غرد إيدي كوهين على حسابه قائلاً [ أعطونا قناة السويس يا مصريين ، ونحن نتكفل بديونكم الخارجية ] رنا علوان
هذه التغريد بكل تأكيد ليست بالبريئة ، كما وليست من بنات أفكاره ايضاً
والمعروف عن كوهين أنه ( إحدى الأدوات الناطقة بلسان العدو ) حيثُ يتعمّد بشكل دوري إثارة البلبلة بين المغردين العرب ، وزرع الفتنة بتنسيق مع الموساد
وقد تزامنت هذه التغريدة مع تقارير صحفية اسرائيلية اكدت توسط المسؤولين في تل أبيب لنظام السيسي في مصر لدى صندوق النقد الدولي ، من اجل نيل الأخير على الموافقة لمنحه قرض جديد لمصر بقيمة 3 مليارات دولار ، بعد رفض دول الخليج القيام بهذه الوساطة
تُعد قناة السويس ، أحد أهم موارد الإقتصاد المصري الذي يعيش منذ سنوات أزمات هيكلية في ظل ارتفاع نسبة التداين الخارجي حتى اصبح يحقق ارقاماً قياسية
بدأت فكرة إنشاء القناة عام 1798 مع قدوم الحملة الفرنسية على مصر ، ففكر نابليون في شق القناة إلا أن تلك الخطوة لم تكلل بالنجاح
وفي عام 1854 استطاع دي لسبس إقناع محمد سعيد باشا بالمشروع وحصل
على موافقة الباب العالي ، فقام بموجبه بمنح الشركة الفرنسية برئاسة دي لسبس امتياز حفر وتشغيل القناة لمدة 99 عام
سميت قناة السويس نسبة إلى برزخ السويس الذي تجتازه القناة ، التي تبدأ في منطقة بورسعيد ، في بقعة ساحلية عند الموقع ، الذي اختير مدخلاً للقناة على البحر المتوسط ، وليس نسبةً إلى مدينة السويس ، وكان ذلك في 25 أبريل 1859 كما تربط بين البحر المتوسط والبحر الأحمر
استغرق بناء القناة 10 سنوات من 1859 إلى 1869 وذلك في عهد الخديوي اسماعيل باشا ، كما احتاجت عملية الحفر نحو مليون عامل مصري ، مات منهم أكثر من 120 ألفاً أثناء الحفر ، نتيجة الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة
وقد تم افتتاحها عام 1869 في حفل مهيب وبميزانية ضخمة
واجه العدو الصهيوني نوعاً من التقييد ، بمجرد إعلان مصر عن منع اي عبور لسفنها عبر قناة السويس ، وانطبق ذلك على جميع سفنها وفي مقدمتهم السفن العسكرية ، بل وكانت السفن غير الإسرائيلية التي تعبر القناة ويشتبه في حملها بضائع إلى العدو الإسرائيلي أو منه تتعرض للتفتيش ومصادرة ما هو متجه من وإلى العدو ، بغض النظر عن نوعه بإعتبار أن مصر كانت في حالة حرب معه
وكانت حرية عبور السفن الإسرائيلية في قناة السويس محل جدل شديد منذ توقيع الهدنة المصرية الإسرائيلية في (ربيع الآخر 1368هـ، فبراير/شباط 1949م) وبحث مجلس الأمن هذا النزاع ، إذ كان العدو بحتّج بأن منع مصر (سفنه من المرور) في القناة يعد انتهاكا للقانون الدولي والهدنة بين الجانبين واتفاقية قناة السويس الموقعة
(1306هـ، 1888م)
وكانت إسرائيل حريصة في المفاوضات مع مصر من خلال الرئيس الراحل أنور السادات على تضمين المعاهدة نصاً يمنح سفن العدو حق المرور في قناة السويس والممرات المائية في خليج العقبة ، وما نصت عليه معاهدة السلام بين مصر والعدو كان على النحو التالي
[تتمتع السفن الإسرائيلية والشحنات المُتجهة من الكيان وإليه بحق المرور الحر في قناة السويس ومداخلها في كل من خليج السويس والبحر الأبيض المتوسط وفقا لأحكام اتفاقية القسطنطينية لعام 1888 المّنطبقة على جميع الدول كما يعامل رعايا العدو الإسرائيلي وسفنه وشحناته وكذلك الأشخاص والسفن والشحنات المتجهة من كيانه وإليه ، معاملة لا تتسم بالتمييز في كافة الشؤون المتعلقة باستخدام القناة]
