القرار في عواصم محور المقاومة الرد حتما وبدون انتظار..
في بيروت خطاب نصر الله الأهم والأخطر..
وفي طهران القصف المباشر.. الاتصالات السياسية والجهود الدبلوماسية تسابق الزمن من اجل التأثير في نطاق الرد وحدوده…
الامر محسوم والقرار اتخذ هذا هو الجواب المجمع عليه من كل المصادر ذات الصلة بمحور المقاومة في بيروت. وسؤال الأهداف المحتملة ونطاق الرد يبقى معلقا، لكن ما هو محسوم في هذا السياق هو ان الرد سيكون موجعا ورادعا . وكلمة “الردع ” هي الكلمة المفتاحية في التوتر القائم بين تل ابيب وعواصم محور المقاومة. اذ يشعر نتنياهو بالنشوة ويحاول تجيير الاغتيالات لصالح جهود ترميم الردع المفقود منذ يوم السابع من أكتوبر العام الماضي، وقد تفاخر في خطاب ووجه امس للداخل الإسرائيلي بصوابية نهجه وسياساته التي أنجزت هذه الاغتيالات ومما جاء في خطابه “
“”قلت لمواطني إسرائيل في الأيام الأولى من الحرب إنّ الأمر سيتطلّب وقتًا وصبرًا منا جميعا، وأكرّر ذلك اليوم. منذ عدّة أشهر ولا يوجد أسبوع لا يطلبون منّي فيه في الداخل والخارج إنهاء الحرب. ويقولون: “أوقف الحرب لأنّنا استنفدناها ومن المستحيل تحقيق النصر”.
لم نستسلم للأصوات آنذاك وأنا لا أستسلم اليوم. لم نكن لنقضي على رؤوس حماس وآلاف الإرهابيّين، ولم نكن لندمّر البنية التحتيّة تحت الأرض، بل ببساطة كانت قدراتهم لتبقى معهم، ولم نكن لنسيطر على خط فيلادلفيا ومعبر رفح – أنبوب الأكسجين التابع لحماس – ولم نكن لنخلق الظروف التي تقرّبنا من إطار يعيد أيضا مختطفينا ويمكّننا من تحقيق جميع أهداف الحرب – لإعادة مختطفينا، للقضاء على قدرات حماس الحكوميّة والعسكريّة. ضمان أن غزة لم تعد تشكل تهديدًا لإسرائيل وإعادة سكّاننا إلى الجنوب والشمال بأمان إلى منازلهم. لقد حقّقنا كلّ الإنجازات في الأشهر الأخيرة لأنّنا لم نستسلم ولأنّنا اتخذنا قرارات شجاعة””
وبهذه المواقف يغلق نتنياهو امام الجمهور الإسرائيلي القصة وكأن الامر انتهى عند هذا الحد، ولا يخبرهم بتداعيات تلك السياسات والقرارات التي سماها شجاعة، وان الجولة لم تنته بعد وان سياسته قد تفتح أبواب الجحيم وان الجمهور الذي يتفاخر امامه بإنجاز المهمة اول من سيدفع الثمن .
بينما ينظر محور المقاومة الى الاغتيالات باعتبارها محاولة إسرائيلية لفرض معادلة خطرة ثمنها على المحور كبير جدا واكبر من ثمن خوضه الحرب بكل مخاطرها. وليس سرا ان طهران تشعر بالاهانة في الصميم جراء اغتيال رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية فوق أراضيها، خاصة انه جاء تلبية لدعوة رئيس الجمهورية المنتخب “مسعود بزكشيان” والاغتيال حصل يوم تنصيبه . بينما يوقن حزب الله ان ضرب الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال اهم قادتها العسكريين فؤاد شكر يشكل خرقا لا يمكن ابتلاعه لقواعد الاشتباك، وتجاوز للخطوط الحمراء يستدعي ردا عسكريا تدفع من خلاله إسرائيل ثمنا باهظا يجعلها تفكر مليا قبل تكرار هذا الفعل.
أوقف حزب الله امس القتال بشكل تام على الحدود وساد الهدوء الجبهة لأول مرة منذ عشرة اشهر، وهو ما فسرته مصادر إسرائيلية بانه الهدوء الذي يسبق العاصفة. لكن بذات الوقت يمكن تفسيره بطريقة أخرى، بالقول ان مرحلة الشهور العشرة من حرب الاسناد المضبوطة بحدود جغرافية وقواعد ميدانية انتهت، وان تحولا في شكل الصدام العسكري ومرحلة جديدة اكثر شراسة وعنفا توشك علـى الانطلاق.
