المهندس الفلسطيني ينجو من الموساد!
رنا علوان
تحفظت المصادر الاستخباراتية التركية على الاسم الكامل للمهندس الفلسطيني ، واكتفت بذكر اسمه الأول “عمر”، لكن موقع “واي نت” الإسرائيلي كان قد كشف عن الاسم الكامل للمهندس عمر البلبيسي بعد أن نشرت صحيفة “نيو ستريت تايمز” الماليزية تفاصيل عملية الاختطاف في تقرير نشرته يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول 2022
تخرّج عمر البلبيسي من قسم علوم الحاسوب في الجامعة الإسلامية بغزة ، وعمل موظفًا في قسم التكنولوجيا في وزارة الداخلية الفلسطينية في غزة ، واستطاع تطوير برنامج خاص بالوزارة يساعد على اختراق أجهزة الأندرويد بسهولة في عمر 24 عامًا
تمكنت الاستخبارات الإسرائيلية من كشف هوية البلبيسي ، الذي كان وراء اختراق نظام القبة الحديدية وتعطيلها بعد 3 سنوات على الحادثة
تكررت محاولات جهاز الموساد لتجنيد البلبيسي ، حيث أنه في سنة 2019 تواصل شخص بإسم “أنابل” مع البلبيسي مدعيًا عمله مع شركة برمجة نرويجية ، وطلب منه تصميم مشروع برمجي خاص بالشركة ، وبعد فترة من الزمن تواصل معه شخصان يدعيان “جاوسر” و”جالِس” بحجة أنهما من الشركة النرويجية نفسها ، مقدميْن له عرض عمل بشكل كلي في النرويج ، وعندما طلب منهما التواصل عبر مكالمة الفيديو بـ”الواتساب” تهربا منه وأرسلا له فيزا “شنغن” كبرهانٍ على جديتهما ، ولكن البلبيسي أجاب على عرضهما بالرفض
اما عملاء الموساد الذين شاركوا في استدراج البلبيسي ، هم يوسف دحمان ، ورائد غزال ، وفؤاد أسامة حجازي ، ونيكولا رادونيج
في التفاصيل ، ذكرت صحيفة “صباح” أن المهندس البلبيسي قرر الانتقال إلى إسطنبول في مارس/آذار 2020 بهدف العمل ، هذا الأمر وجد فيه جهاز الموساد الإسرائيلي فرصة ذهبية للوصول إليه عن طريق تقديم عروض عمل مغرية بعوائد مادية عالية
وكان الاحتكاك الأول بين البلبيسي والموساد بعد خروجه من غزة في أبريل/نيسان 2021 حين تواصل معه عميل الموساد المدعو رائد غزال عبر تطبيق الواتساب ، وادّعى أنه مدير موارد شركة فرنسية اسمها “تنيك هاير” (Think Hire)، وقدّم له عرض عمل كذلك
تمكّن غزال من لقاء عمر البلبيسي وجهًا لوجه في إسطنبول ، وبالتحديد في منطقة بيليكدوزو وبيرام باشا والفاتح ، في يونيو/حزيران وأغسطس/آب 2021 ، قبل أن يبدأ عميل الموساد الثاني المدعو عمر شلبي في فتح خط اتصال معه
بدأ شلبي بالتقرب من البلبيسي ، وعرض عليه مبلغ 10 آلاف دولار لإنشاء برنامج برمجة لشركة فرنسية أخرى ، فسارع لبرمجته وتسليمه لصالح الشركة الفرنسية التي أرسلت بدورها الأموال على 3 دفعات عبر ضابط في الموساد استخدم اسمًا مزيفًا هو جون فوستر ، وهو ما أكده جهاز الاستخبارات التركية بعد فحص بيانات الحساب البنكي “كويت ترك” الخاص بالبلبيسي
كان شلبي دائم السؤال عن وجود عائق أمام البلبيسي إذا رغب في السفر خارج تركيا ، قبل أن ينسحب ويسلم المهمة لشخص يدعى نيكولا رادونيج (44 عامًا) يحمل جواز سفر الجبل الأسود في يونيو/حزيران 2022
