أرق طوفان الأقصى… (٢)!
فاطمة جيرودية
إنهم .. يقاتلون هناك .. أسمع أصواتهم جيدا وأعرفها صوتا صوتا ..!
أعرف الوجوه البهية وراء اللثام.. والأيادي العصية على اللئام .. والأصوات ترتل آيات النصر .. وتصوغ لغدنا أبهى فجر!
أستلذُّ بصوت وقع الأقدام على الأرض كيف تسرق مني القدرة على النوم .. هل رأيتم أو سمعتم أطيب على القلب من هسيس حشاش الأرض تحت وقع الخطوات الحذرة الدقيقة الخفيفة تتسلل إلى نقطة صفر من أهداف خطيرة ستداهم جحور الأعداء ؟!
هل راودكم يوماً صوت الأرض تهمس في آذان المقاومين عن أوكار العدو ليدكّوها بنجاح ؟!
إنه صوت عميق مهيب جليل .. !
يخرج تارة من باطن الأرض تحت جحور القادة الطواغيت .. وتارة يهبط من السماء كوحيٍ أبابيليٍّ يعصف برؤوس الشياطين المتسللين خلسة إلى أرضنا وهم يظنون أن جنح الليل يغطي سوءات جبنهم وذلهم !!
يردّني الوقوف في حرم هذه الملحمة العظيمة وأمام أعظم قُدّاسٍ في التاريخ حتى يومنا هذا إلى أحداث مفصلية عشتها بالوجدان كله .. يصعبُ عليّ اليوم وأنا أثور مع الطوفان أن أفرق بين ماعشته واقعاً وبين ماعشته في الرؤى .. ربما لأن كليهما حقيقة .. أقلَّه بالنسبة إلي!
يخطَفني ذلك العهد الذي أقسمته لسماحة السيد بعد خطاب النصر التّموزي الذي تسمّرت فيه أمامه أتابع الشاشة التي اختفت فجأة وبقي هو أن أكون حاضرة كمقاومة ونحن نعطّرُ مسرى الرسول بالمسك والغار منتظرين تسليم الأمانة لصاحب العهد العظيم .. ليؤمّ الصلاة بالأنبياء في أرض ميعاد الحق ..!
علّمني السيد .. أن الانتصار للحق عقيدة وليس شعوراً مقترناً بمكاسب تحدد قيمتَها النظم والأعراف البشرية المحدودة والقاصرة .. ولهذا فإننا ندفع كثيراً وثميناً وباهظاً مهر الانتصار !
نبدو لغير المعتنقين.. خاسرين.. لكننا الفائزون حقاً!
وإلا فكيف انتصر يوسفُ في غربته في سبيل الحق وكيف انتصر يونس في رحلة بواطن الحوت وكيف انتصر موسى مذ تلقّفه اليم ليعطب سفينة الجبار فرعون من داخلها ثم يفرق للمؤمنين بحراً غضوباً وكيف انتصر نوح وهو يقرض الله كل ذاته سائراً بسفين النجاة ضمن ملمّات طغيان البحر وكيف انتصر المسيح راضياً بقدر أعظم مشهد لأول من رسخ افتداء الحق بالدم وبالروح وكيف انتصر محمد يستشرف ابتلاءات أمته بدمعتين فبسمة وفيها ميعاد الحق ؟
وكيف .. انتصرت مريم البتول ؟!
اليوم تجوب مريم السماء فوق غزة .. بل فوق فلسطين العربية .. تظلّ بنورها مسرى الرسول ومهد المسيح.. يطوف حولها أطفال غزة الشهداء!
ليكون الغد موعداً من مواعيد الحق .. ولكل أجل كتاب!
أذكر أني .. أعددت الكثير وقلت الكثير وسمعت الكثير ..
وعاهدت السيد ..
يوم فتحت عيني باسمة .. كان بخور السيدة العذراء يطوف كالحجيج حول صورة السيد السمحة وهو يبدو ككعبة حق لاتتزحزح .. وبخورها يحميه ويرقيه ويبارك صفحة وجهه السماوية ..
كان السيد يقول ..
كان السيد يقول ..
كان السيد يقول ..
سيقول السيد غدا بعضا .. مما كان يقول ..
وغدا .. ستطوف العذراء مريم وحولها أطفال غزة الشهداء .. وسيحجّ البخور حول كعبة وجهه المقدس يحميه ويرقيه ويبارك صفحة وجهه السماوية .. ويؤمّن على ماسيقول..!
لبيك يا أقصى!!
لبيك يامسرى الرسول!!
يتبع ….
2024-05-15