الهوية المزراحية في إسرائيل تهيمن في بعض المجالات، واليهود الأشكناز يواجهون عدم المساواة!
أجرت المقابلة: شاني ليتمان- ترجمة غانية ملحيس
فيما يلي ترجمة لمقال مهم يتضمن مقابلة مطولة أجرتها الباحثة والكاتبة شاني ليتمان مع الدكتور جاي أبوتبل سيلينجر عالم الاجتماع والأستاذ في كلية الإدارة بجامعة تل أبيب، ونشرته في صحيفة هآرتس الاسرائيلية/ الطبعة الإنجليزية/ بتاريخ 19/5/2023.
المقال /المقابلة / بالغ الأهمية. ويحتاج إلى قراءة تحليلية معمقة تفوق قدرة التقديم الموجز الذي اعتدته للمقالات المترجمة. ويستدعي التفاعل بالتعليق خصوصا من قبل الخبراء الفلسطينيين داخل مناطق 1948، لإحاطة القارىء الفلسطيني والعربي بحقيقة التغيرات التي طرأت على مراكز القوى الديموغرافية والحزبية اليهودية في المستعمرة الصهيونية بفلسطين. وانعكاساتها السياسية الداخلية والخارجية عموما، وعلى تطور الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي خصوصا. وما يستوجبه ذلك فلسطينيا من توظيف المعرفة في إحداث تغييرات في السياسات والمناهج والأدوات والتحالفات المحلية والإقليمية والدولية لتعظيم الفرص ودرء المخاطر .
ولتعزيز الفهم وإزالة الالتباس . قد يكون من المفيد قبل تناول أهم المحاور التي تضمنها المقال /المقابلة/. توضيح بعض المصطلحات ذات العلاقة بتصنيف المكونات اليهودية داخل المستعمرة الصهيونية- بالاعتماد على المعلومات المتاحة على الشبكة العنكبوتية- بالرغم من التنوع الهائل لأصول المستوطنين اليهود في المجمع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، الذين تم استقدامهم من كافة بقاع الأرض / يستثنى يهود فلسطين- السامريون الذين يقيمون في مدينة نابلس ومنطقة حولون بالقرب من يافا/ ، ويشكلون جزءا من نسيج المجتمع الفلسطيني.
يتم تمييز يهود المستعمرة الصهيونية عرقيا ضمن ثلاث فئات :
1- اليهود الأشكناز: وهم اليهود من أصول أوروبية/ الذين انتقل غالبيتهم من الإمبراطورية الرومانيه أواخر العصور الوسطى ومطلع عصر النهضة(بسبب الاضطهاد الديني الذي فاقمته تداعيات الثورة الصناعية) إلى شرق أوروبا والمناطق التي أصبحت لاحقا جزءا من الكومنولث البولندي الليتواني، وضم أجزاء من بيلاروسيا الحالية ولاتفيا وليتوانيا ومولدوفا وبولندا وروسيا وأوكرانيا. وقادوا خلال القرنين الثامن والتاسع عشر الميلادي، مع من بقي منهم في أوروبا الغربية، عملية إعادة توجيه ثقافي، تحت تأثير الثورة الفرنسية والهاسكلاه(حركة التنوير اليهودية) . ودعوا إلى تبني قيم عصر التنوير، وبدؤوا الاندماج في المجتمع الأوروبي. الذي تعثر لاحقا بفعل تطورين رئيسيين:
– تصاعد المد القومي والعنصرية الأوروبية واحتدام التنافس داخل المجتمعات الأوروبية، وبينها. وسعيها للتوسع الاستعماري خارج حدودها.
– توجه القوى الرأسمالية اليهودية الأوروبية والأمريكية /التجارية والمالية/والحاخامات، إلى إنشاء مركز جغرافي مسيطر خاص باليهود، يخلصهم من الاستهداف العنصري في مواطنهم، ويعزز مواقعهم التفاوضية مع القوى الدولية المتنفذة. وقيامهم بإنشاء الحركة الصهيونية كإطار تمثيلي حصري لليهود لتحقيق ذلك.
وبالنظر الى تقاطع المصالح بينهما ، فقد وافقوا على التعاون سويا لبلوغ أهدافهم ، واتفقوا على إدراج المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني الخاص بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، في المشروع الاستعماري الغربي العام للاستيلاء على إرث الإمبراطورية العثمانية. فتم دمجه باتفاقات سايكس – بيكو عام 1916. وتعهدت بريطانيا في وعد بلفور بالشروع بتنفيذه. وتم تضمينه في معاهدة فرساي لعام 1920، التي استهدفت بها القوى الدولية المنتصرة في الحرب الكونية الأولى إعادة هندسة العالم. وانتدب النظام الدولي المستحدث بريطانيا لتوفير المستلزمات البنيوية الجغرافية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والقانونية لاستبدال فلسطين بإسرائيل، واستبدال شعبها العربي الفلسطيني بالمستوطنين اليهود. فتم تهجيرهم إلى فلسطين في موجات متتالية. غير ان الغالبية الساحقة تم تهجيرها خلال سنوات الحرب العالمية الثانية،عبر توظيف المجازر النازية، وإغلاق الحدود الأوروبية والأمريكية أمام الفارين اليهود، وتنظيم نقلهم إلى فلسطين لإعادة توطينهم فيها.
وقد تحمل اليهود الأشكناز عبء إنشاء وتأسيس المستعمرة اليهودية في فلسطين فوق أنقاض الشعب الفلسطيني، بمساعدة ودعم المجتمع الدولي.
2- اليهود المزراحيون : وهم اليهود من أصول عربية وإسلامية/ شرق أوسطية/ العراق وسوريا ولبنان وفلسطين ومصر وليبيا واليمن وايران وتركيا وباكستان وأفغانستان إلخ، وقد شكلوا على امتداد العصور جزءا من النسيج المجتمعي لشعوبها.
3- اليهود السفارديم : تعود أصولهم ليهود أيبيريا واسبانيا والبرتغال، الذين طردوا في القرن الخامس عشر الميلادي، بعد سقوط الحكم الإسلامي في الأندلس، واستوطنوا في شمال إفريقيا وآسيا الصغرى، والمناطق التي تخضع لسيطرة الإمبراطورية العثمانية.
وغالبا ما يتم الخلط بينهم وبين اليهود المزراحيين لاندماجهم مع شعوب المنطقة، وتشاركهم العيش تحت الحكم الإسلامي. ويصنف اليهود المزراحيين والسفارديم معا كيهود شرقيين، لتمييزهم عن اليهود الغربيين/ الأشكناز/ . وكانت علاقاتهم بمحيطهم العربي والإسلامي وثيقة، قبل ظهور الحركة الصهيونية.
وبعد إنشاء المستعمرة الصهيونية وفقا للنسق الغربي، تواطأت الحركة الصهيونية مع الأنظمة العربية والإسلامية التي كانت قد نصبتها القوى الاستعمارية الغربية على الأقطار المستحدثة بعيد العالمية الأولى. وتعاونوا سويا في مطلع خمسينيات القرن الماضي لاقتلاع اليهود من أوطانهم وتهجيرهم إلى فلسطين، بغية توفير الاحتياجات الديموغرافية اليهودية الضرورية لاستمرار المستعمرة الصهيونية المستحدثة، بعد عزوف يهود أوروبا /الأشكناز / عن الهجرة إلى فلسطين وتفضيلهم الاستقرار في امريكا الشمالية وأستراليا وأوروبا. وبذلك، نجحت الحركة الصهيونية/ الاشكناز/ في زرع بذور الفتنة والكراهية والصراع ، وصوغ هوية يهودية حول كراهية العرب .
