الشيخ الخالصي : أزمات العراق مرتبطة بالتدخل الأمريكي!

في حوار حصري تستضيف صحيفة ” عرب جورنال ” الأمين العام للمؤتمر التأسيسي الوطني العراقي، الشيخ جواد الخالصي، للوقوف عند آخر التطورات في العراق، وعلى رأسها “أزمة المقرات” المشتعلة بين الحكومة العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني، وما رافقها من أحداث شغب وتوترات في مدينة كركوك. ويناقش الحوار الوضع السياسي والإقتصادي للعراق اليوم، ومحاولات الدخول في مسار التعافي رغم التحديات الداخلية والخارجية. كما يتطرق الحوار إلى الكثير من الملفات الساخنة على الساحة العراقية، بينها التحركات العسكرية الأمريكية الجديدة شرق الفرات وفي المناطق الحدودية مع سوريا.
حلمي الكمالي
أزمات العراق مرتبطة بالتدخل الأمريكي والجو السياسي المتطاحن بين فئات وأحزاب العملية السياسية الفاسدة
لا أمل في الانتخابات المقبلة ولا حل للأزمات الداخلية إلا بوجود عملية سياسية وطنية مستقلة
يجب إلغاء قوانين الاحتلال بما فيها قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية وإنشاء دستور وطني جديد بعيداً عن المحاصصة
يجب إنشاء محور اقتصادي وازن يخدم مصالح شعوب المنطقة العربية والإسلامية ويخلصها من مخططات الهيمنة الأجنبية
التدخل الأمريكي هو الخطر الأكبر على العراق وتحركاته في الحدود العراقية السورية تهدف للإبقاء على مشروع الهيمنة
الإساءة للإسلام في الغرب مخطط للقوى الإستعمارية للتغطية عن جرائمها في عالمنا الإسلامي
نعمل لنسخة جديدة من “المؤتمر التأسيسي الوطني العراقي” لإدارة المسيرة حتى تحقيق الإستقلال الكامل
_ في أعقاب التوترات وأحداث الشغب التي شهدتها كركوك على خلفية مطالبة الحزب الديمقراطي الكردستاني لمبنى يشغله الجيش العراقي.. لماذا أخذت الأزمة كل هذا الزخم ؟ وهل هناك مخطط لإعادة العراق إلى مربع العنف والاحتراب الداخلي عبر تأجيج الفتن المناطقية؟ ومن يقف خلف هذه المخططات؟
الساسة المتورطون في العملية السياسية والمراهنون على التقسيم والفتنة يصرون على ممارسة نفس الأدوار التي أراد المخطط الاحتلالي تنفيذها، ولهذا تأخذ أبسط الأحداث أبعاداً تصعيدية خطيرة لأن المنخرطين فيها لا يريدون تحقيق المصالح الوطنية، وحتى مصالح المكونات التي يزعمون تمثيلها، بل هم يريدون تثبيت وجودهم وتوليد أدوارهم من جديد ضمن مشروع التقسيم الفاشل ومشروع الاحتلال المهزوم.
_ هل تعتقدون أن أزمة كركوك الجديدة تتعلق بالجو السياسي الملتهب بين الأحزاب والمكونات العراقية، مع اقتراب الانتخابات المحلية؟ وماذا عن واقع الحياة السياسية اليوم في العراق بشكل عام ؟ وكيف يمكن إنهاء التفرقة ولم الشمل بين العراقيين ؟
نعم.. أزمة كركوك وأزمات الإقليم المنقسم على نفسه بشدة والذي يعاني من الفساد والاستبداد وأزمة ميناء الفاو، وموضوع الربط السككي كلها ترتبط بالجو السياسي المتطاحن بين الفئات والأحزاب التي أسست وجودها على علاقتها بالعملية السياسية الفاسدة والفاشلة، وما أسفر عن عجز في مدعياتها وفشل تطبيقاتها ومنجزاتها وخصوصاً الإنتخابات التي قاطعها أكثر من تسعين بالمائة من أبناء الشعب العراقي ،ولا يوجد أمل واضح في الإنتخابات القادمة إن أمكن تنفيذها لأن الأساس الذي قامت عليه العملية أساس فاشل وضعيف، ولا إمكانية لأي حل ينهي الأزمة إلا بوجود عملية سياسية وطنية مستقلة تبنى على أسس القوانين التي تراعي مصالح الشعب وأحوال الوطن، والغاء القوانين التي فرضها المحتلون وطبقها أتباعهم جهلاً وكرهاً من خلال قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية الذي جيء به معلباً من الخارج والذي لا يسمح بإقامة دولة حقيقية فاعلة، فهذا القانون هو الذي جاء مع الاحتلال معلباً ومكتوباً من قبل خبراء الصهيونية وبيد محامي يهودي شاب اسمه “نوح فيلدمان” والذي جاء مع الحاكم الأمريكي بول بريمر.
