الحرب أو العار؟ ليس أمام العرب خيار ثالث.. مقولة “تشرشل” حاضرة.. فهل يعيد التاريخ نفسه؟
ماذا بعد انفض السامر وباتت الشعوب العربية والإسلامية أمام الحقيقة المطلقة بكل قسوتها؟
وماذا عساها أن تفعل في الأيام الستين التي تسبق مجيء دونالد ترامب أكثر رؤساء أمريكا عنصرية وحماقة والأشد كرها للعرب؟
اللجوء للتاريخ في مثل هذه الأجواء ربما يفسر أمورا كثيرة، وهو الأمر الذي دعا الكاتب السياسي والباحث في شؤون الأمن القومي جمال طه للتذكير بواقعة تهديد “هتلر” العالم بأنه سيحتل إقليم “السوديت” التابع لتشيكوسلوفاكيا بحلول الأول من أكتوبر 1938، فما كان من تشمبرلين رئيس وزراء بريطانيا العظمى، الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، إلا أن ذهب الى هتلر في منزله يوم 15 سبتمبر، قبل أسبوعين من مهلته، أملا في التوصل إلى حل دبلوماسي لتجنب نشوب الحرب، لكنه عجز عن اقناع هتلر بالتخلي عن أطماعه، فعاد تشمبرلين والتقى هتلر في 22 و23 سبتمبر، وكانت النتيجة إصرار هتلر على موقفه، فألقى تشمبرلين خطابا للشعب البريطاني يوم 27 سبتمبر يمهد لما انتوى فعله قائلا: «إنه أمر مروّع ومذهل وغير معقول أن نحفر الخنادق ونرتدى أقنعة الغاز هنا بسبب نزاعات في بلد بعيد، بين أشخاص لا نعرف عنهم شيئًا… ومهما تعاطفنا مع دولة صغيرة تواجه إحدى دول الجوار الكبيرة والقوية، فلا يمكننا في جميع الظروف أن نتعهد بأن تنخرط الإمبراطورية البريطانية بأكملها في الحرب على حسابها.. إذا كان يجب علينا أن نحارب، يجب أن يكون ذلك في قضايا أكبر من ذلك» ووصف طه خطاب “تشمبرلين” بأنه لغة ملبدة بالخذلان، ورؤية لا تتجاوز أطراف أصابع قدميه.
وعقد مؤتمر دولي في ميونخ يومي 29/30 سبتمبر 1938، حضره تشمبرلين وهتلر وإدوارد دالادييه رئيس وزراء فرنسا، والدكتاتور الإيطالي بنيتو موسوليني، ولم تحضر الحكومة التشيكوسلوفاكية التي انتُهِكَت سيادتها وضاعت هويتها بموافقة كل الحضور على التنازل عن إقليم السوديت التابع لها لألمانيا، اعتبارًا من 1 أكتوبر.
ad
ولفت إلى أن فلسطين لم تكن أول ذبيحة ، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة.
وتابع قائلا: “بمجرد عودة تشمبرلين الى لندن من ميونيخ أطلق مقولته الشهيرة كمنتصر «أصدقائي الأعزاء، إنها المرة الثانية في التاريخ التي يعود فيها رئيس الوزراء البريطاني من ألمانيا حاملًا معه السلام والشرف.. أعتقد أنه قد حلّ السلام في عصرنا».. لكن ونستون تشرشل ألقى خطابا حاسما تحت قبة مجلس العموم البريطاني في 5 أكتوبر 1938، رد فيه على مقولة تشمبرلين مخاطبًا «لقد كان أمامكم في ميونخ أن تختاروا بين قرار الحرب أو العار، فاخترتم العار، هذه هزيمة كاملة مطلقة، وسوف تلاقون الحرب أسرع مما تظنون».
وتابع قائلا: “وبالفعل فككت ألمانيا النازية تشيكوسلوفاكيا في مارس 1939، واحتلت الأراضي التشيكية، بالإضافة إلى مدينة براغ، وأكد هتلر في خطاب علني أن الهدف التالي للنازيين كان بولندا، المجاورة لألمانيا من جهة الشرق، ولم تعلن بريطانيا الحرب على المانيا الا في سبتمبر 1939.”.
واختتم طه متسائلا: “ترى، هل يعيد التاريخ نفسه، فقد ابتلع العرب ألسنتهم وهم يشاهدون ما فاق كل تصور من عمليات إبادة ممنهجة، واستيلاء على الأراضي بالقوة، وضم بلا رادع، والله «لقد اخترتم العار، لكنكم ملاقون الحرب على أراضيكم نفسها أسرع مما تظنون».
السؤال الذي يفرض نفسه: إلى متى لا يتعلم العرب من دروس التاريخ و فلسفته القائمة على القوة؟
أولم يأتهم نبأ أبي الطيب المتنبي الذي قالها منذ أكثر من ألف عام: من أطاق التماس شيء غلابا.. واغتصابا لم يلتمسه سؤالا كل غاد لحاجة يتمنى.. أن يكون الغضنفر الرئبالا ومن بعده جاء أحمد شوقي ليعلنها مدوية على الملأ:
وما نيل المطالب بالتمني ..
ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
د. عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر يقول إن هذه الحرب لن تتوقف إلا إذا وقف العالم بالقوة وليس بالنداءات والإدانات والبيانات.
ويضيف لـ”رأي اليوم” أن دعم المقاومة بات فرض عين على كل الشعوب العربية والإسلامية.
وأكد الدسوقي أن مشروع الشرق الأوسط الجديد مشروع يهودي تبنته الولايات المتحدة الأمريكية يقوم على تقسيم ال 22 دولة عربية إلى 73 دولة، على أسس طائفية: عرقية أو دينية أو مذهبية، لافتا إلى أن المشروع لا يزال قائما عن طريق إثارة الحروب الطائفية.
من جهته يرى الكاتب الصحفي مصطفى بكري أن يبدو أن الصهاينة سيمضون في مخططهم الإجرامي إلي النهاية بعد توعد وزير المالية الإسرائيلي بفرض السيادة الإسرائيلية علي الضفة الغربية ، وهو ما يعني ضم الضفة الغربية وتهجير الفلسطينيين، تمهيدا لإعلان الدولة اليهودية علي كامل الأراضي الفلسطينية.
ودعا بكري لتذكّر حديث نتنياهو عن بدء تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد ، مؤكدا أن المنطقة كلها معرضة لمخاطر عنيفة و الخيار الوحيد هو في وحدة العرب ومواجهة أطماع الصهاينة.
في ذات السياق يرى السياسي المصري زهدي الشامي أنه يوجد أساس قوى للاعتقاد أن خطة ترامب السابقة للشرق الأوسط لم تعد صالحة، فهو قد تغير ،ولايوجد قبول لحشد دول المنطقة ضد ايران بدلا من إسرائيل، بل يوجد الآن تعاون معها وحرب اليمن انتهت.
القاهرة – “رأي اليوم” – محمود القيعي:
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة تعبّر عن رأي صاحبها حصراً
2024-11-16