أما دينيا، فيتم التمييز بين :
1- اليهود الحريديم وهم اليهود المتدينين / الأصوليين/ من مختلف الأعراق /أشكناز ومزراحيين وسفارديم / الذين يطبقون الطقوس الدينية ويعيشون حياتهم اليومية وفق التفاصيل الدقيقة للشريعة اليهودية “الهالاكا “ويسعون لتطبيقها في دولة إسرائيل.
2- اليهود العلمانيون : رغم أن مبدأ العلمانية هو فصل الدين عن الدولة، وفصل السلطة ومؤسساتها السياسية عن السلطة الدينية. وإدارة حياة البشر وعلاقاتهم البينية ومع الخارج وفقا لاتفاقات وقوانين وضعية ينظمها التوافق بين القوى المجتمعية داخل الدول ، وبينها وبين الدول الأخرى.
إلا أن العلمانية اليهودية تنفرد عن غيرها، بأنها علمانية في سياق يهودي خاص. بمعنى أنها تتبني الدين اليهودي كدين رسمي للدولة. وكمحدد لحدودها الجغرافية. ولحقوق مواطنة حصرية تمتد ليهود العالم قاطبة، وتستثني مواطنيها من السكان الأصليين غير اليهود. وتتمتع فيها السلطات الدينية بصلاحيات واسعة في التعليم وتنظيم الحياة الاجتماعية لمواطنيها.وتسهم الأحزاب الدينية التي تحتكم للشريعة اليهودية بصنع القرار في الدولة.
يركز المقال / المقابلة/ على اليهود المزراحيين كرديف لليهود الشرقيين. ويشير إلى التحولات الجوهرية التي طرأت على موقعهم في موازين القوى داخل المستعمرة الصهيونية خلال العقود الأربعة الماضية. وتزايد تأثيرهم في عديد المجالات، ما ينفي الصورة النمطية عنهم، باعتبارهم ضحايا وموضع للتمييز العنصري في المجمع الاستيطاني، كما كانوا خلال العقدين الأولين لتأسيس الدولة، باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية. ويمكن تلخيص أبرز ما تناوله المقال /المقابلة/ بما يلي :
أولا: ارتباط ارتقاء اليهود الشرقيين في السلم الاجتماعي الإسرائيلي بالاحتلال الإسرائيلي المستجد في العام 1967، الذي أتاح دخول قوة العمل الفلسطينية من الأراضي حديثة الاحتلال لسوق العمل الإسرائيلية، لشغل الوظائف المتدنية منخفضة الأجر. ما سمح لليهود الشرقيين بالارتقاء للطبقة المتوسطة. وأسهم في تقليص الفجوات الواسعة التي كانت تفصلهم عن الأشكناز في مستويات الدخل والتعليم وأنماط العيش والاستهلاك.
وتغير الوضع بشكل متنام منذ سيطرة الليكود على الحكم عام 1977، الذي أطاح بالعديد من الحواجز التي كانت تقف أمام اليهود الشرقيين في السياسة الوطنية والبلديات والاقتصاد. وحل التفاوت الطبقي بين أفراد الطبقة الدنيا في المجموعتين / الغربية والشرقية/ محل التفاوت العرقي . ما يدحض بالتالي الذرائع المستخدمة لتبرير “الإصلاح القضائي” برفع الظلم عن الضحايا /اليهود الشرقيين/.
ثانيا : تنامي الانتماء لدى اليهود الشرقيين وتزايد ثقتهم بأنفسهم واعتزازهم بهويتهم الثقافية المزراحية مقابل الهيمنة الأشكنازية . والتدليل على ذلك من خلال تحليل الطبقة الوسطى المزراحية – التي بات ينتمي إليها نحو ثلثي يهود إسرائيل الشرقيين، والتمييز بين فئاتها الثلاث:-
الأولى : التي تعيش في المدن الكبرى واندمجت كليا مع الأشكناز وباتت جزءا منهم .
الثانية : التي تسكن في مدن الضواحي بالمركز، وتعتز بخصوصيتها وهويتها الثقافية المزراحية في مواجهة الثقافة الأشكنازية المهيمنة.
الثالثة : التي تسكن الأطراف، وأنشأت هوية مزراحية قوية، هوية إسرائيلية بديلة واثقة من نفسها.
ثالثا : تزايد قوة اليهود الشرقيين وتنامي تأثيرهم في عملية صنع القرار التشريعي والتنفيذي الذي يدلل عليه الارتفاع الكبير في عدد ممثليهم في الكنيست. 53 عضوا من بين 120 ( 44%) ، و19 وزيرا من بين 32 (نحو60 %).فضلا عن زيادة تمثيلهم في البلديات (60%) والنقابات، والإعلام، بما يفوق وزنهم النسبي إلى إجمالي السكان( 35%).
رابعا: استمرار هيمنة الأشكناز في الأوساط الأكاديمية والقضاء والمحكمة العليا وبعض قطاعات سوق العمل.
خامسا : اقتناع اليهود الشرقيين بأن أحزاب اليمين أكثر قدرة من اليسار الليبرالي والعلماني على حماية المصالح اليهودية والحفاظ عليها.
سادسا : وجود إجماع بين مستوطني المستعمرة الصهيونية من مختلف الأعراق/ الاشكناز والمزراحيين والسفارديم / وبين العلمانيين والمتدينين، اتجاه استمرار الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967. وعدم صحة تمايز مواقف المحكمة العليا – التي تصدر أحكاما ليبرالية في مجالات معينة- عن مواقف اليمين العنصري . يدلل على ذلك عدم إلغائها لقانون الدولة القومية لعام 2018، وتعزيزها الاستيطان اليهودي، وتأييد حروب الإبادة والتطهير العرقي والتهويد في النقب والمدن المختلطة والقدس والضفة الغربية. ومصادقتها على قرارات هدم البيوت الفلسطينية واقتلاع السكان .
سابعا : اختلاف رؤية اليهود الشرقيين للعالم عن الأشكناز. وللعلاقات مع الأطراف الخارجية، وإيلائهم الأولوية القصوى للحفاظ على مصالح الجماعة اليهودية وتفوقها على الأغيار، ومنحها الأفضلية عند الاختلاف مع القانون الدولي والإنساني، وعند تباين المواقف مع الحلفاء .
ثامنا : أغلب الظن أن الانحياز الامريكي في الصراع المحتدم بين القوى العلمانية الاسرائيلية/ الأشكناز / وبين الائتلاف اليميني الديني، وثيق الصلة بتراجع التأثير للعرق الغربي / الأشكنازي/ على عملية صنع القرار في المستعمرة الصهيونية. وبالاستقلالية النسبية لليهود الشرقيين في رؤيتهم للعالم ، وصوغ سياساتهم الداخلية والخارجية وفقها .
