الرياضة بين التسليع والإرهاب وفلسطين والقومية!
عادل سماره
لا تنحصر المركزانية الأوروبية أو الأورومريكية في الاقتصاد والثقافة والسياسة والمثليين …الخ بل ايضا في الرياضة. ورغم تسمية نشاط الفيفا ب “المونديال” إلا أنه ليس عالمياً بل طبعة غربية رأسمالية بامتياز تماما مثل تسمية الحربين العالمتين لأنهما ليستا عالميتين.
ويكفي أن نذكر أن الغرب منع روسيا من المونديال بحجة “العدوان” على أوكرانيا بينما أدخل الكيان الذي طرد شعبا عربيا من وطنه.
لا نقول هل كانت ستجرؤ قطر منع الكيان لأن قطر في تطبيع متكامل مع الكيان منذ عقود. ولو كانت تمرر ذلك بأساليب تعتقد أنها غير مكشوفة، بل هذا دأب الخليج ومعظم الأنظمة العربي.
لا أحد يعرف كم دفعت قطر من الرِشى حتى يقرر قادة الفيفا السماح لقطر بدورة المونديال الحالية.
العمل والرياضة:
العمل هو مبرر بقاء الإنسان، وهو نشاط إنتاجي بدأ لإنتاج الاساسيات وليس لبيعها. وبقدر ما تكره الفلسفة المثالية العمل تؤكد الفلسفات المادية على كونه واجب ومتعة روحية. والرياضة هي أحد انماط العمل لأنها لبناء الجسم وصولا إلى الارتقاء بالجسم إلى قداسة الجسد.
لكن بعد تورط البشرية في الملكية الخاصة اصبحت منتجات الناس او انتقلت من إنتاج الأساسيات اي إنتاج القيمة الاستعمالية إلى تحويلها إلى قيمة تبادلية أي اصبحت منتجات الناس الذي لا يملكون سلعا او بضائع تباع وتُشترى ولأن الإنسان يُنتج بجهده أو قوة عمله فإن جهده أصبح بضاعة تباع على شكل عمل مأجور.
في عصر راس المال والذي بدأ في الغرب طبعاً، جرى تسليع كل شيء، الجنس والفكر والثقافة والرياضة ايضاً. لذا أصبح ثمن هذا اللاعب كذا وذاك كذا وأصبح هذا النادي ملكا لهذا الثري أو ذاك! وبهذا فقدت الرياضة روحها العليا بما هي من أجل صحة الإنسان. وعليه، فتسليع الرياضة هو اغتصاب جسماني لا يختلف عن بيع الأجسام للدعارة.
ولأن الرياضة جرى تسليعها فمن الطبيعي أن تمتطيها السياسة وخاصة السياسة القديرة مالياً، وهذا من شروط راس المال.
لذا، تحديداً تمكنت قطر من استضافة المونديال فقط لأنها جاهزة لدفع الرشى والتكاليف وبكل البذخ الممكن. فقد اشترت، وإلى حين بقايا “شرف” الرياضة العالمية بالمال.
طبقاً للأرقام القطرية، انفقت قطر على المونديال 200 مليار دولار، وكما أوردت بيانات الموديلات السابقة فإن هذا الكلفة تفوق ربما كلفة عشرة مونديالات مجتمعة هذا إذا لم تكن هناك هوامش أخرى للرشى.
الإنفاق الإرهابي أكثر:
طبقا لأرقام صندوق النقد الدولي فإن مجموع ديون البلدان العربية هو 1.5 ترليون دولار. بينما ذكر حمد بن جاسم وزير خارجية قطر السابق بان دول الخليج وخاصة قطر والسعودية والإمارات انفقت على مشروع تدمير الوطن العربي بإرهاب قوى الدين السياسي وخاصة إسقاط سوريا 2 ترليون دولار. أي أن هذا الإنفاق وحده كاف لتسديد كل الديون العربية والمتبقي للتنمية.
طبعاً أخطأت انا أمس في حديثي لقناة العالم بأن قلت إن إنفاق قطر على المونديال كان 2 ترليون دولار ولم يسعفني الوقت للتصحيح. ومعروف أن حمد هذا قال بأن ما دفعته قطر لتدمير سوريا 137 مليار دولار، هذا ناهيك عن مدفوعاتها الأخرى لصالح الإرهاب.
قطر الحقيقية:
هذا يكشف للناس ما ومن هي قطر الحقيقية. هل هي نظام عربي، هل هي نظام إنساني، ديمقراطي حضاري؟ أم بؤرة توحش تغطي حكامها أقمشة لباس عربي تقليدي. فلو كانت الفيفا مستقيمة، اي لو لم تكن مؤسسة رأسمالية عفنة وفاسدة لما سمحت بإجراء المونديال في اي بلد خليجي قاتل وأداة للغرب.
