ازدواجية المواقف تضرب بيانات الحكومة وتسقطها في “الفخ” الأمريكي!
بين جرف النصر واستهداف السفارة
أثار بيان الحكومة العراقية الأخير بشأن استهداف السفارة الامريكية في بغداد، استياءً شعبياً وسياسياً كبيراً، على خلفية وصفه عملية القصف بالعمل الإرهابي، في المقابل تعاملت الحكومة ببرود مع جرائم القوات الأمريكية في جرف النصر وكركوك وغيرها والتي ذهب ضحيتها عدد من الشهداء والجرحى، بالإضافة الى عمليات انتهاك السيادة المستمرة واستخدام واشنطن قواعدها كمراكز عسكرية لإدارة الحرب في غزة.
ويؤكد مراقبون أن حكومة السوداني تعاملت بازدواجية بين الجرائم الامريكية المرتكبة بحق الشعب العراقي، وبين عمليات المقاومة الإسلامية التي تُعد حقاً مشروعاً للدفاع عن النفس ضد قوات محتلة، وكان الاجدر بها أن تصف قصف جرف النصر وكركوك بالعمليات الإجرامية لأنها جريمة إرهابية مكتملة المعالم، وبالتالي فأن السوداني جامل الجانب الأمريكي على حساب الشعب العراقي، وهذه سابقة خطيرة قد تؤثر سلباً على مستقبله السياسي بحسب المراقبين.
وبعد عمليات قصف الحشد الشعبي الأخيرة التي نفذتها القوات الامريكية، كان هنالك توقع وترقب سياسي وشعبي كبير بأن يطالب السوداني الولايات المتحدة بسحب قواتها من البلاد وإنهاء الوجود الأجنبي في أنحائها كافة، خاصة أن العراق بات يملك قوة عسكرية قتالية متمرسة وليس بحاجة الى الدعم الأمريكي المزعوم، وأن التنظيمات الاجرامية لا تمثل تهديداً خطيراً، وبالتالي فأن مبررات الوجود العسكري الأمريكي انتفت.
ويؤكد الكاتب والإعلامي ماجد الشويلي، في تصريح لـ”المراقب العراقي” أن “البيان الحكومي حول قصف السفارة الامريكية في بغداد يحمل الكثير من الأخطاء، أولها وصف العمل بالإرهابي وكان من الممكن أن يصفها بكلمة أخف، مشيراً الى أن استهداف السفارة الامريكية في العراق ليس عملاً إرهابياً”.
وقال الشويلي إن “القوانين الدولية تجرم استهداف البعثات الدبلوماسية، لكن الامريكان في العراق قوات محتلة تجاوزت على سيادة البلاد مرات عدة”.
وأضاف أن “عمليات المقاومة ضد القواعد والمصالح الامريكية لها غطاء قانوني، وهي حق مشروع لأي بلد محتل من قبل قوة عسكرية، حتى دون الرجوع للحكومة الرسمية”.
وبين أن “استخدام السوداني لمفردة العمل الإرهابي تم توظيفها من قبل السفيرة الامريكية مباشرة، واتخذتها ذريعة لخلط الأوراق، كي تدين ضربات المقاومة الإسلامية ضد القواعد الامريكية خلال الأيام القليلة الماضية”.
وأوضح أن “الامريكان ومنذ فترة ينتظرون فتح جبهة بين المقاومة الإسلامية والحكومة لتخفيف الضربات الموجهة على قواعدهم في المنطقة، خاصة أن البيت الأبيض بدأ يشعر بخسارة كبيرة للمصالح الامريكية في المنطقة جراء تلك الضربات”.
وحمَّلَ الشويلي “بعض مستشاري رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، المسؤولية والذين كانوا من المفترض عدم استخدام كلمة الإرهاب في البيان الحكومي، حتى لا يتم استغلالها من بعض الجهات”.
وخلال الأسابيع الماضية، شنت المقاومة الإسلامية سلسلة هجمات استهدفت القواعد الامريكية في العراق وسوريا بواسطة صواريخ وطائرات مسيرة رداً على الدعم الأمريكي للاحتلال الصهيوني في العدوان الحالي على غزة، وعلى خلفية جرائم الاحتلال ضد قوات الحشد الشعبي في جرف النصر وكركوك، والتي راح ضحيتها عدد من الشهداء والجرحى.
من جهته يقول المحلل السياسي د. حيدر البرزنجي إن “المقاومة الإسلامية أعلنت مراراً وتكراراً أن البعثات الدبلوماسية والسفارات خارج قواعد الاشتباك، ، مشيراً الى أنها تبحث عن خلاص البلد من الاحتلال الأمريكي.
وأضاف البرزنجي في تصريح لـ”المراقب العراقي” أن “جميع العمليات التي استهدفت الوجود الأمريكي في البلاد تبنتها المقاومة الإسلامية، وهي لاتخشى من ذلك”.
وأشار الى أن “واشنطن تحاول إيجاد فجوة بين المقاومة الإسلامية والحكومة، وهو مشروع قديم منذ سنوات، لكن المقاومة الإسلامية واعية جداً وتعرف ما يخطط له، وتعرف أعداءها، ولا تعطي مساحة للمتربصين لخلق خلافات بينها وبين الحكومة”.
وتزايدت الضغوط الامريكية على حكومة السوداني في الآونة الأخيرة نتيجة تصاعد ضربات المقاومة الإسلامية ضد مصالحها في المنطقة، اذ أصبحت تلك الضربات تهدد وجودها في العراق، خاصة أن واشنطن عجزت عن إيقاف تلك الهجمات عبر قصف مقرات تابعة للحشد الشعبي والتهديد بالمزيد من العمليات العسكرية.
وفي وقت سابق تلقى السوداني مكالمة هاتفية من وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، بحثا فيها تداعيات قصف السفارة الامريكية في بغداد. ووفقاً لبيان وزارة الدفاع الأمريكية، فإن “المكالمة ناقشت التزام الحكومة العراقية بحماية الموظفين الدبلوماسيين ومستشاري التحالف ومنشآته”، مبيناً أن “أوستن أدان الهجوم الأخير الذي وقع على السفارة الأمريكية في بغداد وكذلك سلسلة الضربات على القوات الأمريكية في العراق وسوريا خلال الأسابيع الأخيرة، بحسب ما جاء في بيان البنتاغون”.
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
2023-12-10