الهاشمي [ مستر بيف ]!
رنا علوان
هو الاسم المخابراتي السري الذي أطلقته CIA على الملك “الحسين بن طلال” كعميل لها
ولهذا الملك تاريخ طويل في خيانة العرب ، وبفضله تم زرع الكيان الاسرائيلي في المنطقة ، كما مكنها لسنوات من أن تنتصر على العرب في اغلب حروبها
وكسخرية من القدر يرجع نسبه إلى هاشم بن عبد مناف الجد الأكبر للنبي محمد (ص) ، وجد بني هاشم وهما فرع من قبيلة قريش المنبثقة عن قبيلة كنانة ، والتي تنحدر بدورها من النبي إسماعيل ابن النبي إبراهيم
ظل الهاشميون يحكمون أجزاءً من إقليم الحجاز في الجزيرة العربية في الفترة ما بين عام 967 حتى عام 1925 دون انقطاع ، وقد حكم الفرع الهاشمي الذي ينتمي إليه الشريف الحسين بن علي الهاشمي مكة المكرمة منذ عام 1201م إلى عام 1925م ويطلق عليهم مصطلح [ الأشراف القتاديون ]
هذا الهاشميّ ، الذي جاء بلسان وقلم رئيس تحرير الواشنطن بوست ، الصحفي الأمريكي الشهير [بن برادلي] وتحت عنوان :
[ المخابرات المركزية الامريكية دفعت الملايين ولمدة عشرين عاما للملك حسين ]
كما أعاد تأكيد ما يمتلك من معلومات في مذكراته التي نُشرت مؤخرًا [ a good life ]
يبدأ برادلي حكايته عن مستر بيف ، ساردًا التفاصيل الدقيقة منها ، فيذكر لنا حياته الشخصية وعشيقاته ومغامراته معهن
وأضاف كيف انه كان يتقاضى [ شهريًا مبلغ مليون دولار ]
وأن المبلغ كان يسلم للملك كاش بوساطة مدير مكتب المخابرات المركزية في عمان منذ عام 1957 ، مقابل ذلك كان [الملك يقدم معلومات هامة وخطيرة للمخابرات المركزية] وفي السؤال عن هذا المبلغ الطائل فان المخابرات المركزية كان تعتبر [ تجنيد الملك شخصيا ليعمل لديها كعميل من اهم إنجازات الوكالة ]
يخبرنا برادلي عن مستر بيف كيف انه كان مولعًا بالنساء والسيارات ، وكيف أن هذا المبلغ هو الذي وفر للملك حياة البذخ التي عُرف بها ، بحيث أصبح “بلاي بوي برنس”
ولقد كان تبرير مستر بيف الذي دافع عن نفسه قائلًا [ أن المبلغ كان يدفع له هو من أجل تأمين حراسات شديدة لأولاده الذين يدرسون في أمريكا ، ( وكانت هذه الحجة سخيفة لأن الملك بدأ عمله مع الوكالة منذ عام 1957 بينما ولد أكبر ابنائه الملك عبدالله الثاني (الملك الحالي) بعد ذلك التاريخ بخمس سنوات )
وعن خيانته الأكبر والأخطر على الأمن القومي العربي يذكر برادلي تعاطي مستر بيف مع القضية الفلسطينية ، فلقد كانت عمالته لــصالح العدو الإسرائيلي ، وتواطئه معه ولقاءاته المتواصلة مع قادته ، ( منذ العام 1965) كما كان يعمل على تزويده ، بكل ما كان يدور في كواليس ومؤتمرات القمم العربية أولاً بأول
يُعتبر لقاء مستر بيف مع غولدا مائير عام 1965 ، أولى اللقاءات ، وفيه نقل وقائع مؤتمر القمة العربي إلى “الإسرائيليين” ـ وكان اللقاء بتنسيق مع الدكتور هيرتسوغ أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية
قد التقى الحسين بن طلال الهاشمي ، وزيرة خارجية العدو الاسرائيلي آنذاك (غولدا مائير) في شقة في باريس
ويصف لنا برادلي اللقاء بالتفصيل
عندما دخل مستر بيف الغرفة ، تقدمت غولدا نحوه لم يخف الملك انفعاله ، وتصافحا بحراره وتبادلا الذكريات عن جده الملك عبد الله ، ولقاءاته المماثلة مع العدو الإسرائيلي ، وقد طلب الملك حسين من اسرائيل في هذا اللقاء (مساندته ضد التيار الناصري وضد التنظيمات الفلسطينية وضد سوريا) وطلب ايضًا ان توافق اسرائيل على السماح له بشراء اسلحة امريكية مع تعهد الملك بعد استخدام تلك الاسلحة ضد اسرائيل وأنه سوف يقدم وعدًا خطيًا للولايات المتحدة بذلك
اما شمعون بيريس ، فقد كان يتقمص شخصيات غير حقيقية للتخفي ، خلال لقاءاته السرية مع مستر بيف في عمان ، قبل أكثر من 40 عامًا
