لا شك أن دعوة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي التي وجهها لمن يمتلكون وسائل إعلام وصفحات في الفضاء الافتراضي، يطالبهم فيها بأن يزرعوا ويبثّوا الأمل، وأن بثّ الأمل بالمستقبل ليس خداعًا، هي أبلغ رد على الدعايات الكاذبة التي يبثها الأعداء لإشاعة روح اليأس والانهزامية لدى الشعوب كي تكفر بالمقاومة وجدواها.
وهذه الدعوة ليست مبنية على أمنيات وليست من قبيل التفاؤل، رغم أن التفاؤل مستحب ومطلوب، وإنما هي تقرير للواقع وحقائقه ودقائقه.
واللافت أن هناك مفارقة كبيرة، وهي أن التقصير في رصد تراجع أمريكا والغرب الاستعماري وتغير التوازنات لصالح قوى المقاومة للهيمنة، يقابله اعترافات بهذا التراجع تحفل بها وسائل الإعلام ومراكز الدراسات الأمريكية والصهيونية.
وهنا استجابة لدعوة سماحته، يمكننا رصد بعض النماذج من التقارير والمقالات الغربية والصهيونية على قاعدة “وشهد شاهد من أهلها”، للتأكيد على نزاهة المقاومة ومنابرها ومصداقيتها وأن كل ما تبثه من أمل هو مصداق للواقع وليس دعايات كاذبة كالتي يبثها أعداء المقاومة.
أولًا: اعترافات أمريكية بقوة روسيا وكذب المحللين الأمريكيين
في تقرير هام لمركز من أهم مراكز الفكر الأمريكية، وهو “المجلس الأطلسي”، يقول المدير الأول لمركز سكوكروفت للاستراتيجيات والأمن “ماثيو كرونيغ”، أن العديد من المحللين يرون أن فشل روسيا في الإطاحة بكييف هو علامة على الضعف الروسي. وهم يجادلون بأن واشنطن وبروكسل غير قلقين بشأن تهديد روسيا لحلف الناتو لأن الجيش الروسي أضعف مما كنا نظن. بينما تروي البيانات قصة مختلفة، حيث تظهر العملية العسكرية الروسيو في أوكرانيا أن موسكو – التي تسيطر على ما يقرب من 108000 كيلومتر مربع من الأراضي الأوكرانية، وفقًا لبيانات معهد دراسة الحرب التي حللتها صحيفة نيويورك تايمز- قادرة على الاستيلاء على أراضٍ على حدودها بحجم دولتين من دول البلطيق واحتلالها. تبلغ مساحة إستونيا الإجمالية حوالي 45000 كيلومتر مربع، بينما تبلغ مساحة لاتفيا 64000 كيلومتر مربع وليتوانيا 65000 كيلومتر مربع. من المحتمل أن يكون الجيش الروسي قويًا بما يكفي للتسبب في الحرب العالمية الثالثة وتحطيم الناتو. هذه هي البيانات التي تُبقي مخططي القيادة الأمريكية في أوروبا وحلفاء الناتو الشرقيين الضعفاء مستيقظين في الليل.
ثانيًا: اعتراف أمريكي بفشل استخباري يصل لمرتبة الفضائح
نشرت صحيفة “بوليتكو” تقريرًا حول فشل أمريكا في معرفة حجم اختراق مجالها الجوي والأهداف التي تعرضت للتجسس، وبالتالي عجزت إدارة بايدن عن الإجابة عن تساؤلات الكونجرس، وجاء بالتقرير نصًا ما يلي:
“كان المشرعون يطلبون من إدارة بايدن منذ أسابيع الحصول على تفاصيل حول مئات الأجسام الجوية التي تطفو في المجال الجوي الأمريكي وكم منها قد تكون أدوات مراقبة أجنبية لم يحصلوا على الكثير من الإجابات. سبب واحد: لا تزال الإدارة تحاول تحديد مدى سوء المشكلة… يثير تأخير الإدارة في نشر معلومات حول البالون الصيني والأشياء الأخرى التي تم إسقاطها الشهر الماضي أسئلة حول مدى فهم الولايات المتحدة تمامًا لما قد تجمعه الحكومات الأجنبية من معلومات استخباراتية دون علم واشنطن”.
ثالثًا: اعتراف صهيوني بتلاشي هيبة الكيان لدى الأنظمة العربية
في تقرير لموقع “ديبكا” الاستخباراتي الصهيوني، وفي سياق استعراض الأزمة الداخلية، اعترف التقرير بأمر خطير، حيث قال نصًا: “كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين يشاركون في مؤتمرات دولية حضرها ممثلو الدول العربية الذين سُئلوا عند عودتهم إلى “إسرائيل” كيف يرى العرب ما يحدث في “إسرائيل” الآن، يقولون إن في رأيهم قوة “إسرائيل” تنهار”.
ويستفيض التقرير منتقدًا تصريحات وزير الحرب الصهيوني، يوآف غالانت والتي قال فيها إنه إذا استمرت الاحتجاجات ضد الانقلاب القانوني واستمر رفض الضباط وجنود الاحتياط الخدمة في الاحتياط، فإن الجيش الصهيوني سيتفكك. وقال التقرير: لو أراد وزير الحرب تحذيرنا والإشارة إلى مدى خطورة الوضع، ما كان ينبغي له أن يقول هذه الأشياء وينشرها.
رابعًا: اعتراف صهيوني بأزمة دبلوماسية عالمية مع الكيان
يعترف تقرير صحيفة “اسرائيل ديفنس” بتداعيات قرار الكنيست بالموافقة على مشروع قانون لإلغاء خطة فك الارتباط في الضفة، حيث يقول: “القانون الذي بادر به ليمور سون هار مليش ويولي إدلشتين، تمت الموافقة عليه في الأيام المتفجرة بشكل خاص، قبل بداية شهر رمضان مباشرة، حيث يتزايد العنف في جميع أنحاء المناطق… من المتوقع أن تخلق تعقيدات سياسية وأمنية لـ”دولة إسرائيل” (الكيان)، ليس فقط من المتوقع أن يزيد القانون الاحتكاك مع الفلسطينيين، فهو انتهاك للوضع الراهن، ومن الصعب أن نرى كيف ستضعه الولايات المتحدة والدول الأوروبية والدول العربية المعتدلة على جدول الأعمال، “إسرائيل” هي بالفعل في عاصفة دبلوماسية عالمية بسبب تصريحات بتسلئيل سموتريتش في باريس أنه “لا يوجد شيء اسمه الفلسطينيون”.
هذه الاعترافات الأمريكية والصهيونية، يقابلها للأسف مزيد من الانبطاح من عدد من الأنظمة والنخب العربية، وتقابلها شائعات وأكاذيب ضد قوى المقاومة، وهو أمر يقول إن هذه الأنظمة والنخب ليست مرتهنة بسبب الضعف وغياب الشجاعة والإرادة لمواجهة أمريكا والصهاينة، وإنما هي بالفعل عميلة وتؤدي أدوارا وظيفية لخدمة الاستعمار.