المضحكات المبكيات!
درصاف بندحر
تعتبر النكتة وسخرية الإنسان من حاله ومن الوجود من حوله ٱلية من آليات الدفاع النفسي ووسيلة تمكن صاحبها من التأقلم مع واقع غير مرغوب فيه والحماية من المشاعر السلبية.
أرسل صديق “فرويد” رسالة يقول له فيها بأنه يحلم أحلاما مضحكة هي أشبه بالنكتة. حينها شرع مؤسس مدرسة التحليل النفسي في البحث عن الصلة بين النكتة كما يصنعها اللاوعي وبين والحلم.
توصل فرويد في كتابه ” النكت وعلاقتها باللاوعي” الذي نشر عام 1905م إلى أن النكات ، مثل الأحلام ، يمكن أن تكون ذات صلة بالرغبات أو الذكريات اللاواعية.
تستند نظرية “فريد” حول الفكاهة على نظريته فيما يتعلق بالهوية، والأنا، والأنا العليا. هو يرى أن الأنا الأعلى هو ما يسمح للأنا بتوليد الفكاهة.
ويؤكد فرويد على وجود ستة تقنيات أساسية للنكات منها المعنى المزدوج ومنها النكات عن طريق التشبيه والتمثيل المضاد.
من وجهة نظر مدرسة التحليل النفسي، لاحظ عالم النفس النمساوي أنّ ما يمكن قوله حول النكتة والفكاهة يتطابق مع الأحلام. يعني هذا أنه يمكن أن يكون للنكتة علاقة قوية متأصلة باللاوعي واللاشعور.
حسب “فرويد” تكمن أهمية النكتة بالنسبة للإنسان في كونها وسيلة “تنفيس” و”تفريغ” للشحنات الانفعالية الناتجة عن ضغوطات الحياة المكبوتة.
نفهم من خلال هذا أن النكتة آلية نفسية دفاعية في مواجهة العالم الخارجي الذي يهدد الذات الداخلية؛ باعتبارها تمكن الفرد من التعبير غير المباشر عن دوافعه اللاوعية.
هذه الدوافع غالبا ما تكون مرتبطة بذات طبيعتها عدوانية أو ذات تسيطر عليها طبيعة جنسية مكبوتة.
يعني هذا أن النكتة تعد وسيلة لتخفيف حالة القلق الذي ينتج عادة عن الرقابة الداخلية.
كُثْرٌ هم الأشخاص من حولنا من تكون نكاتهم دائما حاضرة حتى أنك لا تستطيع أن تتحاور معهم بصورة جدية إلا نادرا.
هؤلاء، حتى في أصعب المواقف التي من المفروض أن تستدعي الحزن أو الأسى، يفاجئونك بتحويل ردة فعلهم المتوقعة كالحزن أوالحسرة على ما ضاع، إلى الفكاهة.
توسع مجال النكت ليمتد من إطار العلاقات الاجتماعية إلى مجالات أوسع كالنقد الساخر للسياسات الفاشلة والتندر على الشخصيات العامة والسياسية.
في الواقع، مالا يستطيع الناس التعبير عنه..ما قد يشعرهم بالمرارة عند وصفه أو الخوض فيه قد تمكنهم النكتة عند التعبير من خلالها، من مواجهته بشيء من الأريحية.
لا يمكن أن يفوتنا أنه لكل جيل معجمه وطريقته في التعبير ..في التندر ..في السخرية.
وفيما يتعلق بالنكتة فإنه قد لا تضحك جيل اليوم النكات التي كانت تضحك الأجيال السابقة..قد لا تضحك هذا الجيل نكات دريد لحام أو عادل إمام.. لكن مالا يمكن الاختلاف بشأنه أن الأجيال كافة تلجأ إلى النكتة لمواجهة المرارة وللتخفيف من شدة القتامة التي لا تملك حيالها شيئا.
يقول مارك توين الذي يعرف بأنه أفضل ساخر أمريكي و يعد من أعظم كتاب أمريكا الساخرين أن “المصدر السري للفكاهة ليس الفرح بل الحزن”.
درصاف بندحر
2023-09-13