وقد عرض بيريس على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” الصور بمناسبة حلول عيد “البوريم اليهودي” ، وهو العيد الذي يعتبر التخفي والظهور بغير السمت الحقيقي ، وهو أحد مظاهر احتفال اليهود به ، وكان غرض التخفي هو عدم إحراج الحسين الهاشمي والنظام الأردني ، حيث أن اللقاءات كانت تتم في الوقت الذي كان الأردن من ناحية رسمية في حالة عداء وحرب مع إسرائيل ، ولم تكن ثمة علاقات دبلوماسية بين الجانبين
وقد زخرت مواقع التواصل الاجتماعي في الكيان الإسرائيلي الغاصب ، بالصور التي توثق أنماط التخفي التي كان يتبعها بيريس في لقاءاته مع الحسين
وقد كتب بيريس في صفحته ( ليس فقط في البوريم يمكن التخفي ، هكذا كنت أتخفى في مطلع السبعينات من القرن الماضي عندما كنت أصل عمان للقاء ملك الأردن الحسين قبل أن يتم التوقيع على اتفاقية السلام بيننا )
وفي حين حقق الجيشان المصري والسوري الأهداف الإستراتيجية المرجوة من وراء المباغتة العسكرية للعدو الإسرائيلي ، حيث توغلت القوات المصرية 20 كم شرق قناة السويس ، وتمكنت القوات السورية من الدخول في عمق هضبة الجولان
إلا أنه بحسب ما أعلنه الجنرال أهارون ليبران نائب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية للعدو الإسرائيلي خلال حرب 1973 ، حيث كشف النقاب عن أن (الملك حسين دأب على توجيه إنذارات للعدو الإسرائيلي بشأن استعدادات كل من مصر وسوريا العسكرية عشية الحرب ، موافيًا إياه بأدق التفاصيل أول بأول
ذكر ليبران أن الملك حسين قدم إنذارات بشأن نوايا سوريا ومصر الحربية ثلاث مرات على الأقل في الأشهر: أيار/مايو وتموز /يوليو وأيلول /سبتمبر من العام 1973
وهذا ما أدى الى انتعاش جيش العدو الإسرائيلي في نهاية الحرب ، كل ذلك بفضل مساعدة مستر بيف ، حيث تمكن من تطويق جزء صغير من القوات المصرية من خلال ما عرف بثغرة الدفرسوار ، وكانت بين الجيشين الثاني والثالث الميداني امتدادًا بالضفة الشرقية لقناة السويس
وكانت قد تدخلت الدولتان العظمى في ذلك الحين في سياق الحرب بشكل غير مباشر حيث زود الاتحاد السوفياتي بالأسلحة سوريا و مصر بينما زودت الولايات المتحدة بالعتاد العسكري العدو الإسرائيلي
اما في نهاية الحرب عمل وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر وسيطًا بين الجانبين ووصل إلى اتفاقية هدنة لا تزال سارية المفعول بين سوريا وإسرائيل
لقد مهدت هذه الحرب الطريق لإتفاق كامب ديفيد بين مصر والعدو الإسرائيلي ، الذي عقد بعد الحرب في سبتمبر 1978 على إثر مبادرة أنور السادات التاريخية في نوفمبر1977 و زيارته للقدس
وأشار ليبران إلى أنه في اللقاء السري الذي جمع الملك حسين برئيس وزراء العدو الإسرائيلي غولدا مائير في 25 أيلول/ سبتمبر 1973 ، والذي حضره ليبران شخصيًا ، قام مستر بيف بإبلاغ مائير بأن الجيش السوري وضع في حال تأهب قصوى ، حيث أنه استخدم مصطلح “Prejump position”
وأضاف ليبران أنه قام مع رئيس الموساد تسفي زمير بالتنسيق ، حيث [دخل الحرب بشكل ظاهري ولكن بالتنسيق مع العدو الإسرائيلي] فقام بإرسال لواء المدرعات 40 لمساعدة السوريين فقط بعد ستة أيام من اندلاع الحرب ، كما أنه أرسل لواء المدرعات 60 للسوريين [عندما أوشكت الحرب على الانتهاء]
وحسب كيتف الباحثة في جامعة بار إيلان “الإسرائيلية”، فإن الملك حسين قد أبلغ مائير بأن هدف مصر وسوريا من الحرب هو استعادة الأراضي التي احتلت عام 1967 ، مشيرة إلى أن الملك حسين قدم معلومات تفصيلية عن الاستعدادات المصرية والسورية، وقدم تفاصيل كبيرة حول انتشار سلاحي المدرعات والجو السوري]
وأوضحت كيتف إن الملك حسين حاول [الاطمئنان على مدى استعداد إسرائيل للحرب]
ختامًا ، تقديرًا لخدمات الهاشمي افتتح العدو الاسرائيلي في قرية أبو غوش المُحتلة ، الواقعة بين تل أبيب والقدس ، شارعًا يحمل اسم الملك الأردني الراحل الحسين بن طلال ، وتم ذلك بحضور السفير الأردني في كيان العدو الإسرائيلي
لبئس أثرٍ يتركه خائن
2023-06-15