عنوان المقال: ” الهوية المزراحية في إسرائيل تهيمن في بعض المجالات ، واليهود الأشكناز يواجهون عدم المساواة
يقول عالم الاجتماع جاي أبوتبل سيلينجر ، إن الجدل حول إسرائيل الأولى وإسرائيل الثانية عفا عليه الزمن. انظر حولك: معظم وزراء الحكومة من المزراحيين. ومعظم رؤساء البلديات من المزراحيين، والنساء المزراحيات من الطبقة الوسطى يكسبن أكثر من نظرائهن من الأشكناز
شاني ليتمان
19/5/2023
هآرتس
مثل معظم الأشخاص الذين التقى بهم الدكتور جاي أبوتبل سيلينجر، وقعت أيضا في الفخ وسألته عن سبب وجود لقبين له. هذا نادر بين الرجال الإسرائيليين. وأكثر من ذلك في حالته، حيث يبدو أن الإسم المزدوج جاء من إحدى دراساته حول العلاقات بين الأشكناز – والمزراحيين في إسرائيل – كلاهما من أبوتبل وسيلينجر.
يقول بابتسامة: “إنهما اسمان نمطيان في السياق العرقي، لذلك يسألونني دائما عن ذلك”. “في مقابلتين تلفزيونيتين قمت بهما ، أحدهما مع أفري جلعاد والآخر مع هاني زبيدة – اثنان من المحاورين مختلفين تماما – كان سؤالهما الأول:” ماذا عن الإسمين غير المرتبطين ؟ “
هذا التساؤل ، كما يقول بلطف ، يشهد على نقطة انطلاق المستجوبين العنصرية ، سواء كانوا أشكناز أم مزراحيين. “ماذا يقول السؤال في الواقع؟ أنهما اسمان لا ينتميان إلى بعضهما البعض “.
ومع ذلك ، يشرع في الشرح. “أنا جاي أبوتبل وتزوجت دانا سيلينجر التي أخذت اسم أبوتبل ، ومن منطلق المساواة بين الجنسين أخذت اسم سيلينجر. عندما ذهبت إلى وزارة الداخلية لتسجيل تغيير الاسم ، أخبرتني الموظفة أنه في إسرائيل يمكن للنساء فقط إضافة إسم شريكهن إلى إسمهن . لكنني علمت أن هذا لم يكن صحيحا.لذلك طلبت منها التحقق مرة أخرى. اتصلت بمدير المنطقة ، وأذن لها بإضافة الإسم إلى إسمي “.
يقول جاي أبوتبل سيلينجر إن الموقف تجاه لقبه المزدوج يعكس خطأ جوهريا ومبدئيا أكثر بكثير حول وضع المزراحيين في إسرائيل – اليهود المنحدرين من الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا -.
في الواقع ، لديه بعض الأشياء غير التقليدية ليقولها حول هذا الموضوع. الأشياء التي قد تثير غضب الناس عبر مجموعة كاملة من المقاربات للقضية: من أفيشاي بن حاييم على اليمين ، إلى نشطاء قوس قزح الديمقراطي المزراحي على اليسار.
يقول جاي أبوتبل سيلينجر : ” ما يزال الخطاب عالقا في صورة المزراحيين كضحايا”. “ما يزال هناك تصور بوجود تفاوت كبير ، وبأن المزراحيين موضعا للتمييز ، كما حدث قبل ثلاثة وأربعة عقود. إلا أن واقعا عرقيا جديد تماما قد نشأ. هذا التصور القديم للمزراحيين يشكل خطأ جسيما ، الذين هم في الواقع مجموعة أصبحت في فترة قصيرة نسبيا – بعد خمسة أو ستة عقود من وصولها إلى الفضاء الإسرائيلي – متحركة للغاية وقوية ومهيمنة “.
توصل جاي أبوتبل سيلينجر إلى هذا الاستنتاج بعد تحليله للطبقة الوسطى المزراحية في إسرائيل على عدة مستويات مختلفة، والتي قسمها إلى ثلاث مجموعات :
– المجموعة الأولى مندمجة مع الطبقة المتوسطة الأشكنازية المخضرمة في المدن الكبرى وهي عمليا تعرف بإسم الاشكناز .
– المجموعة الثانية من الطبقة الوسطى المزراحية تعيش في مدن الضواحي المحيطة بتل أبيب – ريشون لتسيون ، يافنيه ، رحوفوت، حولون. وهذه مجموعة تعتبر هويتها المزراحية مهمة ، وهي تخلق بديلا ثقافيا قويا للثقافة الأشكنازية المهيمنة.
– المجموعة الثالثة من الطبقة المتوسطة في المدن الواقعة على الأطراف، مثل أشدود وعسقلان وكريات جات. لقد أوجدت ثقافة مزراحية قوية، اتخذت الهوية التي كان يُنظر إليها في الماضي على أنها عدوانية وذكورية وعنيفة، وحولتها إلى هوية رائعة قوية وأصيلة ودافئة وسعيدة. على عكس الهوية الأشكنازية، التي يُنظر إليها على أنها انطوائية وباردة ومنفصلة. إنها هوية إسرائيلية بديلة غير اعتذارية، وواثقة جدا من نفسها “.
الخطاب الحالي الذي يستخدم مصطلح “إسرائيل الأولى” و “إسرائيل الثانية” منفصل عن ذلك الواقع الاجتماعي. “في بعض المجالات، من الممكن الحديث عن المزراحيّة الجديدة على أنها مهيمنة، كمجموعة قوية، مسيطرة . ربما حان الوقت للحديث عن حقيقة أن الأشكناز هم الذين يتعين عليهم التغلب على عدم المساواة الذي يتجلى تجاههم.
لا يدعي جاي أبوتبل سيلينجر أن الهوية المزراحية أصبحت مهيمنة في جميع مجالات الحياة “. ويقول أن الهوية الأشكنازية ما تزال مهيمنة في الأوساط الأكاديمية وسوق العمل. لكننا لم نعد نعيش نفس الواقع العرقي الذي كنا نعرفه في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. فالمزراحيون اليوم ليسوا ضحايا، بل هم مجموعة مسيطرة. ومن خلال التصويت لليكود، كانوا يسيطرون على إسرائيل خلال العقود الأربعة الماضية. وفي هذا السياق، فإن ادعاء أفيشاي بن حاييم “- الصحفي والكاتب المؤثر “حول الأرثوذكسية المتطرفة – أن المزراحيين هم” إسرائيل الثانية “ومظلومون، وأن هذا ما يفترض أن يبرر الإصلاح القضائي، يفتقر إلى أساس واقعي. إنها ليست موضوعية ولا تجريبية “.
شاني ليتمان : هل تدعي أنه لا يوجد ظلم وتمييز؟
جاي أبوتبل سيلينجر : بالطبع، ما يزال هناك عدم مساواة في مختلف المجالات. نرى أنه ما يزال هناك تمثيل كبير للمزراحيين في الكليات مقارنة بالجامعات البحثية، ونرى خطوطا جغرافية وإثنية :
هناك هيمنة مزراحية في محيط البلاد، مقابل هيمنة الأشكناز في المركز. لكن الادعاء بأن الصورة هي صورة سيطرة وهيمنة مطلقة أشكنازية أمر غير صحيح على الإطلاق “. على سبيل المثال ، ما تزال التفاوتات في الرواتب قائمة بين الرجال الأشكنازيين والمزراحيين، لكنها تتقلص وقد .“ أظهرت الخبيرة الاقتصادية مومي دهان كيف نجح المزراحيون في تقليص فجوات الدخل. بين عامي 1992 و 2007 ، وأنهم قاموا بتقليص الفجوة بنسبة 1 % سنويا. وعلى مدار 15 عام، قاموا بتقليص الفرق بنسبة 15 %. من الناحية الاجتماعية، هذا معدل مذهل “. واليوم، فإن الفروق في الرواتب موجودة بشكل أكبر بين أفراد الطبقة الدنيا في المجموعتين.