وقد رفضته كل القوى السياسية علناً ثم عادت وأجبرت على توقيعه مع رفضه من قبل السيد السستاني، ومع هذا صار القانون هذا أساس الدستور العراقي الفاشل الذي صار المعوق الرئيسي لإقامة دولة فاعلة بدل الدولة الفاشلة التي انتجها الدستور.
لذلك، يجب إلغاء القوانين التي فرضها الاحتلال وفي مقدمتها قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية وما تأسس عليه من دستور وقوانين تابعة، والعمل على إنشاء دستور جديد ببعد وطني شامل وبعيداً عن المحاصصة والصراعات الداخلية.
وللعلم فإن إلغاء هذا القانون كان ضمن الفقرات الأربعة التي تضمنها كتاب مكتب السستاني إلى الأمين العام للأمم المتحدة.
_ مع إعلان مشروع ربط السكك الحديدية الذي يربط إيران والعراق وسوريا ولبنان.. أي أهمية إستراتيجية لهذا المشروع على المستوى الإقتصادي والأمني، بالنسبة للعراق والمنطقة بشكل عام؟ وهل قد تساهم مثل هذه المشاريع في التحرر من الهيمنة الاقتصادية الأمريكية؟
وما التحديات الصعبة التي ماتزال تواجهها الحكومة العراقية، في ظل تقارير تشير إلى تقدم العراق في مسار التعافي من الأزمات؟ وما الذي يجب عليها فعله من وجهة نظركم ؟
مشروع الربط السككي موضوع مثير للجدل وللقيل والقال ويوجد الكثير من الخبراء الاقتصاديين أبدوا معارضة لهذا المشروع لأنه يضر بشدة بمصالح العراق الوطنية في ظروف قاسية يمر بها منذ عهد الاستبداد والطغيان إلى عهد الاحتلال والفلتان، وكان رئيس الوزراء الحالي أحد المعترضين على هذا المشروع عندما كان عضواً في مجلس النواب، ولكن الأمر أوسع من هذه المفردة وهو ما يتعلق بتعاون العراق مع إيران وباقي دول الجوار العربي الإسلامي لقيام محور اقتصادي وازن يخدم مصالح شعوبها ويخفف من مخططات الهيمنة الأجنبية التي تسرق ثروات الأمم والشعوب، وهذا مشروع مركزي يجب أن تتبناه كل دول المنطقة وأن يكون العراق القوي المستقل فاعلاً ومؤثراً فيه مع عدم التفريط بمصالح الشعب العراقي وتقدير مصالح الشعوب المجاورة وهناك خطة عملية ستطبق عندما يسترجع العراق قراره السيادي.
_ التحركات العسكرية الأمريكية في الحدود العراقية السورية.. ما دوافعها ؟ وهل تسعى واشنطن لإعادة عزل العراق عن محيطها العربي؟ وكيف يشكل استمرار التواجد العسكري الأمريكي خطورة على أمن واستقرار البلد؟
التدخل الأمريكي هو الخطر الأكبر على العراق وعموم المنطقة والعالم ككل لأنه هو السبب الرئيسي في الأزمات التي تحصل في كل مكان، ولكن أمريكا اليوم في حالة تراجع واضح فهي تحاول أن تحافظ ما أمكن على باقي وجودها، فتأتي هذه التحركات على الحدود مع سوريا كعملية حرب نفسية من جانب، وللابقاء على مشروع هيمنتها على العراق وعزله عن محيطه العربي والإسلامي، إلا الدول الذائبة في المشروع الأمريكي والمتحالفة والمطبعة مع العدو الصهيوني.
