الإعتراف بفلسطين وثمنه الصهيو- امريكي !
علي محسن حميد
الاعتراف التقليدي بدولة ما قرار فردي سيادي لأسباب واقعية أو لدوافع سياسية أوغير سياسية .وفي الوضع الفلسطيني لم يحدث أن ثلاث دول اعترفت بدولة” تحت الاحتلال” في وقت واحد وبإعلان وبتنسيق مسبقين. اعتراف إسبانيا والنرويج وإيرلندا يؤكد أهمية الإسراع بحل القضية الفلسطينية وفق تطلعات شعب فلسطين في دولة متواضعة جدا بحدود عام ١٩٦٧ .لقد طرق رئيس وزراء أسبانيا نيابة عن الدول الثلاث نقطة جوهرية هي أن الهدف من الاعتراف هو تعزيز السلام في المنطقة وهذه رسالة لإسرائيل ولامريكا واضحة بأنهما ضد السلام والاستقرار فيها وبأن السلام رديف لحل قضية فلسطين ولإنهاء الاحتلال البغيض.الاعتراف ليس للتحريض على قتل اليهود كما زعم وزير خارجية دولة الاحتلال المستدام التي تخسر أخلاقيا وسياسيا مع كل جريمة حرب ومجزرة ترتكبها في غزة .تم الاعتراف الثلاثي ومجازر رفح لاتتوقف ومصحوبة بتهجير جديد لمليون غزي جلهم أطفال ونساء وكبار السن. شهداء المجازر ” الأخلاقية” الصهيونية بالسلاحين الامريكي والبريطاني تجاوزوا ٣٦ ألف ويقترب عدد المصابين من ٨٠ ألف غير مايقرب من ٢٠ ألف من المفقودين تحت الركام. هذه الجرائم تعتبرها دولة الاحتلال عملا بطوليا وأخلاقيا لأنها دفاع عن النفس! وعن الحضارة الغربية ، أما امريكا فلاتزال ترى أن الكيان لم يتجاوز الخطوط الحمراء .لم تترك إسرائيل قشة إلا ونبشتها وتشبثت بها وقد صنفت نفسها بأنها جزء من الحضارة الغربية وهذا يؤكد بأنها كيان دخيل لأن حضارة المنطقة العربية وغير العربية حضارة غير غربية . إن الاعتراف بالدولة غاية أي شعب يناضل ضد فرض واستمرار الأمر الواقع وما أشد مرارة هذا الواقع في فلسطين المحتلة كلها. امريكا تتاجر باعترافها لكي تنتزع من الفلسطينيين بالابتزاز تنازلات تنقض قراري مجلس الأمن رقمي ٢٤٢ و٣٣٨ اللذان ينصان على عدم جواز الاستيلاء على الارض بالقوة وكل قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي تريد مع دولة الاحتلال قبول الفلسطينيين بتغيير الجغرافيا الفلسطينية لصالح الديمغرافيا الصهيونية الاستيطانية تحت الإكراه المسمى لديهما “تفاوض” . وهذا هو لب مشكلة الاعتراف بدولة فلسطين امريكيا. واشنطن تخنق الدولة الفلسطينية دبلوماسيا لأن اعترافها هو وحده الذي سيجعل فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة مالم يعدل ميثاقها ويلغى حق النقض للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الآمن. ورغم أن مائة وثلاثة وأربعين دولة اعترفت بفلسطين قبل الدول الثلاث فقد كتمت إسرائيل غيضها واعتبرته غير ذي قيمة لأن الأهم لديها هو الاعتراف الامريكي لأنها تراهن هي وامريكا مجتمعتين على التعب الفلسطيني وعلى نجاح سياسة الاستيطان الإستئصالي في وأد حق الشعب الفلسطيني في الاستقلال والحرية وتحويل الفلسطينيين إلى أقلية في الضفة المحتلة يقبلون كأي أقلية طوعا أو كرها بالحكم الذاتي.هذه هي الديمقراطية الصهيونية التي هي جزء لايتجزأ من الديمقراطية الغربية العنصرية و سر صمت إسرائيل التي لاتحيد قيد أنملة عن ايديولوجيتها وعن إجماع أحزابها على رفض قبول نقيضها كدولة ذات سيادة وهذه هي سياستها التي لم تتغير منذ اغتصابها لفلسطين عام ١٩٤٨.
رفض الدول موقف عنصري يبرر للعرب إحياء القرار الأممي رقم ٣٣٧٩:
لايمكن تفسير الرفض الصهيوني لدولة فلسطين إلا بأنه عنصري لأن العنصرية كما عُرِفت في نظام الابارتهايد في جنوب افريقيا قبل عام ١٩٩٤ بأنها لاتقبل التعايش مع الآخر ولو كان هو المالك الحقيقي والتاريخي للأرض. إن التفسير الأمني لرفض دولة فلسطين غير ذات موضوع لأن كل دول العالم لاتتمتع بأمن مطلق وشامل بما في ذلك العظمى منها ولن تكون إسرائيل استثناء من الناموس الدولي. إذا فموقف إسرائيل عنصري- توسعي بامتياز وحان وقت إعادة النظر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ٣٣٧٩ الصادر عام ١٩٧٥ بإحيائه. ينص القرار قبل أن يصبح نظام الكيان أكثر عنصرية ووحشية وتوسعا على أن ” الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، وتشكل خطرا على السلم والأمن الدوليين”. رئيس وزراء إسبانيا أوضح أن اعتراف الدول الثلاث له صلة بحرصها على تحقيق السلام والأمن الدوليين وإسبانيا المتوسطية جزء من المنطقة التي لم تعرف السلام منذ أن زرع الكيان وهو بذلك يخشى من تداعيات الاحتلال ومجازر غزة على السلام والأمن الدوليين و في بلاده. إن ممارسات وسياسات إسرائيل العنصرية وقانون يهودية الدولة سبب جوهري مقنع لتعزيزنجاح تقديم مشروع قرار عربي في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي لاتتمتع فيها دولة الاحتلال الثانية بحق النقض، بأن الصهيونية ودولتها كإيديولوجية وككيان عنصريان وأن من مصلحة دول العالم التصدي لهما وفرض عقوبات تردع إسرائيل حتى تقبل دولة فلسطين كدولة طبيعية كاملة السيادة على حدود عام ١٩٦٧ بدون تفاوض كما كان حال قيام إسرائيل عام ١٩٤٨. إن التفاوض لإنشاء دولة بدعة صهيو – امريكية يسير في ركابها عبيد امريكا وحدهم وإسرائيل لم تفاوض أصحاب الأرض على قيامها بل قامت بالإرهاب والدم والتوسع.
2024-05-29