ويضيف : ينتمي ما لا يقل عن ثلثي المزراحيين إلى الطبقة الوسطى، والأغلبية لا تعيش في الأطراف. ووفقا لدراسة نشرها مؤخرا باحثون من جامعة تل أبيب. يتضح أنه”داخل الطبقة الوسطى نفسها ليس من المهم أن يكون الشخص مزراحي أو أشكنازي – فهذا لا يؤثر على مستوى رواتبهم. والشخص المزراحي الذي يعيش في الخضيرة أو جفعتايم لديه نفس احتمالات النجاح والترقي مثل الأشكنازي “.
ويستطرد : كانت النتائج أكثر إثارة للإعجاب بين النساء في الطبقة الوسطى، “لقد أغلقت النساء الشرقيات تماما الفجوة في مواجهة النساء الأشكناز – في الواقع إنهن يكسبن أكثر”. قد يكون أحد التفسيرات لذلك هو أن النساء الشرقيات يملن إلى الالتحاق بالكليات أكثر من نظرائهن الأشكناز ، وهناك يكتسبن مهنا عملية ، في حين تميل النساء الأشكناز أكثر نحو العلوم الإنسانية في الجامعات، مما يؤدي بهن إلى مهن أقل أجرا. وأظهرت دراسة أخرى أن النساء الشرقيات يتفوقن أيضا على النساء الأشكناز في معدل الالتحاق بالمدارس الثانوية: 96% من الشرقيات يلتحقن بالمدرسة الثانوية مقارنة بنسبة 91% من الاشكناز .
ووفقًا لأبوتبل سيلينجر ، من المفيد التمييز بين الحقول التي ما يزال الأشكناز مهيمنين فيها ، مقابل تلك التي تظهر هيمنة المزراحيين. ويشير إلى أن المجال الأبرز في هذا السياق هو السياسة الوطنية والمحلية.
“كان هناك ارتفاع كبير في عدد أعضاء الكنيست المزراحيين ، أي أولئك الذين وصل آباؤهم من دول عربية أو إسلامية، وكذلك في عدد الوزراء الشرقيين. لدرجة أنهم أصبحوا مهيمنين عدديا. اليوم هناك ما لا يقل عن 53 عضو كنيست من أصل شرقي. ومن بين 32 وزيرا ، هناك 19 من المزراحيين (حوالي 60 %). إذا نظرت إلى الكنيست كما كانت في السبعينيات والثمانينيات، ستفهم مدى التغيير. حتى الآن تجاوزت نسبهم بالفعل الوزن النسبي للمزراحيين من سكان إسرائيل ، والتي تبلغ 35%. لذلك من الممكن بالتأكيد التحدث عن الهيمنة “.
شاني ليتمان : لكن هذا كله نتيجة لوجود الليكود في السلطة. في الحكومة السابقة كانت هناك أقلية صغيرة من الوزراء الشرقيين.
جاي أبوتبل سيلينجر : أطاح صعود الليكود بالعديد من الحواجز التي كانت موجودة في السياسة الوطنية والبلدية، وكذلك في الاقتصاد. لذا فإن الليكود لديه نصيب كبير من ذلك بالطبع. لا شك في أن الليكود حزب مزراحي، سواء من حيث ناخبيه أو من حيث أعضاء الكنيست والوزراء. وفي المجال البلدي ، منذ عقد من الزمان، كانت هناك دراسة تظهر أن نسبة رؤساء البلديات ورؤساء المجالس المحلية من أصول مزراحية تجاوزت 60%، ومنذ ذلك الحين تنامى هذا الاتجاه. “عندما ننظر إلى رؤساء النقابات الكبيرة ، نجد أيضا المزيد من المزراحيين أكثر مما كان في الماضي، بما في ذلك بنحاس عيدان ، رئيس نقابة عمال هيئة المطارات الإسرائيلية، ويافا بن دافيد ، الأمين العام لنقابة المعلمين في إسرائيل. في الماضي، كانت كلتا المنظمتين تحت سيطرة الأشكناز “.
في عالم الموسيقى الشعبية أيضا،الحقائق تتحدث عن نفسها. تصدرت في العام 2022 قائمة الفنانين الأكثر حضورا في الإذاعة الإسرائيلية. سبعة مطربين من الموسيقيين الشرقيين، واحدا تلو الآخر :
إيال جولان، عمر آدم، شلومي شبات، إيدن حسون، موشيه بيرتس، ليئور نركيس ودودو أهارون.
في المركز الثامن كان الأشكنازي شلومو أرتزي ، يليه في المرتبة التاسعة مزراحي: حاييم موشيه، مع أريك أينشتاين في المركز العاشر.
اختفى التمييز من قبل المحطات الإذاعية تماما، وهو الأمر الذي كان قد اشتكى منه مغنيوا المزراحيين، بحق، في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.
توفي أريك أينشتاين في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 ، وقبل أقل من شهر بقليل توفي الحاخام عوفاديا يوسف الزعيم الروحي لحزب شاس. شارك حوالي 7000 شخص في تشييع أريك أينشتاين ، الذي كان موجودا في ساحة رابين في تل أبيب. فيما حضر ما يقرب من 800000 شخص جنازة الحاخام يوسف. أتذكر المقالات في الصحف التي تساءلت عما يجري هنا. كان هناك إدراك بحدوث تغيير جذري حقيقي في المجتمع الإسرائيلي “.
شاني ليتمان : هل يحدث التغيير الجوهري الثقافي في مناطق أخرى غير الموسيقى الشعبية؟
جاي أبوتبل سيلينجر : “العديد من نجوم برامج تلفزيون في الواقع هم أيضا من المزراحيين. فجأة لديك نينت طيب،وشيري ميمون، وهاريل سكعات، وإليراز سعد. إنهم جزء من الثقافة الشعبية ، وبالتالي فإن هذا مهم للغاية.
على “الأخ الأكبر”( أحد برامج المسابقات الواقعية التلفزيونية الأمريكية المبنية الذي اخذ اسمه من الشخصية في رواية جورج أورويل عام 1949 / توضيح المترجمة)، هناك استهزاء حقيقي بهوية الأشكنازي الضعيفة في تل أبيب. الثقافة المزراحية هي المسيطرة إلى حد كبير هناك. لقد أصبحت مهيمنة جدا في مكانين.
الأول : في المدن شبه المحيطية – غرب ريشون لتسيون ، يافنيه ، روش هعاين ، أشدود ، كريات جات – حيث نرى ترسيخا لثقافة مزراحية قوية ترى نفسها بشكل إيجابي.
الثاني: كما أشرت في بحثي ، هي ثقافة الشباب. هناك أماكن يفضل فيها شباب الطبقة الوسطى في وسط إسرائيل أن “ينظروا إلى أنفسهم على أنهم مزراحيون “.