وتقع أهمية قناة السويس لأسطول العدو ، في أنها( الطريق الرئيسي والسريع لتحرك سفنه ما بين البحر المتوسط والبحر الأحمر وبين قاعدتيه في كل من حيفا على البحر المتوسط وإيلات على خليج العقبة)، كما أنها تُؤمّن وصول هذا الأسطول إلى خليج عمان بدون إعادة تزود بالوقود ، حيث ستحتاج الغواصة دولفين ذات مدى العمل حوالي 4500 ميل بحري عند الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح إلى التوقف مرتين على الأقل لإعادة التزود بالوقود في ميناء صديق ، أو في عرض البحر
كما أن القناة هي الطريق الأقصر لوصول أسطول العدو إلى مناطق شرق أفريقيا وجنوب آسيا في المحيط الهندي
وتُشكّل القناة وسيلة هامة ورئيّسية لمناورة أسطول العدو الإسرائيلي من قواعده الرئيسية في البحر المتوسط ، إلى البحر الأحمر وخاصة في الحالات الطارئة سواء في مياه البحر الأحمر أو خليج عدن أو المحيط الهندي في مناطق شرق أفريقيا وجنوب آسيا
يؤدي استخدام العدو لقناة السويس بجعل العدو الإسرائيلي قادر في فترة زمنية قصيرة على تهديد دول كانت تتصور أنها بعيدة عن مدى أسلحتها البحرية ، أو ان تصبح قادرة على توجيه ضربات أشد كثافة مما لو لم تكن قادرة على عبور قناة السويس ، حيث يحتاج الأمر زمناً طويلاً نسبياً
وتُعتبر دول غرب أفريقيا وجنوب شرق آسيا أشد الدول تأثرا بهذه النتيجة إلا أن احتمال تعرضها لذلك محدود لعدم وجود نزاعات مسلحة بينها وبين العدو في الوقت الحاضر على الأقل ، أما بالنسبة لدول المنطقة العربية اعتبارا من غرب إيران في الشرق إلى المغرب غربًا فإن تأثرها محدود نتيجة لوقوعها فعلاً في مدى أسلحة العدو البحرية وخاصة الصاروخ “أريحا 2” دون حاجة إلى عبور قناة السويس ، ولكن عبور أسطول العدو قناة السويس وخاصة الغواصة دولفين ، التي تشير تقارير غربية إلى أنها تستطيع إطلاق صواريخ كروز ذات رؤوس نووية يمكنها من تكثيف نيرانها على إيران ، وخاصة شرق ووسط إيران ، وباكستان بإضافة قدرات أسطول العدو وخاصة الصواريخ ذات الرؤوس النووية
لقد سبق هذا العرض الذي أدلى به كوهين (إعلان للعدوالإسرائيلي) بشأن بدء العمل في “قناة بن غوريون”، المنافسة لقناة السويس ، والذي أثار جدلاً واسعاً وتساؤلات كثيرة ، وخصوصاً بالنسبة إلى الأردن ومصر ، إذ ستكون قناة بن غوريون ، التي من المفروض انه تم بدء العمل فيها ، قريبة من الحدود البحرية الأردنية ، وستؤثّر أيضاً بصورة مباشرة في مصر
إن افتتاح قناة بن غوريون له آثار سلبية في الأردن ، إذا ستجد عمّان نفسها أمام حالةٍ مستفزة من النشاط للعدو الإسرائيلي في المنطقة ، القريبة من حدودها البحرية ، وربما يُعطّل المشروع الصهيوني لمشاريع أردنية ، كانت المملكة تخطّط من أجل تطويرها، مثل مشروع الناقل الوطني ، الذي يهدف إلى تحلية مياه البحر الأحمر ونقلها إلى المحافظات الأردنية
أمّا بالنسبة إلى مصر ، فإنّ عوائد قناة السويس ، عند تشغيل القناة بن غوريون ، ستنخفض إلى 4 مليارات ، إذ يتوقع “العدو الإسرائيلي” أن دخل القناة الجديدة سيكون ( أكثر من 4 مليارات في العام)لمصلحته
من المخطَّط أن يتم حفر قناتين مستقلتين ، واحدة من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط ، والثانية من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر. وبالتالي، يراهن “العدو الإسرائيلي” على منافسة قناة السويس ، لجهة الحركة السريعة لسفن الشحن
“العدو الإسرائيلي”، بعد افتتاح “قناة بن غوريون”، سيكون المستفيد مادياً ، والمتحكّم جغرافياً ، بحيث ستصبح القناة مصلحة للأنظمة المُصدّرة للغاز والنفط ، أو المستقبلة للبضاعة الأوروبية الاستهلاكية، وكذلك البضاعة الإسرائيلية ، جميعها مرتبطة بالمحافظة على مصالح “إسرائيل” وقدرتها ووجودها الدائم في البحر ، ولاسيما أنّ “تل أبيب” تنوي بناء مدن سياحية صغيرة عند القناة