التسول حقيقة ام تجارة والمسؤولية!
عبد الخالق الفلاح
الصورة الأكثر بؤساً وبشاعة في العراق اليوم هي ظاهرة التسول ” وهو طلب مال، من عموم الناس باستجداء عطفهم وكرمهم وإحسانهم”، إما بسوء حال أو احتياج أو احتيال بالأطفال أو النساء، بغض النظر عن صدق المتسولين أو كذبهم، وهي ظاهرة خطيرة تشوه صورة مجتمعنا ، وتحقق مكاسب سهلة وغير مشروعة للمتعاطين بها رغم كل التحذيرات من الجهات المسؤولة في انجرار الشباب نحو هذه الظاهرة ومخاطره على المجتمع ، و انتهاك لحقوق الطفل؛ وذلك باستغلال الأطفال في عملية التسول، حيث يطلب منهم بيع بعض أنواع البضائع منخفضة القيمة في محطات تعبئة الوقود؛ أو مسح السيارات ، ان الذين يتسولون ليسوا كلهم فقراء أو يعانون من الضغوط الاقتصادية فالكثير منهم لجأوا إلى التسول ليس بسبب الفقر انما لسهولة العملية في كسب اكبر كمية من المال فيرى المتسول أنه سيكسب في الشارع أكثر من اكتسابه في الوظائف الخانقة وقد تكون هناك مافيات تدير العملية و ربما من بين كل ألف متسول يكون شخص أو شخصان فقراء حقا”. والقانون العراقي فيه من المواد التي يمكن الاستفادة منها لغرض للحد من هذه الممارسات ” يعاقب القانون على جريمة التسول باعتبارها من الجرائم الاجتماعية في المادة (390 و 392) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969. وفقا لهذه المواد:- ” يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن شهر كل شخص أتم الثامنة عشرة من عمره وكان له مورد مشروع يتعيش منه أو.كان يستطيع بعمله الحصول على هذا المورد وجد متسولا في الطريق العام أو في المحلات العامة أو دخل دون إذن منزلا أو محلا ملحقا لغرض التسول ولا تزيد على ثلاثة أشهر إذا تصنع المتسول الإصابة بجرح أو عاهة أو الح في الاستجداء ،يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة كل شخص استغل طفلا دون سن الثامنة عشرة في التسول أو استغل شخصا آخر في التسول بالإكراه أو بالتهديد أو بالخداع.”.،كما هناك ايضاً التسول الإلكتروني الذي يدخل في خانة الاتجار بالبشر إذا تم استخدام الأطفال أو أشخاص آخرين في مقاطع الفيديو والصور، وأصبحت أسهل طريقة للنصب والاحتيال والاتجار بالبشر من خلال استغلال مشاعر التعاطف لدى المواطنين. و هي ظاهرة اجتماعية واقتصادية خطيرة تنتشر بسبب الفقر والبطالة والحروب والنزوح والأزمات الأمنية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد ،تدار و بأساليب ماكرة وتنظيم عال،رغم ان الكثير من البلدان تشكو منها و أصبحت ممارسة غير حضارية للفقراء والمحتاجين في زحام المتسولين وأساليبهم الماكرة، فعندما تتجول في الأماكن المزدحمة كالأسواق العامة والمستشفيات، وأي مكان به جمهرة من الناس، يكون الحاضر الذي لا يغيب؛ مجموعة متفرقة من أطفال وفتية ونساء وشباب وكبار بالسن، يندرجون تحت مسمى الفاقة والاحتياج والتي تتكرر يومياً ويمارسها الاف المتسولين في شتى الأماكن والطرقات، أن يفرش متسول سجادة من قماش على الأرض ويُجلس طفله أو طفلته عليها أو يجعله مستلقياً إن كان رضيعاً، في صورة تثير النفور والاستياء من مدى استغلال الطفولة والاتجار بأبنائهم بهذا الشكل الشنيع، أو على الأقل يتجولون معهم في الطرقات كوسيلة لإثارة الشفقة، وتسهيل مهمة الدفع لهم من دون مطاولة، وبجهد يسير.ويقسم انماط التسول الى :الظاهر: وهو التسول الواضح،المقنّع: وهو التسول المستتر وراء أنشطه أخرى مثل بيع السلع الصغيرة أو أداء بعض الخدمات البسيطة،الموسمي: وهو التسول في مواسم ومناسبات معينه، مثل الأعياد أو رمضان،العرضي: وهو التسول المؤقت الناتج عن ظروف استثنائية.
لاشك ان الدولة تقع عليها المسؤولية الأكبر في الحد من هذه الظاهرة ولكن تقع على عاتق المجتمع العبء الأثقل في محاربة ظاهرة التسول في عدم التعاطف معهم إلا من يجدون انه في امس الحاجة لتقديم العون المساعدة؛ لأن هذه الظاهرة تنتشر بتجاوب وتعاون الناس معها وتختفي بكف الناس عن إعطاء هؤلاء المتسولين المال؛ فيجب على جميع أفراد المجتمع التعاون مع الجهات المختصة للحد من هذه الظاهرة السلبية والقضاء عليها وعلى الجهات الرسمية المختصة تجريم التسول، بتطبيق العقوبة المنصوصة في القوانين المعمول بها في البلاد وفي توفير العمل لكل قادر على العمل وتوفير الضمان الاجتماعي لكل عاجز نتيجة مرض او اعاقة او الشيخوخة، إن استمرار هذه الظاهرة على المدى البعيد ، تشكل خطراً اجتماعياً ” النفسية والمعنوية”و تعرض المتسولين وخاصةً النساء والأطفال والفتيات الصغار إلى مخاطر الانحراف الجنسي والجريمة، إذ تجلب هذه الظاهر كل عوامل الدمار لتعرضهم لكافة أطياف الناس، وتزرع في دواخلهم بذور الإجرام والانحراف واقتصاديا في زيادة البطالة والصحية بسبب قيامهم بالعديد من الممارسات غير الصحية؛ كتناول الطعام والشراب في الشوارع دون التأكد من سلامة ونظافة الطعام، أو نظافة أيديهم، مما يُعرضهم لأمراض في المعدة، إضافةً إلى عيشهم في ظروف معيشية سيئة لا توفر المعايير الصحية المناسبة للعيش بسلامة، وتسبب لهم أمراضًا متعددة مثل؛ مرض الربو، والسل، ومشاكل في النظر.
والمجتمع وبالأخص من يعنيه الأمر من الجهات المعنية ” وبالأخص الوزارات والمؤسسات المعنية بالأمر”النظر في الظاهرة ومحاربتها والقضاء عليها قضاء مبرما ومكافحة التسول والأمن العام وأئمة المساجد. وعلى جميع المواطنين أن يكونوا يداً واحدة لمحاربة هؤلاء بشتى الوسائل وعدم التهاون معهم أو مد يد العون لهم بأيّ مساعدة تذكر ومن الله العون والسداد
– باحث واعلامي
2023-07-19