التسويق الإعلامي للمفاوضات الإيرانية الامريكية يفضح الكثير!
صائب خليل
في نقاط عديدة، فضح الاعلام الذي سعى لتسويق المفاوضات، اختلال المبادئ والشك في النوايا منها بالنسبة للمنطقة ولإيران. ونكتفي هنا بما نشره محمد صالح صدقيان كنموذج، وهو مشابه جدا لما تحدث به الاعلاميون الإيرانيون الآخرين، فنلاحظ هنا مثلا:
1- التركيز على قضايا شكلية تافهة ومحاولة تصويرها كانتصارات ايرانية وقضايا مهمة مثل افتراض عجيب بأن ترمب أهمل نتانياهو من اجل عيون ايران، والإلحاح على أن ترمب “هو من بدأ بدعوة ايران”.
وهنا أتذكر مباهاة صدام حسين عندما كان نائبا، وذهب ليوقع في الجزائر تنازله عن نصف شط العرب لإيران، عاد ليفاخر بأنه رفض أن يذهب الى حيث يجلس الشاه، وأصر ان يقوم الطرفان ويلتقيا في منتصف المسافة بينهما، وعد ذلك انتصارا واثباتا لكرامة العراق!
2- التأكيد على كونها “مفاوضات معقدة.. اختبار صعب.. أمتحان صعب”، وهي العادة التي يلح على تكرارها كل من يشعر أنه متهم من قبل شعبه بتضييع حقوقه، وهو ما كتبت عنه مرة حين ارسلوا هوشيار زيباري (وهو عدو للعراق لا يقل عن عداء نتانياهو له) ليفاوض عن العراق على الاتفاقية مع الامريكان، وكان يكرر بشكل ممل، الحديث عن “صعوبة المفاوضات” والجميع يعلم انه لم يكن هناك اية مفاوضات. وهنا ايضا لم تكن هناك اية مفاوضات، ولكن لسبب اخر هو أنها لم تبدأ اصلا لأنهم قالوا ان كل ما حدث هو تبادل اربعة رسائل، حدثت في يوم واحد، فمن اين جاءت “الصعوبة”؟
3- الإلحاح على قضية كون “المفاوضات غير مباشرة” وتصويرها ايضا وكأنها انتصار لإيران وشرط ايراني خطير فرضته على أميركا التي قبلته خاضعة..
لنلاحظ أن كون “المفاوضات غير مباشرة” لم يذكر نهائيا في خطابات السيد الخامنئي، ولا تطرق إلى أن رفضه للمفاوضات يقتصر على “المباشرة”، بل اعتبرها بشكل عام “غير مشرفة” مباشرة او غير مباشرة، وهذا ما سبب حرجا كبيرا لحكومة بزشكيان التي تعتبرها هدفا “استراتيجيا” لا خيار غيره.
4- محاولة خداع الناس بـ “ندية” المفاوضات وان هناك “تهديدات متقابلة” (فلا بأس ان نقبل تهديدات ترمب) و “قلق متبادل”، في حين ان الموضوع كله هو منع إيران من بعض حقوقها المشروعة وفق القانون الدولي بفعل العنجهية والتهديد الامريكي، ولا يصدق أي مغفل انه بالإمكان ان تكون هناك اية ندية في الموضوع او اي شيء متقابل.
5- إغراء الشعب الإيراني وإسالة لعابه بكذبة لا يقبلها العقل باحتمال استثمار اميركا بـ 4 ترليون دولار في إيران إن نجحت المفاوضات! ولتقدير حجم المبلغ المهول نقول انه يعادل الانتاج النفطي العراقي إن كان بخير ، لمدة خمسين عاماً!
6- أن المفاوضات ليست لمصلحة ايران فقط بل ايضا للولايات المتحدة و “مصالحها في المنطقة”! وهي تكشف نية منح ايران لأميركا ما يعزز مصالح اميركا في المنطقة، والشيء الوحيد الذي تريده اميركا في المنطقة هو السيطرة على مقدرات كل بلد فيها ودفعه الى التطبيع وتوجيه ثروته الى المليارديرات الامريكان والاسرائيليين وعملائهم، فما المقصود بالإشارة الى هذا إذن؟؟
التخبط والكذب الذي يغمر الإعلام الذي يحاول تسويق المفاوضات، مؤشر اضافي على خطر تلك المفاوضات ويدعو لعدم الثقة بحكومة بزشكيان ونواياها وبالمفاوضين انفسهم، ولعل من المناسب هنا ان نتذكر قول الإمام الخميني: “إذا رضيت عنك اميركا فعليك ان تراجع نفسك”!
13 نيسان 25