أليست قطر التي بنت مدينة نموذج طرابلس الغرب وأعلنت إسقاطها قبل سقوطها وأعلنت سقوط بغداد قبل سقوطها. وقطر التي افتتحت مكتب مخابرات وتجارة مع الكيان منذ 30 سنة ناهيك عن كونها قاعدة أمريكية وتحوي قناة الجزيرة التي سممت الوعي الجمعي العربي.
والسؤال: هل فعلت ذلك قطر من راسها؟ بالطبع لا، فهي بلا راس، بل بأوامر الإمبريالية الأمريكية خاصة. وهذا دائماً من أجل تقويض القومية العربية ولخصي ال،م.قا.و,م.ة.
رب ضارة نافعة:
كان لافتاً جدا تعبير الشباب العربي عن عروبتهم متجسدة في الانتماء لفلسطين ولعل هذه كانت الصفعة لكل من حاكم قطر وزبانيته والفيفا جميعها. لقد وجد الشباب فرصة للتعبير عن قناعاتهم بعيدا عن مخابرات بلدانهم وجلاوزتها، ويجب ألا نفاجأ إذا ما حوكم بعضهم حين عودته إلى بلاده. ذلك لأن الشباب صفعوا مختلف أنظمة التطبيع.
لقد كان موقف الشباب في الأساس ضد انظمة التطبيع أكثر منه ضد الكيان لأن موقفهم من الكيان تحصيل حاصل وهذا ما حاول إعلام الكيان تمويهه بمرارة قاتلة.
وللدقة، كان الموقف تعبيراً عن أمرين:
-
الأول أن العروبة حية
-
وثانيا أن حياتها عبر فلسطين.
ولأن الكيان والمطبعين حلفاء، كان الموقف ضدهما معاً.
تسطيح الوعي بأفيون:
يزعم السطحيون في الفهم أن ماركس قصد ب “الدين أفيون الشعوب” الدين نفسه، بينما قصد الدين السياسي. والدين السياسي نفسه هو الذي أنفق 2 ترليون دولار لمسح الأمة العربية، فهل كان هذا سيفعله الإسلام الذي هو عربي من حيث الموقع واللغة والفتوحات.
قاد تسليع الرياضة إلى تحويلها إلى افيون غربي للشعوب حيث أفقدت الأجسام قيمة كمالها وجمالها وصارت موضع اختراق من يُسموْن “محكَّمين” وصارت رياضة الفرد مشروعا رأسماليا فردياً خاصاً.
وللأسف، إذا كانت الرياضة في الغرب بطابعها الحالي موضوع تفريغ نفسي لمجتمعات منتجة وعاملة وطبعا تنهب غيرها فهي بحاجة لتفريغ، لكن المشكلة في العالم الثالث حي التمسمر أمام الشاشات من كثيرين يعانون البطالة العقلية والجسدية والنفسية.
مدهش حد الحزن حين تسمع شباباً في مواصلات عامة يمسكون الهواتف النقالة ويصرخون مع هذا أو ذاك ويشتمون من راهنوا عليه وكأنه بينهم.
إنها حالة تصنيم، حالة صمنية وثنية من اشخاص يبقى أن تقول لهم: “ومين داري عنكم”.
لكن الإنسان الضحل والمقهور لا بد أن يقوده مخياله إلى وهم الحضور هناك وبالتالي يجد نفسه بين نشوة الفائز وخيبة المهزوم، وهو طبعاً على هامش الحالة.
مريم وراهبة جلجامش:
حينما قرر جلجامش أخذ إنكيدو إلى جانبه (انظر ملحمة جلجامش) إلى مملكته بعد أن كان يعيش حرا مع الحيوانات أرسل راهبة إلى نبع الماء وأوصاها أن تعرض مفاتنها بجانب الحوض الأمر الذي أدهش إنكيدو وأثار رغبته الجنسية وضاجعها اسبوعا كاملا حيث انهكته وتمكنت من أخذه إلى جلجامش طائعاً طيعا.
كان لافتاً رقص مريم وهي تعرض أوسع مساحة ممكنة من جسمها للجمهور في عرض لا علاقة له بالرياضة إلا بمعنى:
-
تأكيد ثقافة الغرب الإباحية وأسر عيون ملايين الشباب البسطاء ·
-
والثأر للمثليين الذين لم يتمكنوا من عرض بضاعتهم الممجوجة.