ولن تتحرر الامم وتقوم اممية عالمية حرة ما لم تتحرر كل امه على حدا وتبنت الاممية شعار يا عمال العالم ويا شعوبه المضطهدة اتحدوا. وقرر مؤتمر باكو لشعوب الشرق مناصرة التحررية العربية والفلسطينية باعتبارها محور ومسرح اشتباك اساسي مع الامبريالية.
في الوقائع عندما تخلت مصر عن القضية الفلسطينية تحولت الى مفعول بها بعد ان كانت محورية في عهد الناصرية واسهمت في تشكيل حركة عدم الانحياز العالمية. وعندما تبنت تركيا اردوغان وزاودت بالقضية الفلسطينية تحولت الى قوة اقليمية وازنه. وعندما تخلت عنها سقط حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية.
فالتزام ايران الثورة الاسلامية قضية فلسطين وتقديمها اولوية وتمويل واسناد مقاومة اسرائيل كان من طبائع الاشياء فلن تتحرر ايران وتكون سيدة وتنتزع مكانتها دون ان تساند فلسطين وقضيتها.
والصراع على الاقليم المؤسس والمحوري بل مصدر قوة وسبب صعود الامبراطوريات يستحيل دون الاشتباك مع القوى المهيمنة وقاعدتها المحورية اسرائيل الدولة المصنعة والممولة والمدعومة من القوى المهيمنة لتأمينها وتمكينها مع كيانات صنعت لخدمتها بناتج الحرب العالمية الاولى فأصبحت قضية فلسطين والتزامها من ايران صنو وشرط لتحررها وسيادتها واحتلالها مكانة في الاقليم والعالم.
الخلاصات؛
1- علاقة ايران الاسلامية بالقضية الفلسطينية علاقة جوهرية بنيوية في صلب وصميم تصميم ايران على استقلالها وسيادتها وتمكنها وحال تخليها عنها سيصيبها ما اصاب مصر وتركيا وتعود جمهورية موز واجير في تخديم مشروعات الغرب الاستعمارية.
2- لإيران مشروع قومي تحرري سيادي ولها مشروع اقتصادي اجتماعي فصاغت ثورتها اسلامية لا شرقية ولا غربية اي ذات طابع خاص ومن خارج السائد والنسق فبالضرورة هي مشتبكه ومستهدفة من القوى المهيمنة..
3- اسلاميتها تلزمها بتبني القضية المحورية وقضايا المنطقة فشعوبها واقعة تحت السيطرة الغربية والاستعباد والنهب وتجربتها استثنائية بالتمرد والصبر والتثبت والتحمل والسعي لامتلاك قرارها وشكلت نموذجا فارقا زاد من اهميتها ودورها سقوط الاتحاد السوفيتي وبلطجة امريكا كصفوة النظام الانجلو ساكسوني العدواني والمتوحش فأعطاها قيمة ومكانة اعلى بكثير من قدراتها ودورها ولو انها كانت سنية لتشكلت رافعة تغييريه غيرت العالم وبدلت قواعده وعناصره وتوازناته فشيعيتها تسببت في انهاض الكتلة الشيعية في العالم الاسلامي واستنهضتها وقد كانت مغلوبة ومضطهده ومفقرة فصار لها القوة والنفوذ والسطوة والمكانة وزاد في تمكنها ان شيعة لبنان على خط الاشتباك الوطني والقومي والاجتماعي فانتزع حزب الله مكانة محورية ومؤسسة في توازن القوى واسهم نوعيا في تمكين ايران واستحضار قوتها الضاغطة على رأس اسرائيل القاعدة المكلفة بتامين سيطرة الغرب على العرب والمسلمين.
4- من حق ايران ومن طبائع الاشباء وقواعد تطور الحياة ان تعتمد قاعدة الامام علي بالأصدقاء والاعداء فاستثمرت بالغزو الامريكي لأفغانستان والعراق وتلك نالت من سمعتها.
القصد؛ ايران مع فلسطين بحوافز مصلحية وانسجاما مع قواعد واليات تطور التاريخ البشري وقد زاد عليها طابعها الاسلامي والشيعي وهذه تسجل لها لا عليها.