نتائج بحثه التي قدمها جاي أبوتبل سيلينجر في مقال في الكتاب المنشور مؤخرا باللغة العبرية “الصدى العرقي في المركز الإسرائيلي”، وهو مجلد قام بتحريره أيضا . يحلل مواقف الشباب تجاه هويتهم الأشكنازية والمزراحية. ويوضح كيف يمكن للحدود الجغرافية أن تقود المراهقين إلى تكوين هوية مزراحية قوية. هناك أماكن تبرز فيها هذه الظاهرة بشكل خاص ، مثل موشاف منطقة شارون شمال تل أبيب، والتي تتميز بالأصل العرقي لسكانها : الموشاف اليمني ، والموشاف الكردي ، والموشاف الأشكنازي. لكن أبوتبل سيلينجر ، الذي شارك في كتابة المقال مع الدكتور أفراهام شنايدر ، يوضح أنه في نظر المراهقين ، تعتبر هذه الهوية على وجه التحديد اليوم تمكينية وأقوى. “في ثقافة الشباب ، تم تغيير قوانين الإثنية تماما. ليس هذا ما نعرفه عن المزراحيين والأشكناز من فترات أخرى. في هذا السياق ، العرق هو في الواقع مصدر للتحرر والسلطة والترقي – إنه يضخ القوة. “المزراحي” هو زعيم الأحزاب، إنه الشخص المتحرر المهيمن “.
لكل هذه الأسباب، يلخص أبوتبل سيلينجر: أطروحة إسرائيل الثانية لم تعد ذات صلة بالوضع الإسرائيلي. “في العديد من الأنماط الاجتماعية، لم تعد هناك تباينات. أصبح حجم الأسرة متطابقا، ومتوسط سن الزواج يتشابه بشكل متزايد، ونرى في الطبقة الوسطى نفس أنماط الاستهلاك تماما، ونفس الرحلات المتعددة إلى الخارج. ويضيف : “الاختلاف في درجة ممارسة الشعائر الدينية كاد أن يُمحى في الطبقة الوسطى”. “نجد الحضور في نفس مجموعات الإثراء، والتركيز على التعليم، ونفس أنماط الذهاب إلى المسرح، والترفيه والاستهلاك . نرى أن الفجوات داخل الطبقة الوسطى قد اختفت تقريبا. لذلك لم يعد من الممكن الحديث عن “إسرائيل الأولى” و “إسرائيل الثانية”. هذا لم يعد موجودا ، إنه غير صحيح. لقد علقنا في خطاب وفي صورة واقع غير مناسب اليوم”.
شاني ليتمان : لكن هناك مجالات لهيمنة أشكنازية واضحة ، مثل الأوساط الأكاديمية والقضاء. هذه هي المجالات التي تعتبر نفسها مهيمنة في المجتمع. قد يقول البعض إنهم أكثر نفوذا من الساحة السياسية.
جاي أبوتبل سيلينجر : “ما يزال للأشكناز ميزة في الأوساط الأكاديمية والمحكمة العليا وبعض قطاعات سوق العمل. لكنني لن أقول أن هذه المجالات أكثر هيمنة من المجال السياسي. بل إن الهيمنة الاجتماعية تنقسم إلى عدد من المجالات، من بينها السياسة والأوساط الأكاديمية والقضاء والثقافة.
لذلك هناك أجزاء يوجد فيها هيمنة أشكنازية، وأجزاء أخرى توجد فيها هيمنة مزراحية ، أو على الأقل مناطق نفوذ مزراحية. أنا لا أزعم أن المزراحيين أصبحوا ” مهيمنين” ، أو القوة الأقوى في المجتمع، لكن لم يعد من الممكن الحديث عنهم بشكل عام مثل إسرائيل الثانية.من المستحيل التحدث عنهم كضحايا”.
شاني ليتمان : ولد ونشأ جاي أبوتبل سيلينجر (52 عاما) في حي جفعات أولغا في الخضيرة ، في عائلة يسميها “الطبقة الوسطى المزراحية”. هاجر والديه إلى إسرائيل في سن مبكرة جدا من المغرب – والده من الدار البيضاء ، ووالدته من مراكش – واندمجوا جيدا في موطنهم الجديد، كما يقول.
يعيش اليوم هو وزوجته دانا، وابنتين كبيرتين، في موشاف لوزيت في وادي إيلاه، جنوب غرب بيت شيمش. إنه لا ينكر أن وجهات نظره متأثرة جدا بتجربته الحياتية. كان بعض أصدقائه أشكناز ، وكان طالبا جيدا ولاعب كرة قدم متميز وجندي قتالي في قوات المظلات وقائدا اجتماعيا في الجامعة. لكن حتى داخل تلك الأوساط المريحة، يتذكر التجارب التي أشارت فيها البيئة المحيطة إليه بوضوح إلى أنه شرقي ، وبالتالي فهو حالة شاذة.
عندما كان عمره 15 عاما، ذهب جاي وصديقه المقرب من أصل أشكنازي إلى مركز تجاري في الخضيرة. عند المدخل، أخذه ضابط شرطة جانبا وطلب منه المشاركة في تمرين يهدف إلى التحقق من يقظة حارس أمن المركز التجاري. “طلب مني دخول مركز التسوق بحقيبة ظهر لمعرفة ما إذا كان الحارس سيفتشني. لم أرغب في ذلك ، لكنه أصر وقال إنها مسألة أمنية. أخذت الحقيبة ودخلت المركز التجاري ولم يفتشني الحارس. في يوم الجمعة ذاك ، كان هناك مقال في صحيفة الخضيرة المحلية يفيد بأن الشرطة نجحت في اختراق داخل المركز التجاري بشاب ” ذو مظهر شرقي مزراحي”. فكر في ما سيقوله ذلك لطفل يبلغ من العمر 15 عاما: إنني مزراحي ، وعلى هذا النحو سأظل دائما مشكوكا في كوني عربيا “.
حصل جاي أبوتبل سيلينجر على درجة البكالوريوس في العلوم السلوكية ودرجة الماجستير في علم الاجتماع ، وكلاهما من جامعة بن غوريون في النقب. كانت أطروحة الماجستير الخاصة به حول شاس، بعد أن أصبح والده متدينا ومؤيدا للحزب السفاردي الأرثوذكسي المتطرف خلال تلك الفترة.
يتذكر عن والده: “بالنسبة لي كان لغزا كبيرا جدا”. “لم أفهم كيف أن شخصا أتى إلى هنا في سن الواحدة ونشأ كإسرائيلي ، وغنى أغاني [فرق البوب] كافيريت وغازوز ، وتطوع لأداء الخدمة الاحتياطية حتى سن 55، أصبح فجأة من الحريديين . لذلك حاولت أن أفهم ماهية شاس، ولماذا تطورت حركة الحريديين من المزراحية ، التي كانت في حد ذاتها دينا ناعما للغاية يربط بين الحداثة والعلمانية داخلها”.
التقى هو وزوجته دانا – التي تعمل في تخطيط وتقييم وابتكار استراتيجية البرامج الاجتماعية في القطاع غير الربحي – كطالبين جامعيين في بن غوريون. “قصتنا هي قصة إسرائيلية نموذجية للغاية ، وفي رأيي قصة جميلة. عندما التقينا، كانت هناك اختلافات بيننا ، على سبيل المثال فيما يتعلق بممارسة الشعائر الدينية. أنا تقليدي ودانا علمانية. لكننا فعلنا ما تفعله شريحة كبيرة من المجتمع الإسرائيلي ، وهو العمل على إيجاد روابط وأماكن مشتركة “.