العيون شاخصة اليوم الى الخطاب الذي سوف يلقيه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قبيل انطلاق مراسم تشييع الشهيد فؤاد شكر في بيروت. الخطاب عصر اليوم ينظر اليه باعتباره الإعلان الأهم بخصوص السؤال الداهم “اين ستتجه الأمور” وكيف سيكون الرد وماهي حدوده ونطاقه. والى جواره تطرح أسئلة حول ما اذا كان الرد سيكون مشتركا مع الجمهورية الإسلامية في ايران وحركة انصار الله في اليمن، خاصة ان الأطراف الثلاثة أعلنت نوايا الرد على العدوان الإسرائيلي سواء على الحديدة او اغتيال هنية في طهران او شكر في الضاحية الجنوبية. اذا كان الجهات العسكرية في عواصم محور المقاومة قد اتخذت قرار الرد المشترك سنكون امام حدث غير مسبوق في تاريخ الصراع، وستواجه إسرائيل مئات وربما آلاف الصواريخ والمسيرات دفعة واحدة ومن جبهات متعددة. والسؤال الأهم هل ذلك سوف يجر المنطقة الى الحرب الشاملة المفتوحة والكبرى؟
اذا فرضت الحرب الشاملة ودخل محور المقاومة بكامله في المعركة المفتوحة مع إسرائيل، فان الحرب ستأخذ شكلا مصيريا، وحسب المعلومات ومعظم المصادر والاوساط القريبة من المحور، فان هذه الحرب سينظر اليها محور المقاومة انها الحرب الأخيرة، وسيتصرف على هذا الأساس بالخطط العسكرية من حيث كثافة النيران الجوية ومستوى التدمير والاهداف المختارة، ومن حيث القرارات بالدخول البري نحو شمال فلسطين المحتلة والتثبيت الدائم داخله، والتوغل الى حيث امكن، بالإضافة الى استهداف القواعد والقوات الامريكية في المنطقة.
اما اذا اخذت الحرب شكل الجولة، فان المحور سيكون حريص على إعادة معادلة الردع، وتدفيع إسرائيل ثمنا لا تقدر بعده اتخاذ قرارات الاغتيالات بذات الطريقة التي فعلتها في الأيام الماضية.
في الساعات الماضية تحركت الجهود الدبلوماسية والاتصالات بشكل مكثف لاحتواء التداعيات، وبدأت حملة ضغوط دبلوماسية ووساطات مع ايران لمنعها من تنفيذ تهديدها، ونشط الدبلوماسية الامريكية والأوروبية بشكل خاص لإنقاذ إسرائيل. لكن من الصعب ان تتراجع ايران مهما بلغت الضغوط ومهما حاول الوسطاء، لان امر المرشد الإيراني السيد علي خامنئي قد صدر بضرب إسرائيل مباشرة. وبالمقابل كشفت مصادر دبلوماسية ان إسرائيل أرسلت رسالة لطهران وحزب الله انها مستعدة لحرب شاملة .
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية أن إسرائيل أبلغت لبنان وإيران عبر قنوات دبلوماسية أنها مستعدة لحرب شاملة. وأضافت القناة أن المؤسسة الأمنية في إسرائيل تستعد لمجموعة من الردود المحتملة تشمل محاولات لاختراق الحدود الشمالية.
وحسب مصادر أخرى فان الوسطاء يحاولون التخفيف من الرد الإيراني وليس منعه، تحسبا لانزلاق الأوضاع الى حرب شاملة . ويظل الإعلان الإسرائيلي عن الاستعداد لحرب شاملة موضع شك، اذ ان عشرة اشهر من القتال في غزة جعلت الجيش والمجتمع الإسرائيلي في حالة انهاك، كما ان عدم تحقيق اهداف الحرب امام قوة محدود الإمكانات في غزة يجعل مسألة الاستعداد للحرب كما تزعم إسرائيل محاولة تمويه وخداع، اذ ان إسرائيل لا يمكنها الصمود الا بالاعتماد على الولايات المتحدة والدول الغربية.
ويؤكد ذلك ما نقلته صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤول بالبنتاغون أن الولايات المتحدة حشدت 12 سفينة حربية في الشرق الأوسط بعد اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر. وتؤكد الولايات المتحدة دعمها الكامل لما تصفه بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
بيروت ـ خاص بـ”راي اليوم” ـ نور علي:
2024-08-01