اليون ماسك في كتاب!

رنا علوان
اصدر الكاتب البيوجرافيا الشهير [ والتر ايزاكسون ] مؤلّفه الجديد الذي يتناول فيه سيرة أحد أغنى رجال الاعمال في العالم ، كاشفًا معلومات شخصية عنه ، واسرار عدة حول حياته المُثيرة ، وذلك في الثاني عشر من سبتمبر 2023 ، عن دار نشر Simon & Schuster نيويورك ، ويقع الكتاب في 688 صفحة
وقد تداولت الصحافة العالمية أجزاء منه ، حيث لقي إهتمامًا بالغًا ، كون هذه الشخصية باتت اليوم بغنى عن التعريف ، لذلك حظي الكتاب ، بدعاية واسعة قبل صدوره
يتحدث الكتاب عن طفولة الملياردير ايلون ماسك الصعبة ومعاناته مع والده المتهكم ، صاحب المعاملة القاسية ،حيث أمضى ماسك سنوات من دون اللقاء بوالده ، وقد تعرض للضرب والتوبيخ في كثير من الأحيان ، ثم وافق على رؤيته عام 2016
وعن ذلك اللقاء ، ينقل عن أحد أصدقاء ماسك في الكتاب “كانت تلك المرة الوحيدة التي رأيت فيها يدَي إيلون ترتجفان”
وكتب آيزاكسن أن “ثمة أشخاصًا بعينهم ، يحتلون زاوية شيطانية في دماغ ماسك ، ويثيرون غضبًا باردًا لديه [ ووالده هو الأول بينهم ]
وأشار الكاتب إلى أن والد ماسك “ايرول ” يؤمن بنظريات المؤامرة ، ويصف الرئيس الأمريكي جو بايدن بـ”البيدوفيلي”، وقد أعلن مرةً أن “الشيء الوحيد الذي نحن هنا من أجله هو التكاثر فقط “
يصوّر والتر آيزاكسن ، إيلون ماسك ، على أنه شخصية معقّدة ومعذبة، تفتقد للقدرة على التواصل على المستوى الإنساني مع الأشخاص من حوله ، لا سيما زوجاته وأطفاله ، ومن يعملون في شركاته
لاسيما أنه قد بيّن الكثير عن شخصية ماسك وتقلباته المزاجية الحادة ، وقد اعترف ماسك نفسه لمؤلف الكتاب إنه يعتقد أنه مريض “باضطراب ثنائية القطب ، لكن لم يخضع للتشخيص مُطلقًا “
كما تحدث الكتاب عن مرحلة الطفولة الصعبة في حياة الملياردير الأميركي الذي ولد في جنوب إفريقيا ، وخصوصًا سن المراهقة التي قضاها تحت كنف والده ، وكيف كانت تحمل الكثير من الاستهزاء والإساءات اللفظية من للاخير ، حيث اعترفت شقيقته توسكا إن والده كان أحيانًا يُلقي محاضرات على أطفاله لساعات ، ويصفهم بأنهم عديمو القيمة ومثيرون للشفقة ويطلق تعليقات شريرة ، ولا يسمح لهم بالمغادرة
وكيف قال إيرول لابنه ماسك في عمر 17 عام إنه “لن ينجح أبداً”، فيما كان يستعد للسفر من جنوب إفريقيا إلى كندا للعثور على أقارب وتعليم جامعي
ويذكر لنا الكتاب مواهب الملياردير ماسك ، فقد تعلم رجل الأعمال الأميركي التنويم المغناطيسي عندما كان طفلاً وأقنع أخته أنها “كلبة”، بالإضافة إلى تعلمه كيفية القيام بالخدع السحرية وتنويم الناس حيث كان يحب قراءة الكتب وإجراء التجارب
كما أشار الكتاب إلى أن ايلون ماسك كان دائم التعرض إلى التنمر والمضايقات بإستمرار خلال فترة المدرسة ، لافتًا إلى أن ماسك حدّثه عن متلازمة أسبرغر ، التي شخصت إصابته بها ، وهي من أشكال التوحد
ومن الصفات التي يتسم بها الملياردير الأميركي وفق الكتاب انجذابه “إلى العاصفة والدراما”، إذ يخضع “لتقلبات عاطفية لا يمكن التنبؤ بها” تتجلى في الطريقة التي يدير بها الشركات التي يرأسها ، مستشهداً بأمثلة عدة على نوبات غضبه حيث يستشيط غضبًا عندما لا يحقق موظفوه توقعاته ، وقد لا يتردد في إذلالهم وطردهم إذا قاوموه
يقول الكاتب والتر إيزاكسون انه حظي بميزة التعرف على ماسك عن قرب على مدى عامين كاملين ، تحدث خلالهما مع ماسك يومياً بل وحضر اجتماعات العمل العامة والسرية وشارك في مناسبات عائلية لماسك مع أطفاله
وتروي شريكة حياة ماسك السابقة المغنية غرايمز للكاتب أن الملياردير ينتقل إلى “الحالة الشيطانية” عندما يعبّر عن انزعاجه