حصل على الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة برانديز، خارج بوسطن، أطروحته حول كيفية قيام المراهقين في إسرائيل بتشكيل هوية عرقية لأنفسهم، ولماذا بعد سنوات عديدة، ما يزال الشباب في إسرائيل يعرّفون عن أنفسهم من حيث عرقهم. منذ عودته من بوسطن ، قبل سبع سنوات ، كان يدرس في علم الاجتماع بكلية الإدارة.
حرم ريشون لتسيون التابع لكلية الإدارة ، حيث تجري مقابلتنا ، هو أحد الأماكن التي يمكن للمرء أن يلاحظ فيها بشكل أفضل التغيير في الوضع العرقي في إسرائيل الذي حدث في العقود الأخيرة.
يقول جاي أبوتبل سيلينجر : بدأ الواقع الجديد مع احتلال المناطق عام 1967 ، وفي أعقاب ذلك بدأت قوة عاملة فلسطينية تدخل إسرائيل. تولى الفلسطينيون وظائف منخفضة الأجر ، مما سمح للعديد من المزراحيين بالارتقاء والعمل لحسابهم الخاص. أدى صعود الليكود إلى السلطة في العام 1977 وما تلاه إلى تخفيف الحواجز السياسية والاقتصادية وإطلاق موجة قوية أخرى من الحراك الاجتماعي والاقتصادي.
نجح الجيل الثاني من المزراحيين في اجتياز حراك اقتصادي ممتاز ، وساعدت الكليات التي افتتحت في التسعينيات أبناءهم من الجيل الثالث، على تحويل رأس المال الطبقي إلى رأس مال ثقافي. علمتهم الكليات لغة الطبقة الوسطى وسوق العمل. تتيح كلية الإدارة هنا للسكان في هذه المنطقة (ريشون لتسيون ، وحولون ، وبات يام ، ويافا) تعلم كيفية التصرف في كل من العالم الأكاديمي وسوق العمل “.
تقول شاني ليتمان أنه يمكن العثور على مثال جيد لما يتحدث عنه جاي أبوتبل سيلينجر في كلية الحقوق بالجامعة . يقول المحامي عساف درعي – الذي يُدرس هناك، يتتبع الأصول العرقية لطلابه من أجل فحص اندماج المزراحيين في دراسات القانون – “أنه شهد في السنوات الثماني الماضية زيادة ثابتة بنسبة 25 % من الطلاب الشرقيين، ومعظمهم يأتون من مدن في وسط البلاد”.
ويضيف: “الطلاب المزراحيون يقولون أنهم يشعرون براحة أكبر في الكلية منه في الجامعة ، ويشعرون أنهم في بيئة خاصة بهم”. ويستطرد ” يقول طلابي الذين يدرسون لدرجة الماجستير في إحدى الجامعات، أن التركيبة العرقية للفصول مختلفة، وأنهم يشعرون براحة أقل هناك. يبدو الأمر كما لو أن الدراسات المتقدمة شيء لا يفترض أن يكونوا جزءا منه. أصبحت الشهادة الجامعية مشروعة حقا ، لكن السقف الزجاجي للدرجات المتقدمة ما يزال موجودا بكل قوته “.(مصطلح السقف الزجاجي يشير إلى حاجز مجازي غير مرئي يمنع بعض الأفراد من الترقية إلى مناصب إدارية وتنفيذية / توضيح المترجمة ).
في الواقع ، عندما يتعلق الأمر بالمناصب العليا في العالم الأكاديمي في البلاد ، تظهر دراسات مختلفة أن التمثيل ما يزال في الغالب أشكنازي. في الكليات أيضا ، وفقا لدراسة أجريت في كلية سابير في سديروت ، فإن حوالي 70 % من كبار أعضاء هيئة التدريس هم من الأشكناز ، مقارنة بنحو 19 % من المزراحيين.
يؤكد جاي أبوتبل سيلينجر أنه بعكس الاتهامات المعتادة، فقد بذل السكان الأشكناز جهدا كبيرا لدمج المزراحيين. ويقول : لو أرادت النخبة الأشكنازية، لكان بإمكانهم إيقاف تقدم المزراحيين. من المهم منح الفضل لمجموعة المزراحيين لقدرتهم على الارتقاء من حالة الدونية ، ولكن ،أيضا، لمجموعة الأشكناز التي استوعبتهم ، ولقدرتها على دمجهم في المجتمع الإسرائيلي”.
شاني ليتمان : هذه وجهة نظر غير تقليدية للغاية.
جاي أبوتبل سيلينجر : “صحيح ، تتبنى إسرائيل المثل الأعلى لبوتقة الصهر ، وأضفت النخبة الأشكنازية الشرعية على حركة المزراحيين. صحيح أنه كان هناك “استشراق” من حيث المواقف المتعالية، وتشتت السكان على أساس خطوط التنوع العرقي. ولكن في الوقت نفسه ، كانت هناك إيديولوجية قوية جدا للاندماج، وهذا ما جعل من الممكن للمزراحيين إنشاء طبقة وسطى كبيرة “.
شاني ليتمان : لماذا ما يزال حضور الشرقيين منخفضا نسبيا في الأوساط الأكاديمية؟ هل منعته طبقات النخبة هناك؟
جاي أبوتبل سيلينجر : “يمكن أن يكون ذلك، يجادل البعض بأنه نظرا لأن آباء جيلنا لم يكونوا في الأوساط الأكاديمية، فإن العديد من أحفادهم لم يعرفوا كيف يتفاوضون حول وضعهم في تلك البيئة. يجب أن يكون هناك سلوك محدد للغاية من أجل الاندماج في الأوساط الأكاديمية. بالإضافة إلى ذلك ، قد تكون النخبة الأشكنازية تمنع ذلك . لكني لا أعرف ما إذا كان هذا صحيحا. أحاول التحدث فقط عن الأشياء التي أعرفها “.
شاني ليتمان : لقد لاحظت أن تكامل النخبة الأشكنازية مع المزراحيين أمر يستحق الثناء ، لكن ألا ينبغي أن يكون هذا هو المعيار؟
جاي أبوتبل سيلينجر : “ليس بالنسبة لي كعالم اجتماع. في كل مكان في العالم ، تمنع المجموعات المهيمنة المجموعات غير المسيطرة. هناك محاولات لتشبيه المزراحيين بالأميركيين الأفارقة في الولايات المتحدة. لكن النخبة البيضاء هناك أوقفت بشكل كبير الأمريكيين الأفارقة. أن تكون شرقيا في إسرائيل لا يشبه أن تكون أمريكيا من أصل أفريقي في الولايات المتحدة. شجعت أيديولوجية بوتقة الصهر، واندماج مجموعات المهاجرين المختلفة على الزيجات المختلطة. يعتبر المجتمع أن أبناء الأزواج المختلطين هم الأفضل والأجمل. أكثر من 30 %من الزيجات اليهودية في إسرائيل مختلطة ، وهي نسبة عالية في العالم الأكثر حميمية. هذا ليس بديهيا “.
شاني ليتمان : قد يزعم البعض أنك تعاني من “متلازمة ستوكهولم” – التي تعرفها مع مضطهدك.
