آل سعود وهستيريا الإعلام.. من ’الأخبار’ الى ’عيسى’
ميساء مقدم
عادة ما تكون الحروب زاخرة بالدمار والخراب. وقد يكون الحديث عن جانب ايجابي للحرب فيه نوع من اللاانسانية. لكن العدوان السعودي الأميركي الأخير على الشعب اليمني، يدفعنا مرغمين الى الحديث عن جانب مضيء رغم قساوة المشهد، وبعده الانساني المرّ.
فكما شكّل العدوان الصهيوني الأخير على غزّة محطّة عكست بدء تغيّر لدى الرأي العام العالمي في النظرة الى “اسرائيل” (خصوصاً بعد مشاهد المجازر التي بات يصعب الحد من انتشارها بوجود وسائل الاتصال المتطورة)، فإن العدوان على اليمن سيكون على ما يبدو بداية انهيار صورة السعودية التي لطالما سعى أمراء آل سعود لتبييضها أمام العالم.
السعودية، البلد الوحيد في العالم الذي سمّي على اسم العائلة الحاكمة فيه، بدأ يواجه مأزق سقوط القناع. قناع لطالما سعى آل سعود للتلطي خلفه، مستعينين بشبكة علاقات واسعة وأموال طائلة، طوّعوا من خلالها معظم وسائل الاعلام وأهمّها في العالم. وما أكثر المرتزقة!
وكيف لا تخسر مملكة الرمال صورتها التي أنفقت المليارات لصنعها، وهي اتّخذت قرارها بالحرب المفضوحة على الاعلام، بل على كل كائن متحرّك على وجه الخليقة، يرفض تأدية فروض البيعة والطاعة للعائلة الحاكمة. بعد عدوانها على الشعب اليمني، ليست صفة قتل الأطفال والأبرياء هي فقط التي ستلتصق بصورة المملكة طويلاً، لكن صفة “الهستيريا” من الاعلام الحر أو الرأي الآخر، ستكون حاضرة بقوة أيضاً.
صحيفة “الأخبار” اللبنانية التي تعرّضت ولا تزال لحملة قمع سعودية لم تعد وحيدة على اللائحة. في الأساس سبقها الاعلامي جورج قرداحي في دفع الثمن. الرّجل الذي أقيل من عمله في قناة “إم بي سي” لمجرّد اعلانه عدم العداء لسوريا، صار له اليوم زميل في الموقف، لكن الموقف الرافض للعدوان على اليمن هذه المرّة.
ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز
نعم، تغتاظ المملكة التي لا تزال حتى يومنا هذا تمنع المرأة من قيادة السيارة، من أي كلمة لا تصب في سياق مشروعها الفاشل في المنطقة. وها هو الاعلامي المصري ابراهيم عيسى، ضحية جديدة للعنجهية السعودية، وقمعها. فبعد انتقاده لعاصفة الحقد على اليمن وشعبه، أعلنت قناة “أم. بي. سي” في بيان عبر موقعها الرسمي أنه “بقرارٍ من قناة “MBC مصر”، تم ايقاف عرض برنامج الـ “Boss” للإعلامي ابراهيم عيسى، بتاريخ 2 أبريل 2015، أي بعد 3 أسابيع فقط من بداية عرضه”، زاعمةً أن “البرنامج المذكور هو دون المستوى من الناحية الانتاجية، ولا يليق محتواه بشاشة العرض ولا بمشاهديها”.
“تلفزيون لبنان” كذلك لم يسلم من البطش السعودي. فهو منذ بثّ المقابلة الأخيرة للأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله على شاشته، يتعرّض لحملة مبرمجة من اعلام النفط العربي. وكأن الحظيرة الاعلامية التي بنتها السعودية ووزعتها في عالمنا العربي، باتت تهاب أي كلمة، صورة، أو حتى نسمة هواء لا تميل مع الرياح السعودية.
بهذه العقلية من تقبل الآخر وحريّة الرأي والتعبير، حملت السعودية عاصفة حزمها الى اليمن السعيد، مقررة أن شعبه لا بد أن ينعم ببعض من الديمقراطية التي ينعم بها مواطنوها.
شعب اليمن اليوم يجب أن يشعر بالسعادة، ويدرك أنه شعب محظوظ. نعم، كلّما تلقى طفل يمني بجسده الطاهر صاروخاً أميركياً موجّهاً من طيار سعودي، عليه أن يسبّح بحمد آل سعود، ويشكر.
هذا ما يُراد لنا أن نقوله، بل يراد لنا بكل ما يملكه المعتدي من “ًصفاقة” أن نصدّقه. لكن في عالمنا العربي، من لا يزال يرفع رأسه، يرفض الوصاية، ويقول كلمة حق بوجه دولارات “آل سعود”.