المعتوه نتنياهو يكسر قواعد الإشتباك بمباركة الشيطان!
رنا علوان
عاد نتنياهو من رحتله اكثر شراسة بعد ان قدم عرضًا هزليًا مليئًا بالتناقضات والكذب المعهودين عنده ، وبدل ان يهدأ الى حين حدوث الرد اليمني نتيجة قصفهم لمنشآت مدنية فيه ، قرر ابداء المزيد من الجنون ، وكيف لا وهو حصل على الضوء الأخضر خلال زيارته ، وبما ان ارضيّة افتعال سبب ما للتصعيد على الجبهة الشمالية جاهزة ايضًا ، ففي غياب المعتوه جرى اطلاق صاروخ على قرية مجدل شمس راح ضحيته عدد من ابناء هذه القرية الذين بينهم ما يُسمى “بحلف الدم ” ، وهذا الصاروخ الذي ضل طريقه لا يمكن لأي عاقل ان يتبنى ما قدمه العدو من سردية حوله ، لأن استحالة ان يكون نتيجة عمل من اعمال المقاومة هي الطاغية على المشهد ، كما ان حزب الله لم يتبناها مطلقًا ، وما هو معهود عن الأخير انه يفخر بما يقدمه من عمليات مُساندة لطوفان الأقصى وداعمة للمقاومة الفلسطينية حماس ، ونجد كيف انه كلما ارتقى للأخير شهيد يزفه بعبارة على “طريق القدس” هذا اولاً ، تاليًا هذا النوع من العمليات لا يُمثله ، لا من قريب ولا من بعيد فالذي يقاتل بشرف يستحيل ان يقدم على هكذا فعل امتاز به العدو بنفسه هذا من ناحية انسانية اما من ناحية عسكرية ولوجستية أيضًا يستحيل ان يكون حزب الله هو من نفذها ، فبحسب رأي جميع الخبراء انه منطقيًا غير صحيح ما تذرع به العدو ، وكإستعانة بشهادة احدهم ، فقد نفى العميد منير شحادة مُنسق الحكومة السابق لدى قوات الطوارئ الدولية ورئيس المحكمة العسكرية السابق خلال جميع لقاءاته ان يكون لحزب الله علاقة بسقوط صاروخ على مجدل شمس في الجولان المُحتل
ووضع العميد شحادة احتمالين للحدث ( إما ان يكون صاروخًا اعتراضيًا سقط عن طريق الخطأ او انها خطوة مقصودة لإثارة الفتنة ، وكسر قواعد الإشتباك التي حافظ عليها الحزب منذ دخوله هذه الجبهة )
ليتبين للجميع ان الإحتمال الثاني هو الصحيح فعلاً ، كما ان سياق هذا النوع من العدوان على الضاحية وسط العاصمة بيروت ومعقل حزب الله ، يصب في السياق الرئيسي لمساعي رئيس حكومة العدو اللقيط ، المعتوه بنيامين نتنياهو ، في جعل المعركة القائمة تستند إلى سردية قد عرضها في خطابه أمام الكونغرس ، عندما خاطب أميركا بأن كيانه هو الوكيل المكلّف بحماية مصالح الغرب في المنطقة
لم ينتهِ به الأمر بإستهادف الضاحية واغتيال القائد الكبير في حزب الله “فؤاد شكر” الى جانب عدد من الأبرياء ، بل ما لبس خلال ساعات ، ان اقدم على اعتداء اخر على العاصمة الإيرانية طهران ، مُنفذًا عملية آخرى لا تقل اهمية عن الاعتداء على العاصمة بيروت ، ايضًا ارتقى خلالها القائد “اسماعيل هنية ” رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وبعض مرافقيه ، ما يجعل الأمر واضحًا وجليًا في أن العدو يسعى من خلال برنامجه الدموي الجديد الذي ترجم عبره الزيارة الأخيرة للشيطان الأكبر الذي يدّعي الضغط عليه لإيقاف هذه الحرب ، بُغية الانتقال من مربع الفشل الكبير في غزة الذي يستحيل ان يكون فيه اي طيف نصر مهما بحث ومهما اجرم ومهما جن جنونه ، إلى مربع توسيع الحرب مع جميع قوى المقاومة في المنطقة
