أحلام التميمي بين السياسة والقانون!
وليد عبد الحي
تناقلت مواقع اخبارية وبعض مواقع التواصل الاجتماعي خبرا عن قرار أمني يقضي بترحيل المواطنة الاردنية أحلام التميمي الى خارج الأردن، لكني لم اطلع على اي مصدر رسمي بهذا الخصوص ، ولعل الأمر مرتبط في خلفيته الرئيسية بقضية المطالبة الامريكية بتسلم احلام على خلفية “عملية من عمليات المقاومة قتل فيها مجموعة من الاسرائيليين وبينهم امريكي”.جرت في الشهر الثامن من عام 2001، وحكم عليها بالسجن المؤبد (16 مؤبد)، ولكنها غادرت السجن في اكتوبر 2011 خلال عملية تبادل اسرى فلسطينيين مع الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط ،وتم ابعادها الى الاردن التي تحمل جنسيته وولدت على ترابه.
وقد سعت الادارات الامريكية المتعاقبة الى مطالبة الاردن بتسليمها ، وتردد الطلب حتى عام 2020 مع ادارة بادين، وهو الامر الذي نقف عنده لنتساءل :هل يجوز ترحيل مواطنة اردنية “بأمر سياسي او أمني “؟ أم ان الامر مرهون بحكم قضائي؟ وللاجابة على ذلك لا بد من التوقف عند الملاحظات التالية:
1- من الضروري النظر في الموضوع غير مفصول عن توجيهات الاوراق النقاشية الملكية وبخاصة الورقة السادسة التي تنص حرفيا على “إن مبدأ سيادة القانون هو خضوع الجميع، أفراداً ومؤسسات وسلطات، لحكم القانون… وأن سيادة القانون تضمن ممارسة أجهزة الدولة لسلطاتها وفق الدستور والقانون..و إن مبدأ سيادة القانون لا يمكن أن يترسخ إلا بوجود جهاز قضائي كفؤ ونزيه وفاعل؛ فالمواطن يلجأ إلى القضاء لثقته بقدرة هذا الجهاز على إنصافه والحصول على حقوقه في أسرع وقت؛ وإن غاب هذا الأمر تزعزعت ثقة المواطن بالقضاء.”
2- في ضوء المبادئ المشار لها ، واستنادا لمرجعيات عدة منها الاوراق النقاشية ، اكدت منظومة التحديث السياسي في اكثر من موضع على “سيادة القانون” في كل جانب من جوانب الحياة التي تنظمها الادارات الحكومية.
3- في ضوء ما سبق لا بد من تحديد موقف القانون من موضوع تسليم أو ترحيل المواطنة الاردنية احلام التميمي(إذا صح ما تم نشره) :
أ – تنص المادة ٩ الفقرة الأولى من الدستور على عدم جواز ابعاد الأردني من المملكة.
ب- ان محكمة التمييز (وهي اعلى هيئة قضائية أردنية) سبق لها في عام 2017 وأن صادقت على قرار لمحكمة الاستئناف (عمان) بعدم تسليم أحلام للسلطات الامريكية، وهو ما يعني ان مستويات القضاء المختلفة( الصلح والاستئناف والتمييز) قررت عدم التسليم، لان قرارات هذه المستويات القضائية قضت بان شروط تسليم أحلام “غير متوفرة” لان الاتفاقية الامريكية الاردنية الموقعة عام 1995 لتسليم “المجرمين” ليست نافذة المفعول لان الشرط الاساسي لنفاذها هو تصديق مجلس الامة عليها وهو ما لم يتم.
