الاستخبارات وكيف ينشط دورها خلال الحروب!
رنا علوان
تعتمد أجهزة الاستخبارات على جمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية من خلال عدة مصادر كالأقمار الصناعية والطائرات المسيرة والتجسس على وسائل التواصل الاجتماعي ، وتشتد حدتها في حالة الحرب عبر نشر المعلومات المضللة والدعايات والقيام بأنشطة سرية لتجنيد عملاء وجواسيس ، ولقد أنفقت حكومة الولايات المتحدة مطلع القرن الحالي حوالي 30 مليار دولار سنويًا على الأنشطة المتعلقة بالاستخبارات ، ووظفت زُهاء 20.0000 شخص في الولايات المتحدة وعدة آلاف آخرين من المواطنين الأمريكيين في الخارج في كل من الصفتين السرية والعلنية
وتُعتبر وسائل التواصل الاجتماعي اليوم نمطًا و أسلوبًا جديدًا في تجنيد العملاء و الجواسيس ، وذلك لأن أجهزة الاستخبارات باتت تعتمد على منصات و مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير وملحوظ جدًا ، وبعد تجنيدهم يتم إعادة زرعهم فيها
وكان العدو في عام 2017 ، قد أطلق عبر جهازه الاستخباراتي (الموساد) حملة ، من خلال الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي لتجنيد جاسوسات وضابطات جمع المعلومات والعمليات الخاصة ، على حد تعبيره
وفي التفاصيل قام أوفير جندلمان المتحدث بإسم رئيس الوزراء الإسرائيلي للإعلام العربي بنشر إعلانًا للحملة باللغة العربية في صفحته على موقعي فيسبوك وتويتر ، مما أثار موجة من ردود الفعل الساخرة ، في حينها
وتُعرف الاستخبارات بأنها عملية جمع وتحليل ومعالجة المعلومات من أجل [دعم صناع القرار] كما تعمل على حماية الدولة من التهديدات الداخلية والخارجية
وتعتمد الأجهزة الاستخباراتية على تجنيد العملاء كالعاملين الحاليين والسابقين في الحكومات أو القطاع الخاص ، عبر تقديم فرص عمل مربحة ، ومبالغ كبيرة من المال ، لمساعدتهم في الوصول إلى المعلومات
وللعمليات الاستخباراتية العديد من الأوجه منها
الأقمار الصناعية : أصبحت البيانات من أقمار التجسس التجارية جزءًا لا يتجزأ من الحروب ، مما يوفر المعلومات الاستخباراتية وتشكيل الرأي العام من خلال الكشف عن الدمار في البنية التحتية المدنية وتوثيق جرائم الحرب المحتملة
تطبيقات الهواتف الحمولة: تستغل الأجهزة الاستخباراتية التطبيقات لتعقب هواتف نشطاء وصحفيين ومديري شركات وسياسيين. وقد أثار برنامج “بيغاسوس” الإسرائيلي للتجسس على الهواتف المخاوف للاطلاع على رسائل الهاتف والبريد الإلكتروني والتنصت على المكالمات وتتبع مواقع المستهدفين
الإشاعات والمعلومات المُضللة : يوضح “ريتشارد جوان” المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، كيف تلعب هذه الطريقة ، ضاربًا لنا مثلاً (في 19 فبراير 2022 “من حرب روسيا الهجينة كيف كانت تقوم بزرع البلبلة والمعلومات المضللة”
فالكرملين ، بحسب ريتشارد جوان ، مشغول بإنكار المعلومات “السرية” الأمريكية المنشورة وتشويه سمعتها ، موضحًا أن الولايات المتحدة ، بنشرها تلك المعلومات ، تحرم بوتين من ميزة المفاجأة التي يتمتع بها )
كما ان الدخول في المناقشات التي تزداد وتيرة مع الاحداث تشكل خطرًا حقيقيًا
فعلى سبيل المثال تم القبض على أحد هؤلاء الجواسيس في بلدة “سلوفيانسك” بشرق أوكرانيا ، بعد الاشتباه فيه لنقله معلومات لموسكو ، ألقي القبض عليه ، حيث تم تجنيده من خلال تطبيق [ تلغرام بواسطة شخص اسمه نيكولاي ، مقابل (500) هريفنا أوكرانية ، أي حوالي (17) دولارًا فقط ]
اذن ينشط دور الاستخبارات كثيرًا خلال الحروب ، فكما هنالك حروب تجري على جبهات القتال ، بإستخدام الأسلحة ميدانيًا ، هناك حروب استخباراتية تدار بالتوازي ما بين أطراف النزاع والصراع ، لا تقل خطورة عما يجري في الميدان ، وربما لا تكون هناك مبالغة ، اذا قلنا بأن ما يجري في الميدان يقوم على ما تقدمه وكالات الاستخبارات من بيانات ومعلومات “الاستطلاع” وما تحصل عليه اليوم الطائرات المسيرة والمسح الجوي ، وما يتم تزويدها به من معلومات تجسسية
