إلى المعلم جورج حبش.. الجيل الجديد المُقاوم لن يحيد عن العهد ويرى في الشّهادة حياة!
بسام أبو شريف
يا بلادي كم ظلمتي في هذا التاريخ … يا بلادي كم ظلموك … ظلموك بشرا وظلموك حجرا وظلموك قدرا …
في حياتنا لا نرى شعب لآجئ على أرضه إلا في بلادي …
في عالمنا هذا لا نجد غزاة يستهدفون الأجنة في بطون الأمهات إلا في بلادي …
في هذه الدنيا لا نجد هواءا تسممه قنابل الغاز وأشعات المفاعلات دون حساب إلا بلادي …
في هذه الدنيا يمنع المواطن من شرب ماءه من نبعه لأن هنالك من غزاك
يسلبون منك الماء والهواء ويحرمونك من الدواء والغذاء ويقولون لك هذه أرضنا … ميعادنا … وأنت عبد فيها تخدم من غزا وطغى وبغى وقتل الأجنة في بطون الأمهات …
فريدة أنت يا بلادي حتى في الظلم الذي أنزل بك …
فلم يتعرض شعب على وجه الأرض وبقي حيا لما تعرضت له ياشعبي ويا بلادي لما تعرضت له يا شعبي ولما تعرضت له يا وطني …
الغزاة أفنوا أمما ودفنوا أمما أخرى ليسلبوا أرضهم وماءهم وسماءهم وما تحتويه أرضهم من ثروات وكنوز وهبها الله لهم وليس للغزاة …
في بلادي شعب يقيم بمخيمات لجأ إليها لأن منازله هدمت ولأن قراه أعدمت ولأن هنالك من غزا وسرق الأرض ونهبها واستخدم القوة العنيفة الدموية الإرهابية لطرد أهلها من بيوتهم وقراهم ومدنهم.
في بلادنا شعب يقيم بمخيمات على أرضه لاجئون في وطنهم لكنهم يرسخون في الأرض عميقا ولا يغادرون يتمسكون بحبة التراب كشجر الزيتون في بلادنا شعب لا يستسلم ولا يلين ولا يهون … في بلادنا شعب عريق غزا الأمم فكرا وسلاما وثقافة وحضارة … في بلادنا شعب تفوق على الفرنجة بكل أنواع التفوق ولحق به الفرنجة الذين تعلموا منه أن يستحموا وأن النظافة من الإيمان وأن الحديث بين المزارع والشجرة تعطي ثمرة وأن شعبنا الذي أنبت من أرضه فاكهة غزت العالم يستطيع أن ينبت في أرضه مقاتلين من بطون الأمهات الفلسطينيات اللواتي رفعن علم فلسطين منذ ولادتهن حتى استشهادهن …
في بلادي الغزاة يحرمون رفع العلم علم الوطن … يحرمون أن تقول أنك ابن البلد … يحرمون أن تكون لك بلد … يحرمون عليك أن تشرب الماء زلالا من نبع ملكته أمتك منذ عريق الزمان … يمنعونك من تنفس هواء طلق نقي أعطتك إياه طبيعة مليئة بالتين والزيتون والعنب والبرتقال والليمون …
لكن في بلادنا في وطننا شعب حي قيوم … شعب يقاتل بالقصة .. بالهمسة.. باللمسة .. شعب يقاتل ويبوح بأسراره لأشجاره شعب يقاتل الغزاة ويقول للشجر لا تعطي إلا لمن أعطاك فعدو الناس هو عدو الشجر لأنه عدو البشر قاوموا يا شجراتي يا عزيزاتي قاوموا معنا جيش الغزاة…
في موطني تنتظر الجدات والجدود أحفادهم … أكبادهم التي تمشي على الأرض ينتظرونهم ليحكوا لهم كل ليلة قصة من قصص بلادي وما قصص بلادي إلا قصص شعب بلادي فتحت كل حجر في بلادي تاريخ طويل من الأخلاق والعزة والعبادة وحب السلام وحب القيام وحب الزرع وحب الورد وحب الحرية والكرامة والعزة …
تنتظر الجدات والجدود أحفادهن لكي يقصوا عليهم كل ليلة قصة من يلادي كي يحفظ الطفل تاريخ أمته رغم منع العدو كتاب العلم وثقافة بلادي رغم حرمان الطفل من رفع علم الوطن علم بلادي يقولون وشعرهم ملأه الشيب شيب الحكمة والتجربة والمعاناة والصبر والمقاومة والحياة … يقولون لهم قصصا من بلادي يجمعها الأطفال في ذاكرتهم لكي يحملوا معهم رغم الغزاة … تاريخ بلادهم .. تاريخ أمتهم .. تاريخ من قاوم الغزاة …