اليس من المفروض لمن ينتظر رد من الجبهة اليمنية التي سبق وارسلت له مُسيّرة ” يافا” التي اجتازت ما يُقارب 2100 كلم بحجمها التهديدي الحقيقي والفعال لا بحجمها المقياسي النظري ، ان يُفكر فقط للحظات بعقلانية ، لكن ما فعله المعتوه ، هو ان حرّك عليه جبهات اضافية ووضعها تحت حتمية الرد بسبب التجاوز الكبير الذي اقدم عليه ، فلو انه يُريد الإنتحار لما فعلها ، أم أي صبر يريد ان يختبره هذا المعتوه ام على ماذا يُراهن وهو يعلم جيدًا ، ان ارتفاع سقف المواجهة لن يقع الا على رأسه الفارغ فالمقاومة ليس من شيمها المهادنة او تقديم التنازلات ، من ثم يُصرّح بعد ذلك انه مُستعد لإستقبال الرد من جميع المحاور في ظل هذه الحرب الوجودية على حسب تعبيره
وفي محاولة منا لفهم تهور عدونا الذي لا يفهم الا بلغة القوة ، نضع احتمال انه فكر ان بفعلته هذه سيكسر ” موقع القيادي الصلب ” في كل من حركة حماس والمقاومة الإسلامية حزب الله ، على إعتبارهم من أبرز رموز المقاومة وقادتها ، فهو بكل تأكيد مخطأ ، لأن سبق له واغتال من مثلهم وبقدر حجمه ، ووجد ان المقاومة التي نشأت على ” فكرة وايدولوجية ” كان يتمخض منها الاف القادة ، فهي لا يُمكن ان تنتهي بانتهاء قادتها ، فالفكرة ليست (قائدًا بل مبدأ وهدف مُحق)
كما ان هدف التعرض الوقح والجريء لإيران على اعتبارها راعية لقوى المقاومة ، ظنًا منه أن استدراجه لها نحو حرب مباشرة ، يمنحه الشرعية التي يريد تحويلها إلى شراكة مع الأميركيين في الحرب ، واجبار دخول دول اخرى لمواجهة البعبع الايراني في المنطقة ، سيخفف عنه خسارة ومُسائلة ، وان السعي إلى فرض قواعد جديدة للاشتباك في الميدان ، سيُمكنه من تحصيل نوعين من الأثمان ، واحد سريع يتعلق بفصل جبهة لبنان عن غزة ، وآخر يتعلق بالحصول على ضمانات أمنية في لبنان لإقناع مستوطنيه بالعودة «الآمنة» إلى مستعمرات الشمال
ما سلف نحن من نحاول فهمه ، لكن المعتوه نتنياهو عمد ليلة امس ان يُفهّم الجميع مقاصده طوال الفترة السابقة ، واخذ يشرح هذه الاستراتيجية ، حيث قال صراحة إن برنامجه يقوم على الاستمرار في الحرب ، وإنه «لم ولن يخضع لأي ضغوط لوقفها» ، قبل أن يذكّرنا بأن “إسرائيل” ستقتل كل من يمس أمنها ، وأنه مستعد مع حكومته وجيشه لمواجهة أي خطوات تقوم بها جبهات المقاومة ردًا على جرائمه في لبنان واليمن وإيران
لكن ما غفل عنه المعتوه نتنياهو من خطوته الجديدة انه ارتكب خطأ جسيم وكبير سوف يُدرك نتائجه عاجلًا ليس آجلاً ، وهو إفساح المجال أمام مستوى جديد من التنسيق بين قوى المقاومة ، والانتقال من مرحلة التشاور والتنفيذ غير المترابط ، إلى مرحلة التنسيق الكامل ، وهو ما سيظهر بشكل جلي من خلال شبكات الردود عليه ، والتي ستنطلق من إيران واليمن ولبنان والعراق ومن فلسطين أيضًا ” والتوسعة بالمواجهة لن ينتج عنها استسلام اي جبهة بل على العكس فالقاعدة منذ البداية ” بتوّسع بنوّسع “