جاي أبوتبل سيلينجر : ” نعم، الادعاء المعتاد ضد المزراحيين هو أنهم يعانون من وعي خاطئ – وهذا مرتبط بالجزء الثاني من الكتاب. خلال السنوات القليلة الماضية ، كنت أقوم بالتدريس حول أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى الانقسام الاجتماعي اليوم في إسرائيل، وهو المواجهة بين وجهة النظر الليبرالية والمحافظة. حصلت على زمالة ما بعد الدكتوراه مع البروفيسور نسيم مزراحي من جامعة تل أبيب، الذي طور منهج ما بعد الليبرالية هنا. إنه مفهوم يساعد المرء حقا في فهم خطوط الصدع بين الليبراليين والمحافظين، هنا، أشكناز ومزراحيين”.
شاني ليتمان : ما هو نهج ما بعد الليبرالية؟
جاي أبوتبل سيلينجر : انبثقت النظرية النقدية الكلاسيكية من وجهة نظر ليبرالية كانت تعتقد أن على المزراحيين التصويت لصالح اليسار الإسرائيلي، وتبني نهجا أكثر اعتدالا بكثير للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني ، وعدم تطوير هوية مزراحيين مميزة.
بمجرد أن اتضح أن المزراحيين كانوا يصوتون لليمين، تجذر التصور بأنهم يعانون من وعي زائف لأنهم لا يفهمون الوضع، ولا يدركون مصالحهم الخاصة.
بمقاربته ما بعد الليبرالية، يقول نسيم مزراحي لا: المزراحيون لا يعيشون بوعي زائف ، بل ببساطة لديهم نظرة مختلفة للعالم. قد يسميها البعض تقليدية، والبعض الآخر سيطلق عليها اسم محافظة ، والبعض الآخر سيقول إنها مجتمعية “.
يحلل جاي أبوتبل سيلينجر – من منظور النهج المجتمعي الأخير – واقع المزراحيين الذين يصوتون لأحزاب اليمين: “النظرة العالمية المركزية التي وجهت إسرائيل في العقود القليلة الماضية هي نظرة ليبرالية. تقول بأننا ولدنا مع حقوق متساوية، وبالتالي يجب إزالة الحدود المصطنعة، والامتناع عن الانتماء الجماعي والوطني. وتقول أننا بحاجة إلى توسيع حدود تعاطفنا، سواء كان ذلك لضحايا زلزال في تشيلي أو حرب أهلية في سوريا، لأن كل البشر متساوون. في المقابل ، فإن جزءا كبيرا من السكان الشرقيين، وكذلك الحريديين والحركة الدينية الصهيونية ، لديهم نظرة جماعية عالمية، ترى العالم على أنه قائم على مجموعة من المجموعات التي تعيش جنبا إلى جنب، وذلك له خطوط حدودية وتسلسلات هرمية بينهما. إذا أصيبت مجموعة ما ، يشعر الفرد بداخلها بالضربة بقوة. إذا قام شخص ما بالدوس على العلم الإسرائيلي في إيران ، فإنني أتأذى من ذلك. إذا أصيب جندي إسرائيلي ، فإنني أتألم من ذلك “.
يستمد الفرد قيمته في العالم من خلال الجماعة، ومن هنا أيضا أهمية الحدود. عندما يتم انتهاكها، فهذا يعني أن انتماء أعضاء الجماعة وأهميتهم وامتيازاتهم قد تدهورت. إذا كنت يهوديا، فأنا في مكانة أعلى في المجتمع الإسرائيلي. وإذا قال أحدهم أن العرب متساوون معي ، فهذا ينتهك الحدود وينتهك حقوقي. وبناء على ذلك ، عندما يواجه السكان المزراحيين أسئلة تتناول الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني -على سبيل المثال -، فإن الادعاء بأن العرب متساوون مع اليهود يُنظر إليه على أنه إهانة للشعب اليهودي. إنها تؤذي الأمة الإسرائيلية لأنها تخترق حدودها. كيف يمكن لأحد أن يقول أن الجندي الإسرائيلي يساوي الجندي في حزب الله؟ وهذا هو سبب تصويت غالبية المزراحيين مع اليمين “.
وفقا لجاي أبوتبل سيلينجر ، في الواقع فإن أنماط التصويت في إسرائيل لا لبس فيها.، “أظهر تقرير الاتحاد الأوروبي لعام 2015 أن 80% من المزراحيين يصوتون لليمين”.
شاني ليتمان : كيف يمكن فحص شيء من هذا القبيل ، عندما يكون التصويت سريا؟
جاي أبوتبل سيلينجر : ” الأمر معقد حقا ، لكنهم نجحوا في القيام بذلك من خلال الاستطلاعات والتحقق من الألقاب، وما إلى ذلك. وإذا لم تكن 80 % بالضبط في الواقع ، فهي ما تزال تمثل اتجاها مهما للغاية. في المقابل ، تُظهر أنماط التصويت للأشكناز أن أكثر من 50 % بقليل تذهب إلى ما نسميه الأحزاب اليسارية أو الليبرالية “. لكن هذا لم يكن الحال دائما. “حتى ثورة 1977 (عندما تولى الليكود ، بقيادة مناحيم بيغن السلطة لأول مرة) ، صوّت المزراحيون في إسرائيل أيضا لليسار ، لماباي (رائد العمل) .
يتابع جاي أبوتبل سيلينجر : “الحجة السائدة هي أن المزراحيين صوتوا لليمين في العام 1977 ، ومنذ ذلك الحين، وان تصويتهم نابع من الغضب من التمييز الذي تعرضوا له في العقود الأولى للدولة. لكن هذا صحيح جزئيا فقط. إذا نظرنا إلى ماباي حتى العام 1977 ، نرى أن إسرائيل لم تكن ليبرالية حقا، بل كانت أكثر مجتمعية. في فترة النظام العسكري القائم في البلدات العربية في إسرائيل بين 1948 و 1966، وإطلاق حرب الأيام الستة، والاحتلال. كان المزراحيون ينظرون إلى اليسار الإسرائيلي على أنهم يهتمون أولا وقبل كل شيء بالشعب اليهودي. لكن كارثة العام 1973 (حرب يوم الغفران)، وتبني اليسار الإسرائيلي قبل أوسلو للقيم الليبرالية، كسرت صورة مباي كوصي على الشعب اليهودي، ما أبعد المزراحيون كثيرا عنهم”. وبنيامين نتنياهو ، بالطبع ، أدرك ذلك جيدا.
هذا هو تفسير المعضلة الأبدية: كيف يشعر المزراحيون الذين يدعمون الليكود بالحرمان بسبب انتمائهم العرقي، ومع ذلك يستمرون في التصويت لزعيم حزب أشكنازي من الرأس إلى أخمص القدمين؟
في هذا الصدد ، يتذكر أبوتبل سيلينجر ملاحظة نتنياهو الشهيرة لموشيه كحلون في انتخابات العام 2015، بأنه وحده يعرف كيف يحصل على تصويت المزراحيين – لأنه يفهم أنهم يكرهون العرب.
يرى المزراحيون أنفسهم على أنهم يعتنون بالجماعة اليهودية. ونتنياهو مرة تلو الأخرى يستحضر ذلك الشعور المزراحي بالجماعة اليهودية.
جادل البعض بأنه إذا كان المزراحي سيترأس مباي، فإن المزراحيين سيصوتون له. الأمر ليس كذلك. لأن المزراحيين لا ينظرون إلى الهوية ، بل إلى الموقف المجتمعي مقابل الموقف الليبرالي. لهذا السبب لم يحصل عمير بيرتس وآفي غباي [المزراحيون الذين قادوا حزب العمل خلال بعض السنوات من العقد الماضي] على أصوات المزراحيين.