يحكون في بلادنا يحكي أجدادنا لأحفادهم عن مارد شجاع مقدام لا تلين له قناة…
يحكون عن رجل ترك الدواء والداء وحمل رشاشا ليقاتل لإنقاذ شعبه من الغزاة مارد تمرد على الغزاة ينفض الدماء كما يتنشق الحرية والثقافة والحب للشجر والبشر
يحكون في بلادنا عن مارد رحل وعاد لنا تكفنه الحان ناي كلها حزن وأمل … يحكون عن مارد لو تكلم لفظ النار والدما … يحكون عن مارد دفن أخته في بيته في اللد ومضى ليكمل الطريق ويقاتل لطرد العدا …
يحكون في بلادنا عن جورج حبش الذي ترك المدعه وامتشق السلاح وحتى عندما أصيب امتشق ذراعه ليقاتل بها أعدائي … أعداءكم … أعداء أمتكم ليس فقط في فلسطين بل في أرض العرب …
جورج حبش هو الذي قال للجميع أرضنا تتكلم اللغة العربية ولا يمكن أن تستبدلها بلغة أخرى فالأرض تتكلم عربي وواجبنا أن نحافظ على هذه اللغة العريقة لأن كل حرف من حروفها وما تنظمه من كلمات وتعابير وما تسجله من تاريخ هو عريق عراقة هذه الأمة التي انتشلت نفسها من جهالتها لتقود تقدم العالم نحو مزيد من النمو الاجتماعي والسياسي والفكري والحضاري
يحكون عن أبي ميساء الذي سعى وهو تلميذ ليتعرف على قطعة السلاح … فقد كان يعلم أن الغزاة لا يمكن أن يخرجوا من بلادنا إلا إذا قاومهم شعبنا طفلا وامرأة ورجلا وكهلا مقاومة مسلحة وهو الذي طالب الناس بتنفيذ وصايا الله عندما قال وإذا اعتدوا عليكم فاعتدوا عليهم بمثل ما اعتدوا عليكم …
يحكون في بلادنا للأحفاد عن جورج حبش الذي لم يكن معتديا على أحد بل ثار على من اعتدى عليه وعلى شعبه ثار على من منعه دفن أخته ثار على من طرد عائلته من منزلها في اللد ثار على من هجر من أهل فلسطين مئات الآلاف ليحتلوا أرضهم وقراهم ويحولوا شعبا بأكمله لآجئا في وطنه سواء أكان هذا الوطن فلسطين التي غزوها أو الوطن العربي الذي حكموه عبر من وظفوهم حكاما ومتحكمين
يحكون في بلادنا يحكي أجدادنا عن جورج حبش المارد الذي يظهر للأعداء ليلا لينقض عليهم نارا حارقة … يحكون في بلادنا عن المارد جورج حبش الذي رفض المساومة على حقوق شعبنا ورفض عروض الغزاة بتقاسمها ورفض النيل من أي حق من حقوق شعبنا تماما كما رفض شعبنا هذا على مدى العصور وعلى مدى الغزوات التي تعرضت لها بلادنا من المغول إلى التتار إلى الأتراك إلى الفرنجة إلى البريطانيين إلى الصهاينة وفي كل مرة كانوا يخرجون … يحكون في بلادنا أن جوج حبش قال لهم سوف يخرجون إنما علينا أن نعد العدة ونمتلك القدرة والكفاءة من أجل أن نطردهم أو هم يعودون من حيث أتوا …
يحكون في بلادنا عن هذا المارد الذي أنار الطريق وقال لشعبه إن عدوك ليس فقط هذا الصهيوني الذي دعمه الغرب كل الغرب في الاستيلاء على أرضنا ووعده بأرضنا يحكون في بلادنا أنه علم الناس ويعلم أن العدو يشمل حكامنا أيضا في هذا الوطن العربي … يحكون أن المارد جورج حبش قال للشعب المقاوم أن حكاما عرب هم شركاء للصهاينة وهم في معكسرأعداءكم فلا تنسوا أنهم سيطعنونكم ظهرا قاتلوهم فهم جزء من معسكر الأعداء