كما ويكشف إيزاكسون أن للفنانة الكندية طفلًا ثالثًا من إيلون ماسك من خلال الحمل لفائدة الغير ، فيما لم يسبق للشريكين السابقين حتى الآن أن أفصحا سوى عن طفلين
وبذلك ، يرتفع عدد أبناء إيلون ماسك الأحياء المعروفين إلى عشرة ، بينهما اثنان من مسؤولة في شركته “نيورالينك” تبرّع لها بحيوانات منوية
وتحدث ماسك عدة مرات عن حاجة الناس إلى إنجاب المزيد من الأطفال حيث قال العام الماضي “إن الانهيار السكاني بسبب انخفاض معدلات المواليد يشكل خطرًا أكبر بكثير على الحضارة من الاحتباس الحراري”
كما أشار إلى رغبته في زيادة عدد سكان العالم كتفسير لوضعه العائلي الفريد ، فيما ذكر مؤلف السيرة الذاتية إيزاكسون أن ماسك شجع الموظفين مثل شيفون زيليس ، أحد كبار مسؤولي العمليات في شركته “نيورالينك”، على إنجاب العديد من الأطفال
اما عن شرائه لتويتر ، فسّر إيزاكسون ذلك بوجود عادة سيئة عن الرجل تتمثل في “قضم أكثر مما يستطيع مضغه”، فبعد معركة قانونية مطولة حول قراره بشراء تويتر ، قال ماسك إنه استعاد حماسه للاستحواذ على الشركة عندما أدرك أنه يريد منع عالم ينعزل فيه الناس في غرف الصدى الخاصة بهم ويفضلون عالماً من الخطاب المدني
اما سبب موقفه من روسيا وفقًا للكتاب ، حاول أعضاء فريق ماسك ، مثل مدير أعماله جاريد بيرشال ومحاميه أليكس سبيرو وشقيقه كيمبال ، منع ماسك من إرسال رسائل نصية أو تغريدات يمكن أن تخلق مخاطر قانونية أو اقتصادية
في عام 2002، سافر إلى العاصمة الروسية للتفاوض على شراء صواريخ لمهمته المقترحة إلى المريخ لشراء صاروخين من طراز “دنيبر” مقابل 18 مليون دولار ، لكن السعر الذي طلبه الروس كان في الواقع 18 مليون دولار لكل صاروخ من الصاروخين
وعندما رفض ماسك السعر ، قام الروس بزيادة العرض إلى مبلغ 21 مليون دولار لكل صاروخ ، وسخر أفراد الجانب الروسي من الملياردير الأميركي قائلين: “أوه أيها الصبي الصغير، ليس لديك المال؟”
بعد أسابيع من الاجتماع في موسكو ، واصل ماسك خطواته لتأسيس شركة “سبيس إكس”، وهي شركة الفضاء الجوي وشركة إطلاق الصواريخ التي تهدف إلى جعل السفر إلى الفضاء والنقل بين الكواكب في متناول الجماهير ، وهي الشركة نفسها التي أفادت التقارير الاقتصادية ، اعتبارًا من شهر يوليو، أن قيمتها تبلغ حوالي 150 مليار دولار
في موازاة ذلك لعبت وحدة الاتصالات عبر الأقمار الصناعية التابعة لماسك، “ستارلينك”، دورا رئيسيًا في دفاع أوكرانيا ، عندما أدى هجوم إلكتروني روسي إلى شل شبكة اتصالات الأقمار الصناعية الأوكرانية قبل ساعة من بدء العملية العسكرية الروسية إذ تدخل ماسك بعد نداء للمساعدة من المسؤولين الأوكرانيين
إلا أن ماسك، في الوقت نفسه، طلب من مهندسيه “إيقاف تغطية ستارلينك” التي كانت ستسهل هجومًا بواسطة غواصات مسيرة على البحرية الروسية في قاعدة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم خوفًا من التصعيد ، وما يمكن تفسيره بأنه تواطؤ من قبل “سبيس إكس” في عمل كبير من أعمال الحرب وتصعيد الصراع
وتقدّر قيمة شركات ماسك حاليًا بأكثر من تريليون دولار، ويبني المهندسون العاملون فيها ، من بين أمور أخرى، سفن فضاء قابلة لإعادة الاستخدام ، وروبوتًا بشريًا ، وهايبرلوب للنقل السريع ، وشرائح إلكترونية تُزرع في أدمغة البشر
كما تعمل إحدى شركاته، نيورالينك ، في صناعة ناشئة تُعرف بـ”الواجهة الحاسوبية للدماغ”، وهي عبارة عن نظام يفك شفرة إشارات الدماغ ويترجمها إلى أوامر للأجهزة الخارجية، فيما تسعى شركته الأخرى، سبيس إكس، إلى جعل المجتمع البشري “متعدد الكواكب “
ختامًا ، بعد انتهى الكاتب من صدد تحضير المُجلد هذا ، وبعد مدة عامين من ملازمة الملياردير ماسك اليومية ،جمعها في سؤال واحد ، [ هل الشياطين التي تدفع ماسك إلى الابتكار والتقدم؟! ]
2023-09-17