_ أين موقع العراق اليوم في محور المقاومة؟ وأي دور تساهم فيه فصائل المقاومة العراقية في خضم المعركة المفتوحة مع القوى الغربية في المنطقة؟
لا يمكن أن يحسب العراق على محور المقاومة إلا بعد تحقيق ما ذكرنا للوصول إلى الإستقلال الناجز كما هو مثبت في أدبيات الحركة الإسلامية في العراق، ومسيرة المرجعية المجاهدة وهو يعني الإستقلال الكامل والحقيقي، والصراع في العراق اليوم يجري لتحقيق هذا الشرط.
المقاومة العراقية هي التي أسقطت مشروع الاحتلال، وهي حركة وطنية شملت كل العراق وجاءت في لحظة وجوم أصابت الكل بسبب جريمة الاحتلال الغاشم والصادم، ولكن الفصائل التي دخلت في العملية السياسية وشاركت المحاصصة وتلوثت بالفساد فإنها ستفقد شرف الإنتماء إلى المقاومة وستخسر حتما إرثها الجهادي إن كان لها شئ منه في الماضي.
_ بصفتكم من أبرز المناضلين السياسيين والدعاة لتوحيد الأمة العربية والإسلامية.. برأيكم كيف يمكن تكثيف الجهود لتوحيد الأمة والتصدي للأخطار التي تواجهها على كافة الأصعدة وخاصة المؤامرات والأفكار المسمومة التي يبثها الغرب لتفكيك المجتمعات اليوم؟
هذه الفترة هي الوقت الأنسب لحركة توحيد الأمة بعد الأزمات والدروس القاسية التي عاشتها في السنوات الأخيرة، فمن اللازم لكل حريص على الإسلام والأمة والإنسانية كلها لكي تتم مشاريعنا على أسس قوية واضحة، وحتى مرحلة قيام الأمة ودولتها على الشكل الصحيح.
_ ماذا عن المؤتمر التأسيسي الوطني العراقي الذي شاركتم في تأسيسه عقب الغزو الأمريكي للعراق.. إلى أين وصل اليوم؟ وهل مازال قائماً ؟ وما الهدف الرئيسي من تأسيسه؟
نعم… المؤتمر التأسيسي العراقي الوطني كان مشروع الشعب الموحد، ومؤسسة العراق الوطنية في مواجهة
مشروع الاحتلال التقسيمي الطائفي العرقي، وقد أدى دوره الخطير وأثبت قواعد جامعة للشعب العراقي أصبحت موضع إقبال والتزام الجميع حتى الذين عارضونا في البداية وكانوا مع الاحتلال، وذلك لاحساس الجميع بأن الشعب ككل يجمع على الإلتزام بهذه الثوابت، وما زال العمل مستمراً عليها، ويجري العمل لنسخة جديدة منه تمثل الهيئة الوطنية المستقلة لإدارة المسيرة حتى الإستقلال بإذن الله تعالى.
_ ما تعليقكم على الإساءات الغربية المتكررة للإسلام وللقرآن الكريم؟ وما دوافعها؟ وكيف يمكن مواجهتها كعرب ومسلمين، أنظمة وشعوباً؟
كنا قبل أسبوعين في حوار تلفزيوني حول هذا الموضوع، وذكرت فيه أن الإساءة إلى المقدسات الإسلامية والمسيحية في الغرب خصوصاً في الدول التي لا تملك تاريخاً استعمارياً مثل السويد وألمانيا، يأتي ضمن مخطط من الدول الإستعمارية لوضع حاجز كبير بين الغرب عموماً وبين العالم الاسلامي، من أجل مواجهة إمكانيات الحوار الذي يفضح الممارسات الاستعمارية القديمة، والذي يعمل على إنهاء مخلفاتها الأخيرة مثل احتلال العراق، والتواجد العسكري الأمريكي على الحدود مع سوريا وفي قاعدة عين الأسد والتنف في البلدين، وبشكل عام فإن محاولات الإساءة هذه تشكل آخر المحاولات من المحور الغربي وموجهيه للحفاظ على آخر مصالحهم المتآكلة في المنطقة والعالم، وما يلاحظ من انهيار الكيان الصهيوني وتآكله السريع في الداخل، وهو ما يشكل معياراً لقوة النظام الغربي المؤسس للكيان اللقيط.
2023-09-18