وبحسب الصحف التركية ، استطاع رادونيج أن يلتقي بالمهندس البلبيسي في فندق كاراكوي الذي أقام فيه بالفترة ما بين 28 و31 أغسطس/آب 2022 بحجة عرض عمل جديد كان ملخصه أن الراتب الشهري سيكون 5200 دولار إذا عمل البلبيسي من تركيا ، في حين أنه سيبلغ 20 ألف دولار إذا وافق على العمل من مقر الشركة في البرازيل
وقال رادونيج للمهندس الفلسطيني إنهما سيعملان معًا في المشروع عبر الإنترنت مع زملاء آخرين ليتبيّن لاحقًا أنهم ضباط بالموساد الإسرائيلي ، وهم: عبد البر محمد كايا، وفؤاد أسامة حجازي ، ويوسف دحمان ، وطلب منه اختيار شخص منهم ليعمل معه بشكل متواصل
أدركت الاستخبارات التركية احتمال اختطاف المهندس الفلسطيني ، مما دفعها إلى منعه من السفر في المرة الأولى خوفًا على حياته ، لكن مع إصرار البلبيسي على السفر إلى ماليزيا [ التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع العدو الإسرائيلي ] في عطلة لمدة 15 يومًا ، أبلغت الاستخبارات التركية إدارتها في إسطنبول عن الشكوك التي تراودها بشأن التهديدات التي تشكل خطرًا على حياة البلبيسي
أما ما حدث في ماليزيا ، فقد كشف موقع New Strait Times الماليزي ، أن الشاب الذي تعرض للاختطاف “متخصص في أنظمة البرمجة الإلكترونية والتكنولوجيا” ، مشيرًا إلى أن السلطات الماليزية تمكنت من تحريره بعد 24 ساعة من اختطافه
وفي التفاصيل ذكر الموقع “كان فلسطينيان في طريقهما لركوب سيارتهما بعد أن تناولا العشاء في مركز تجاري وسط كوالالمبور ، وتوجهت نحوهما مركبة بيضاء ونزل منها 4 أشخاص ، ووصلا لأحدهما وضربوه وسحبوه لمركبتهم”
كما أشار الموقع الماليزي ، إلى أن الشخص الآخر حاول مساعدة صديقه ، إلا أنه تم تحذيره بالابتعاد عن مكان الحادث ، متابعًا “عندما اتضح للشخص الآخر أن الخاطفين يعملون لصالح الموساد الإسرائيلي طلب المساعدة من الأجهزة المختصة وقدم بلاغًا للشرطة الماليزية”
تمكّن فريق الموساد الذي كان بإنتظاره من اختطافه واستجوابه في شاليه على بعد 50 كيلومترًا من العاصمة ، حيث تعرض للتعذيب بشدة والاستجواب لمدة 36 ساعة عبر الفيديو كونفرانس مع ضباط في تل أبيب
تركزت أسئلة عملاء الموساد للبلبيسي حول كيفية اختراقه القبة الحديدية وحجب رؤيتها الصواريخ لمدة من الزمن، كما حاولوا معرفة طريقة إلغاء تفعيل الاختراقات التي نفذها المهندس الفلسطيني لهواتف جنود وضباط إسرائيليين في وقت سابق
فيما أشارت السلطات الماليزية في وقت سابق إلى أنها اعتقلت عددًا من الماليزيين بشبهة عملهم كخلية لجهاز الموساد الإسرائيلي
يُذكَر انه في أبريل/نيسان عام 2018 ، قُتل عالم فلسطيني في ماليزيا بعد إطلاق النار عليه من قبل مجهولين يستقلان دراجة نارية ، وأعلنت حركة حماس أنه أحد عناصرها واتهمت العدو الإسرائيلي بالوقوف وراء اغتياله ، في حين أشارت تقارير إسرائيلية إلى أنه يقف وراء تطوير طائرات مسيّرة كانت الحركة تعمل على صناعتها
2023-12-05