ت- من جانب آخر، فان القرار بترحيلها الى خارج الاردن لا يعني بالضرورة تسليمها للولايات المتحدة ، فهل سينتظر تنفيذ القرار الى حين موافقة دولة على استقبالها ، فماذا لو لم يصدر أي قرار خارجي باستقبالها ؟ ، وهذا أمر محتمل ، ولكنه يثير اشكالية أخرى تعيدنا الى سيادة القانون من ناحية أخرى ، فهل هناك قرار قضائي مكتمل(أي مر بمراحل التقاضي بدرجاته كلها) بترحيل احلام؟ أين هذا القرار؟ ومن أصدره من الجهات القضائية؟ وما هو السند القانوني لقرار الترحيل ان صح ما جرى تداوله؟
ث-ما هي المسوغات “القانونية” التي تتكئ عليها الجهة المطالبة بالترحيل؟ وهل ترحيل المواطن عن وطنه دون سند قانوني يمر بمراحل التقاضي كلها هو امر يعزز سيادة القانون؟
ج- ان مبدأ الترحيل هو في الاصل اجراء بحق “غير المواطنين” الذين ينتهكون قوانين البلاد التي يقيمون فيها ، والغريب ان القانون الدولي ممثلا في اتفاقية الامم المتحدة عام 1951 وبروتوكولها المعدل 1967 يضع شروطا دقيقة للترحيل لغير المواطن، وهو ما يعني ضمنيا ان شروط الترحيل للمواطن يجب ان تخضع لشروط اكثر انضباطا من شروط ترحيل الاجنبي ، ولا يجوز ترحيل الاجنبي الا إذا مثل خطرا حقيقا على البلاد التي يقيم فيها(المادة 33 من الاتفاقية)، فهل هناك أي دليل على مخاطر تمثلها احلام على الامن الاردني ناهيك عن كونها مواطنة.؟
ح-لو اعتبرنا القانون الامريكي قاعدة يُهتدى بها في موضوع ترحيل المواطن الحاصل على الجنسية الامريكية، فانه يشترط لترحيله أسبابا محددة وهي :تزوير وثائق حصل بموجبها على الجنسية، ارتكاب اعمال اجرامية، الحصول على جنسية دولة معادية(اضافة لجنسيته)، فهل ارتكبت احلام ايا من ذلك ناهيك عن انها مواطنة اردنية وليست بالتجنيس ؟ ، فهي من مواليد الزرقاء ووالدها كان احد افراد القوات المسلحة الاردنية وشقيقها كان ضمن أفراد جهاز القضاء الاردني، وهو ما يعني ان ترحيل غير المواطن يضع شروطا لا تتوفر في احلام ،فمن باب اولى ان تكون الشروط لترحيل المواطنه أكثر صرامة، فما هي ؟
خ-مضى على وجود احلام في وطنها الاردني منذ ابعادها حوالي عشر سنوات، لم يسجل عليها أي نشاط يخل بالقوانين الاردنية ، ثم ان موضوع قضيتها تم الفصل القضائي فيها، ولا يجوز العقوبة لمرتين على القضية ذاتها.
واللافت للنظر ان القرار –إنْ صح امره- يأتي في الوقت الذي تفرج فيه المقاومة الفلسطينية عن اسير اسرائيلي يحمل الجنسيةالامريكية وهو كيث سيغال الذي وجه رسالة شكر للمقاومة على تعاملهم الاخلاقي معه طيلة مرحلة الأسر، كما انه يأتي في وقت اثارت فيه دعوات ترامب لتهجير الفلسطينيين الى الأردن ومصر عاصفة انتقادات من جميع الاطراف العربية ، فهل من المعقول ان يكون الرد بترحيل المواطن الاردني في وقت ينعق فيه ترامب بتهجير الفلسطيني الى الاردن ويوقف مساعداته بكيفية ابتزاز لا لُبس فيه ؟
فما قول القضاء في الموضوع؟ دعونا نأمل بموقف قضائي عادل .
2025-02-04
تعليق واحد
اذا صح الخبر فلا غرابة
لان النظام الاردني قد باع وطنه وشرفه للصهاينة وللغرب فكيف لا يبيع مواطنة اردنية اذا طلبت منه اسياده بتسليمها .
النظام الاردني عميل من المهد الى اللحد