فلقد شهد مفهوم الأمن تغيرًا كبيرًا منذ نهاية الحرب الباردة ، هذا الفهم غيّر أيضًا خصائص الاستخبارات ، وهذا يعني إن الدول تحتاج إلى تحسين سياساتها بمعلومات استخبارتية جديدة ، علاوة على ذلك ، ينبغي للسياسات الأمنية الجديدة وتكتيكات الاستخبارات أيضًا أن تتماشى مع التهديدات أو المخاطر الجديدة ، [بسبب تغيير وتطور المخاطر والتهديدات] فعلى سبيل المثال قبل 20 عامًا كان العالم يتحدث عن الإرهاب ، ولكن الآن المجتمع الدولي يتحدث عن مخاطر التهديدات السيبرانية ، واستراتيجيات الحرب الهجينة وما إلى شاكل ، بالإضافة إلى ذلك ، الصراعات الداخلية أو الحروب دفعت العالم للانتقال إلى أنشطة استخباراتية مختلفة ، ( فالصراعات الجديدة أيضا تسببت في مشاكل أمنية مع وسائل التواصل الاجتماعي )
ان الاستخبارات ” تقليديًا ” أدت وظائف واسعة النطاق وحاسمة في مجالات الأمن والدبلوماسية وفن الحوكمة ، وتوسع دورها في حل النزاعات في السنوات الأخيرة ، حتى بات يشكل الآن عنصرًا أساسيًا في سياسات واستراتيجيات إدارة الصراع
وهذا يعني ان هناك حاجة إلى فهم ومعرفة أعمق لأدوار المخابرات في الديمقراطية وآليات الرقابة البرلمانية والمساءلة والمسؤولية الاجتماعية ، فضلاً عن إمكانات الاستخبارات في اوجه عدة
كما تعمل المخابرات ، في العمليات العسكرية ، بتقييم المعلومات المتعلقة بقوة وأنشطة ومسارات العمل المحتملة للدول الأجنبية أو الجهات الفاعلة غير الحكومية التي تكون عادةً ، وإن لم يكن دائمًا ، أعداء أو معارضي
ويستخدم مصطلح “المخابرات” أيضًا للإشارة إلى جمع هذه المعلومات وتحليلها وتوزيعها والتدخل السري في الشؤون السياسية أو الاقتصادية للبلدان الأخرى ، وهو نشاط يُعرف باسم “العمل السري” والمخابرات هي عنصر مهم من مكونات القوة الوطنية وعنصر أساسي في صنع القرار فيما يتعلق بالأمن القومي والدفاع والسياسات الخارجية
كما نلاحظ انه خلال الحروب ، هناك العديد من الطرق التي يمكن أن تساعد بها المعلومات الاستخباراتية مفتوحة المصدر في فهم كيفية اندلاع الصراع ، فعلى سبيل المثال ، في حالة حرب أوكرانيا ايضًا [ ماحصل في الفترة التي سبقت الغزو ، بأن أعطت مقاطع الفيديو المنشورة على TikTok صور لتحركات القوات وحشدها على حدود أوكرانيا ]
كانت الإستخبارات الغربية ، الإستخبارات الأمريكية والأوكرانية ، قد وضفت عدد كبير من المحققين الرقميين من أجل تتبع الأزمة المتصاعدة ، ولقد استخدم هؤلاء الأشخاص معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر للتحقيق في وتوثيق تحركات القوات الروسية داخل أوكرانيا
لكن وبشكل عام ، فإن المعلومات الاستخبارية مفتوحة المصدر مفيدة ايضًا عند مجمع الاستخبارات وتظهر أهمية المعلومات مفتوحة المصدر ، بعد المراجعة والتحقق وكذلك التحليل
يأخذ محللو الاستخبارات من الناحية النظرية، المعلومات المقدمة من قبل جميع تخصصات الجمع ، ويجمعونها مع المعلومات من المصادر المتاحة للجمهور ، وينتجون تحليل “جميع المصادر” للعميل
[ نظرًا لأن التحليل يحتوي على معلومات تم الحصول عليها بواسطة مصادر استخباراتية ، يتم تصنيفها عادة ]
وإن تحليل المعلومات هو يعني القدرة على اكتشاف وقياس الأنماط في البيانات من أي نوع ، بما في ذلك الأرقام والرموز والنص والصوت والصورة ، وتشمل التقنيات ذات الصلة أساليب التعدين الإحصائي والبيانات أو أساليب التعلم الآلي مثل التعريفي على القواعد والشبكات العصبية الاصطناعية والخوارزميات الوراثية والفهرسة
نظرًا لأن محللي الاستخبارات يتمتعون بسهولة الوصول إلى المعلومات من مجموعة واسعة من المصادر المتاحة للجمهور ، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان ينبغي عليهم تقديم تحليل يعتمد حصريًا على هذه المصادر المفتوحة إذا لم تتوفر معلومات استخبارية مهمة حول هذا الموضوع ، بالطبع الأجابة هناك حاجة للتحقق من المعلومات من مصادر مفتوحة بمقاطعتها بمصادر سرية اي مصنفة
2023-11-08