يحكون في بلادنا عن المارد جوج حبش الذي علم أبناء المخيمات والقرى والمدن أن لنا في العالم حلفاء لأنهم أحرار يساعدون من يناضل من أجل الحرية ولأنهم أحرار يقاومون من أجل انتزاع حريتهم من الذي اغتصبها منهم وما الحرية إلا الإنسان ولا الإنسان يمكن أن نسميه إنسانا إذا سابت منه حريته
يحكون في بلادنا أن جورج حبش قام وزملاءه الأبطال بالثورة على الاحتلال وبالدعوة لإزالة الكيان الصهيوني الذي زرع على أرضنا
وعاهم للوحدة العربية وسار جنبا إلى جنب مع القائد جمال عبد الناصر لرفعة شأن الأمة من المحيط إلى الخليج وهتفت:
“يلا يا شعب العروبة قوم وثور وافرض كلمتك واصرخ بأعلى صوت خض الليل وازرع ويل عدو أمتك “
وهتف من وراءه جمهورعربي امتد من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي يهتف للثورة والحرية والاستقلال ولرفع شأن الأمة لتمتلك ثرواتها وتغدق منها على العلم والدواء والغذاء والبناء والصناعة والزراعة والتكنووجيا من أجل رفعة شأن الأمة وعودتها لكي تأخذ مكانها الطبيعي بين الأمم كما فعلت دائما …
يحكون في بلادنا جداتنا وأجدادنا لأحفادهم .. ” كان المارد جورج حبش يدعو للحديد والنار لمواجهة الاستعمار فيسأل الأحفاد ماذا يعني ذلك فيجيب الجد والجدة .. ” كان جورج حبش يعلم أنه لا يمكن أن نواجه قوة العدو المحتل والغازي بسلاح بسيط بل علينا أن نستخدم الأسلحة ونتدرب ونواجهه بالعنف الثوري لنسقط عنفه الاستعماري الاسستبدادي الظالم الدموي العنصري بنيراننا نيران الحرية والاستقلال والعزة والإنسانية
ويسأل حفيد من الأحفاد جده أين هو المارد الآن ؟ فيرفع الجد وجهه ناظرا للأحفاد مشرأب الرقبة فخورا بما يقول معتزا بمن يتحدث عنه ويقول إنه معنا إنه لا يموت لقد كفن بلحن ناي حزين مليء بالألم
ودثر بورد الجوري القدسي ونثرت عليه عندما استشهد ورود قدسية مباركة تمكنه من الوجود بيننا دائما فالثوري كالمارد جورج حبش لا يموت بل يبقى مع شعبه معلما قائدا يدعوه للكفاح الشعبي المسلح لتحرير أرض الوطن لأنه يعلم أن تحرير فلسطين هو تحرير للوطن العربي وأن هزيمة إسرائيل هي هزيمة لكل حلفاءها من الحكام العرب وأن هزيمة إسرائيل ستعني عمليا خروج الفرنجة من كل بلدان العرب وعودة ثروات العرب للأمة العربية واستخدامها من أجل نهضتها وتطورها وبلوغها المكان المناسب الذي يليق بها …
وتقول حفيدة صغيرة لجدها نحن نحبه لأنه يحبنا … أجابتها الجدة هذه المرة لتقول الشعب بأسره يحبه والشعب بأسره يعرف قيمته والشعب بأسره يتبع فيما يفكر ويفعل ويقاوم بما قاله جورج حبش …
يا رفيقي يا صديقي يا معلمي أنت معنا ونحن نحافظ على العهد والوعد ولا نرخي ولا نتراخى ولا نهن ولانستهين ولا نحيد ولا نبيد بل قوم يقاتل لأننا نرى في الاستشهاد حياة لشعب وأمة ونرى في القتال طريقا لاسترجاع ما أغتصب من حريتنا وكرامتنا وثروتنا ففلسطين ثروة الأمة وهي المفتاح وهي القفل فابشر ابشر يا أبا الميس يأتيك الآن جيل جديد جيل أعلم أنا كم كنت تحلم بنشوءه ونضوجه واتقانه فن القتال فقد أضفت للفكر القومي العربي ما لم يكن موجودا وهو أنه لا منال لأهدافنا إلا بالكفاح الشعبي المسلح مهما طال الزمن نعاهدك مرة أخرى وفي كل مرة نعاهدك ونجدد العهد بأننا لن نحيد ولن نبيد.
2023-01-17