يلاحظ جاي أبوتبل سيلينجر أن الليكود كان دائما بقيادة أشكناز ، وصوت المزراحيون لهم لأن الليكود يتحدث اللغة المجتمعية. في موضوع انقلاب النظام الحالي، أيضا، يؤكد نتنياهو على مصالح الأمة اليهودية مقابل مصالح الجماعات التي لا تنتمي، وخاصة العرب. وبهذا يستهدف جمهور الشرقيين مباشرة.
وفي هذا السياق ، فإن غضب السكان المحافظين من المحكمة – أشير إلى الحريديين والصهاينة المتدينين وكذلك المزراحيين – له بعض الحقيقة في ذلك. لأنه عندما يتحدث أهارون باراك (رئيس المحكمة العليا السابق) عن الشخص المستنير ، فهو يتحدث عن الشخص الليبرالي. ويجب أن تفهم المحكمة العليا أن هناك سكانا هنا نظرتهم للعالم ليست ليبرالية، وأنه يجب أيضا تلبية احتياجاتهم “.
لكن حتى هذا الجدل حول المحكمة العليا ليس مرتبطا تماما بالواقع ، كما يشرح جاي أبوتبل سيلينجر، لأن المحكمة تحكم مرارا وتكرارا وفقا للسياسة العسكرية الإسرائيلية في المناطق، وتضفي الشرعية على استمرار الاحتلال. “المحكمة العليا تصدر بالفعل أحكاما ليبرالية في مناطق معينة ، ولكن في سياق الاحتلال والقضايا العسكرية، فهي مجتمعية تماما، كما كان ماباي. إنها ترسخ سيادة الشعب اليهودي في دولة إسرائيل. والدليل أنها لم تلغ قانون الدولة القومية لعام 2018.
لذا فإن تسمية المحكمة باليسارية والليبرالية أمر غير دقيق للغاية وفي هذا الصدد. نتنياهو يضلل الجمهور “.
شاني ليتمان : لصياغة ذلك بطريقة سهلة، إذن، ما تقوله في الواقع هو أن المزراحيين، في تعميم فج، لا يكرهون الأشكناز لأنهم مارسوا التمييز ضدهم، ولكن لأنه ينظر إليهم على أنهم يساريون.
جاي أبوتبل سيلينجر : هناك ارتباط في إسرائيل اليوم بين” أشكنازي “و” اليسار “و” الليبرالي” .هذا ما يلعب عليه نتنياهو: إنه يوسع القطيعة باستمرار، ويفعل ذلك من خلال تأليب الموقف المجتمعي على الموقف الليبرالي. إنه يصنف الأشكناز على أنهم ليبراليون، وبالتالي، يضرون بالأمة اليهودية. بينما المزراحيين والحريديين يدعمون ويحافظون على مصالح الشعب اليهودي. تصور المزراحيين أن الأشكناز هم عائلة، لكنهم يحبون العرب أكثر من عائلتهم”.
شاني ليتمان : قلتم في وقت سابق أن الخطاب العام لم يستوعب حقيقة أن واقع المزراحيين في إسرائيل قد تغير، وأنهم أصبحوا مهيمنين في مناطق معينة. كيف ترسخ تصور الماضي؟
جاي أبوتبل سيلينجر : “عندما يتجذر تصور بنية اجتماعية معينة، يكون من الصعب جدا تغييرها. هناك تقليد عابر للأجيال يمر عبر السكان الشرقيين، ويتعامل مع التمييز والحرمان. ما تزال التجربة المروعة لمخيمات العبور في الخمسينيات من القرن الماضي عموما، والقليل من عدم المساواة التي ما تزال موجودة حتى اليوم ، تنتقل عبر الأجيال.
السبب الثاني سياسي. يستخدم كل من الليكود وشاس الجمهور لمصلحتهم السياسية. عندما يهمس نتنياهو للحاخام يتسحاق قدوري عام 1997 أن اليسار قد نسي ما يعنيه أن تكون يهوديا – فهذا يستهدف بالتحديد السكان الطائفيين في الأطراف. استخدام تلك العملة فعال للغاية. والحقيقة هي أن مجتمعات المزراحيين بأكملها تتبع نتنياهو في مواجهة الصعاب “.
وهناك سبب ثالث: الصراع بين القوى المهيمنة. لقد أصبحت المجموعة المزراحية قوية للغاية. عندما قالت وزيرة الليكود ميري ريغيف، “نحن لا نقرأ تشيخوف”، فهذا ليس مجرد استفزاز. تقول: لدينا معاييرنا الثقافية. يمكننا أن ننجح في العالم دون قراءة تشيخوف. “هذا التأكيد يعكس صراعا بين مجموعات قوية، بين وجهات نظر مختلفة للعالم. هناك دراسات تظهر أنه عندما يُطلب من اليهود الإثيوبيين والروس في المناطق النائية وصف إسرائيلي، فإنهم يصفون المزراحيين. بالنسبة لهم هذه هي الشخصية المهيمنة “.
شاني ليتمان : على الرغم من انتقال السلطة من جانب إلى آخر ، فقد ازدادت العنصرية على الجانبين. “الجماعات التي تمتلك القوة تطبقها ضد الجماعات التي لا تملك القوة.
جاي أبوتبل سيلينجر: اليوم ، تمارس مجموعة المزراحيين السلطة أيضا ضد المهاجرين الإثيوبيين والروس. هناك أيضا عنصرية مزراحية ضد الأشكناز ، مثلما توجد عنصرية أشكنازية ضد المزراحيين. نحن، المثقفون الشرقيون، لا نرغب في الحديث عن ذلك ، لكن دوري كعالم اجتماع هو النظر إلى الواقع وقول ما أراه هناك “.
شاني ليتمان : ربما كانت الشيوعية موجودة أيضا في الفكر. تصور أنه إذا كان الشيء الصحيح هو الاستمرار في المطالبة بالتمييز، فهذه هي بطاقتنا ويجب أن لا نتنازل عنها ، ومن يفعل ذلك فهو يخون الجماعة.
جاي أبوتبل سيلينجر ” النظرية النقدية لا تعمل على هذا النحو. هناك جوانب من التمييز والقمع تجاه المزراحيين في إسرائيل، وهناك جوانب نرى فيها تقدما وتغييرا. لدي مجموعة من الأصدقاء ، معظمهم ينتمون إلى الطبقة الوسطى المزراحية الناجحة للغاية (الرؤساء التنفيذيون، وذوي التقنية العالية، والأكاديميون) وغالبا ما نصنف أنفسنا كأشخاص يقودون، لكننا مصابين بكدمة. لأننا نشأنا في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. عندما يكون المرء مزراحي يعتبر غير جيد، ومن ناحية أخرى، جعل المجتمع الإسرائيلي من الممكن لنا أن نشعر بالقوة. بصفتي باحثا، أحاول التمسك بالجانبين ، لإظهار التغيير مع الأماكن التي ما يزال القمع فيها قائما.
*شاني ليتمان كاتبة وناقدة وصحفية في جريدة هآرتس ، حاصلة على درجة البكالوريوس في الفلسفة والتاريخ، وعلى درجة الماجستير في الفيلم العملي والتاريخ العام من جامعة تل أبيب وعملت سابقا في صناعة الأفلام الوثائقية
2023-05-26