ايران نجت وامنت نفسها واصبحت وانتزعت الاعتراف بها دولة اقليمية حاكمة وقادرة ودولة نووية وفضائية وصانعه لسلاحها وقادرة على فرض سيادتها ومصالحها في الاقليم والعالم وغدت ركن في نهوض اوراسيا على اعمدة ثلاث؛ ايران الصين وروسيا.
عند هذا الحد وفي واقع ازمة اقتصادية طاحنة للنظام الرأسمالي الانجلو ساكسوني في حقبة الليبرالية المتوحشة والمعولمة وبعد ان استحالت عليه اخضاع روسيا لنهبها وتامين معالجة الازمات وديمومة السيطرة العالمية وبسبب تفوق الصين وصعودها الصاروخي واستحالة اخضاعها ونهبا باتت امريكا ونظامها وعالمها الساكسوني المتوحش تستهدف تدمير ايران ولو اقتضى الامر نهاية قاعدتها إسرائيل التي باتت عاجزة ومكلفة ومشروع خاسر وغير مجدي ولابأس من تعطيل مصادر الطاقة الاحفورية من النفط والغاز في منطقة الخليج وتعطيل الممرات لتامين اضعاف الصين ورفع كلفة منتجاتها ولتامين الاقتصاد الامريكي والحؤول دون الانهيار بتامين اسواق للنفط والغاز الامريكي عال الكلفة والطريق الوحيد لتحقيق ذلك ازالة احد المنتجين الثلاث. فإما روسيا وقد فشلت الجهود والحصار وحرب اوكرانيا والعقوبات عن شطبها فاصبح الهدف هو نفط وغاز الخليج وهو ايسر وشطبه شرط شارط لإنقاذ امريكا وهيمنتها وعالمها ولإضعاف الصين.
هذا يفسر لنا عنتريات نتنياهو وهجوميته واوهامه بصياغة الشرق الاوسط المهمة التي عجزت عنها امريكا وهي تحتل افغانستان والعراق وتدمر اليمن وسورية وليبيا وتطلق عفاريتها.
كيف لنتنياهو ان يعيد هيكلة الشرق الاوسط بدون تدمير ايران واعادة اخضاع السعودية وقطع الحبل السري لصعود الصين بالطاقة الخليجية القريبة والرخيصة.
حرب تدمير ايران وتعطيل انتاج النفط والغاز الخليجي وطرق تجارته حاجة ماسة لأمريكا وقد كلف بها نتنياهو ولو ادت المهمة الى شطب اسرائيل وتصفية الوجود الامريكي الاطلسي في المنطقة.
فالحرب الجارية اتخذت صفة الابادة والتدمير من غزة الى اليمن ولبنان كما يبدو اشارة ودليل واختبار لما تريده الحكومة الخفية ولوبي العولمة لإيران والخليج.
فحربهم حرب تدمير لا حرب سيطرة واحتلال.
ايران على حد السكين اما تنقلب وتتخلى وتبيع فتستسلم ويسقط مشروعها الاسلامي الاستقلالي السيادي او ستضرب بقصد تدميرها وتعطل النفط والغاز لتعطيش السوق لقبول النفط والغاز الامريكي العالي الكلفة والسعر .
المعطيات حتى اللحظة تستبعد استسلامها وتسليم قيادها لنتنياهو وامريكا وتاليا فالمرجح انها ستنخرط للدفاع عن نفسها وبقائها وبانخراطها ستبقى قوة مساندة وتتحول الى قوة مقاتلة وعندما يتحقق هذا ستنتهي اسرائيل والمصالح والوجود الامريكي في المنطقة بسرعة ويتحقق وعد التحرير من البحر الى النهر.
ايران ليست ملزمة لكنها محكومة ومضطرة ودفاعا عن مصالحها بان تنخرط وتشتبك.
الاجدى ان تكون مبادرة ولا ان تعتمد قاعدة انتظار العدوان لترد ثم الرد على الرد .
فكسب الحرب ان تبادر ان تفاجئ ان تكون المبادئ.
ستفعلها ايران ردا على محاولات تدميرها او تبادر لتحمي سيادتها ومكانتها وليس من مفر.
فالحرب وجودية ومصيرية والهدف ايران وليس لبنان او حزب الله.
بيروت؛
٨/١٠/٢٠٢٤