عمليًا ما حدث بالأمس ، هو ان نتنياهو بعد زيارته لواشنطن ، تصرّف كمن حصل على أكثر من ضوء أخضر ومُباركة مُطلقة لمواصلة جنونه في غزة ، وأقدم على أعمال جهة تملك التفويض للقيام بالمزيد من الجرائم لتحقيق أهدافها ، لذلك عاد مليء بالحماسة واستعجل حصاد زيارته ، من خلال توسيع دائرة اللهب والذهاب مباشرةً إلى حرق المنطقة بما استطاع ظنًا منه انه يتصرف بدهاء القائد الذي سيُخلد التاريخ ذكراه ، اقله بين ابناء جلدته ، وانه في فترة حكمه اثبت ان الكيان اللقيط يمتاز بتفوق تقني واستخباراتي ، وبأنه صاحب اليد الطولى ، لكنه لم يضع في حُسبانه ان النتائج قد تُفقد كل ما سبق معناه ، خصوصاً عندما لا يكون الهدف قابلاً للتحقّق ، ما يعيدنا إلى الحكمة التي تقول إن الأهم من اليد الطويلة هو العقل الذي يحركها ، وليس صعبًا شرح الفشل وقراءة نتائجه الخاسرة ، فلطالما كانت غزة وحدها عصيّة عليه ، وتُمثل الدليل الأكبر على عجز اليد الطويلة والقاسية عن تحصيل الأمن للكيان
ختامًا ، حتمية الرد امر مفروغ منه ، والعدو اللقيط متمثلاً برئيسه المعتوه يعرف ذلك جيدًا ، علمًا ان المقاومة بجميع جبهاتها لا تُريد توسعة الحرب والانجرار وراء رغبة العدو الذي يستميت لذلك
[فالعدو هو من يُريد الحرب الشاملة لعدة اسباب] منها سياسية وايضًا عقائدية ، فاليمين المُتطرف حساباته بالأغلب الاعم عقائدية ويريد ان يحول دون حتمية تحقق لعنة العقد الثامن ، خاصة انها في الحالتين السابقتين كانت تتحقق بسبب التفكك الداخلي للكيان ، والجميع يعرف ما يحدث في الشارع قبل الطوفان من احتجاجات ومشاكل فيما بينهم ، لذلك يؤيدون فكرة الحرب الشاملة والواسعة على اعتبار انها معركة هرمجدون التي ما برح يذكرها قادتهم وقادة الغرب كما يعتبر بعضهم انها معركة يأجوج ومأجوج التي سوف يظهر بسببها المسيح المُخلص ، وان الارض التي تحدث عليها هي جبل هرمجدو
كما ان سعيهم في الفترة الاخيرة الى ذبح الابقار والتطهر برمادها وبناء الهيكل المزعوم ، كانت جميعها استعدادًا لتلك المعركة التي لا بد منها برأيهم كي يتوب الله عليهم ، ويصبحوا من جديد شعبه المختار الذي يرث الارض
اذًا نحن امام معضلة حقيقية ، شعب غريب بموروثات اغرب وبحكماء اغرب واغرب ، لم يتعلم احد منهم من تجاربهم الماضية شيئًا ، ولا يفهمون سوى لغة الغدر التي تتعارض مع اي دبلوماسية ، جُل ما يمتازون به هو التعصب والعنصرية والتكبر مثلهم كمثل من قال ” انا خيرٌ منه ” ، وقد اوضحت لهم المقاومة مرارًا وتكرارًا ، أن عدم الرغبة في الحرب الشاملة لا يعني الموافقة على شروطه ، وانهم امام جولة تنتهي فقط ” بوقف الحرب على غزة” ، لكن اللقيط مُصر على خوض حرب وجودية ، ولا يريدها جولة بل حرب شاملة ، ويريد منهم مواجهته على اساس ذلك وبالطريقة التي تُناسبه وتوفر له فوزه الحتمي ، وبرأيّ الشخصي هذا تحديدًا هو ( حلم ابليس بالجنة )
2024-08-01