اوكرانيا تغصّ بـ كورسك!
أضحوي جفال محمد*
للعملية العسكرية الاوكرانية داخل كورسك الروسية عدة اهداف لم يتحقق أي منها:
الهدف الاول والاهم هو إجبار روسيا على سحب قوات رئيسية من الشرق لمعالجة الوضع الجديد في كورسك. وبذلك يتوقف او يخف زخم الهجوم الروسي في الشرق. لكن روسيا لم تسحب قواتها من هناك وانما استغلت غياب القوات الاوكرانية المرسلة الى كورسك وزادت من تقدمها في الشرق.
الهدف الثاني بدء المفاوضات مع روسيا بصورة لا تبدو فيها مهزومة. فأن تلتئم المفاوضات وهناك جيش اوكرانيا داخل الارض الروسية يعطي انطباعاً ولو شكلياً بأن هناك قدراً من التوازن بين الطرفين. وكانت اوكرانيا قد وافقت مؤخراً وبعد طويل امتناع على العودة الى طاولة المفاوضات، وكانت الاستعدادات تجري من جانب وسطاء أبرزهم تركيا لاعادة التفاوض. الا ان روسيا عادت وامتنعت عن اجراء اي مفاوضات بعد عملية كورسك، وبذلك يسقط هذا الهدف وينقلب الى عكس غايته.
الهدف الثالث تقديم جرعة معنويات للجيش الاوكراني بعد أشهر ثقيلة من التراجعات المستمرة وتدني الروح القتالية. وربما تحقق شيء من ذلك خلال الايام الاولى. غير ان الانتصارات التي يحققها الروس في الشرق مع جمود الوضع في كورسك وكأن القوات الذاهبة الى هناك بلا غاية سوى اشغال دولتها عن الميدان الرئيسي في الشرق، كل ذلك يزعزع المعنويات اكثر ويقود الى كارثة اذا سقطت مدينة بكروفسك الاستراتيجية بيد الروس.
الهدف الرابع حض الداعمين على تقديم المزيد من الاسلحة عبر إثبات ان القوات الاوكرانية تحقق انتصارات. هنا نقول ان الداعمين الغربيين يعرفون مجريات الحرب تفصيلياً واستراتيجياً، ويدركون ان عملية كورسك بلا أفق استراتيجي، وأغلبهم يعتبرونها خطأً عسكرياً قاتلاً لأنها اضعفت الدفاعات الاوكرانية في الشرق دون ان تضعف الجيش الروسي المهاجم لها. العامل الاهم في موقف الاوربيين من دعم اوكرانيا هو الضبابية التي تلف الموقف الامريكي بعد الانتخابات، سواءً فاز ترامب او هاريس. لذلك خفضت المانيا مساعداتها الى النصف، وهي اكبر الداعمين الاوربيين. وهناك اوربيون كثار يعارضون الدعم اصلاً.
عدم قيام الروس بسحب قوات رئيسية من الشرق يعني أنهم غير مكترثين بالخرق في كورسك. لقد اوقفوا الاوكران عند حد معين بواسطة قوات احتياطية وحولوا كورسك الى ساحة استنزاف باهظة التكاليف. ومن المحتمل انهم لا يريدون للقوات الاوكرانية ان تنسحب من هناك في الوقت الحاضر. فهي أفضل القوات لدى زيلينسكي تم تحييدها عن الميدان الرئيسي للحرب وتعاني اوكرانيا من امدادها اليومي والمكلف والمحفوف بالمخاطر.
لقد فشلت عملية كورسك باعتراف القائد الاوكراني المخطط لها بقوله :(ان بوتين لم يبتلع الطعم). وبذلك يكون أفضل الخيارات امام الاوكران سحبها والعودة بها الى الشرق لتعزيز الدفاعات المتآكلة هناك. هذا اذا كان سحبها ممكناً بعد تورطها في جيب كورسك البعيد.
وفي كل الاحوال لن تستطيع فلولها اللحاق بمدينة بكروفسك الاستراتيجية حيث وصلت طلائع الزحف الروسي مسافة 30 كيلومتراً عنها فقط. وبسقوطها ينتج واقع جديد.
( اضحوي _ 1854 )
2024-09-03