عن جورج ناصيف الصحفي الكاتب والمفكر والإنسان!
نبيل السهلي
غيب الموت والكاتب والمفكر الانسان جورج ناصيف في يوم الاحد الخامس من ايلول /سبتمبر 2021 ، بعد صراع مديد مع المرض؛ وكان لي شرف زيارته ولقائه والتعرف عليه عن قرب في مبنى صحيفة النهار في شارع الحمراء في بيروت التي احبها ؛ في بداية التسعينيات من القرن المنصرم . عرفته عن نفسي وسيرتي؛ بأنني كاتب مبتدئ في بعض الدوريات الفلسطينية وأود الكتابة في صفحة قضايا النهار التي كان يديرها؛ وافق صاحب الابتسامة العريضة على ذلك مرحباً ، ومذاك انطلقت في الكتابة في صحيفة النهار بشكل اسبوعي حتى عام 2009. كنت ازور الراحل الانسان جورج شهرياً واستمع لنصائحه حول المطبات التي كنت اقع فيها وكيفية تجاوزها ،حتى خصصت كراساً لاسجل ملاحظاته المنهجية والتي اعطتني دفعة متقدمة لادخل عالم الصحافة من أوسع أبوابه واساهم في كبريات الصحف العربية وفي مقدمتها؛ صحف ؛النهار والحياة والشرق الأوسط والسفير والاتحاد الظبيانية ، فضلاً عن صحيفة الخليج .كل ذلك كان برعاية منذ البدايات من قبل أستاذي ومعلمي وقدوتي الراحل الباقي فينا الاستاذ جورج ناصيف .
سيرة الراحل
ثمة اجماع بين كل الذين عملوا مع الراحل الحاضر دائماً جورج ناصيف، وكذلك الذين تتلمذوا على يديه بأنه شفاف ومتفاني وصاحب نظرة ثاقبة وموقف واضح ، وخاصة عند الحديث عن حرية الشعوب، ودفعه الى ذلك حبه لوطنه لبنان وفلسطين ووطنه العربي الكبير الذي أحب . عمل الراحل في عدد من الصحف اللبنانية والعربية، لا سيما صحيفتي النهار والكفاح العربي ؛فضلاً عن صحيفتي البيان والخليج الإماراتيتين ؛وكان أحد أبرز الكتاب والمحللين السياسيين، وقد أجمع محبوه على جرأة ووطنية مواقفه، وبلاغة لغته العربية التي شغف بها كثيراً ودرسّها في سلك التعليم أيضاً. ومن أهم كتبه ؛كتاب الجرح صادر عن دار النهار في بيروت عام 2005 ،وفيه يشير الراحل الحاضر دائماً “بأن السنوات تختصر الكلمات تاريخاً حافلاً لرجل ولمجتمع أبى إلا أن ينطق باسمه المؤلف الذي خبر الحياة بكل ألوانها وآثر أن يكون فرداً حزيناً ومقهوراً كي لا يتلوث بدنس السياسيين والمدعين والمقامرين؛ وهو شأن القديسين ؛ وكان جورج منهم كما لمست اثناء زيارته الدورية التي كنت اتوق اليها باستمار لاستمع لنصائحه وانهل منه الكثير من المعرفة وصفاء الروح والصدق . ومن كتبه أيضاً كتاب الوحدة العربية وإسرائيل؛ الصادر عن معهد الإنماء العربي في بيروت 1985؛ حيث ركز فيه على اهمية الوحدة العربية وترسيخها لنصرة فلسطين التي ستنتصر بأمثال جورج ناصيف الذي كان منحازاً على الدوام لقضية الشعب الفلسطيني المكلوم .
في وداع الايقونة جورج
قبل التهجير الكبير من مخيم اليرموك في 16/12/2012 ، وبالتحديد في بداية شهر تشرين ثاني /نوفمبر من العام المذكور ، سبقنا الى بيروت صديقي وابني اشرف بعد ان اشتدت عملية الاعتقال والمطاردة من قبل اجهزة الامن في سوريا ،التي طالت العديد من ابناء جيله وخاصة الجامعيين منهم وقضى العديد منهم في المعتقلات السورية. استطاع اشرف الوصول الى منزل جورج ناصيف وزوجته نجات نعيمة في حي المصيطبة ، ليصبح كأحد ابنائهم ؛حسام وروان ويونيل، في وقت اشتد فيه مرض الغالي جورج، وفي نهاية 2012 وصلت وعائلتي الى لبنان بعد الهروب الكبير من اليرموك ، في اليوم الثاني زرت الراحل جورج ناصيف ومن سوء حظي كانت زوجته نجات قي عملها ؛ والاهم انه احتضني وعرفني بالاسم وبكى على حالنا بعد الرحيل الثاني من اليرموك ، كررت زيارتي عدة مرات لبيت جورج خلال نزوحي وعائلتي في لبنان (2012 -2017)، وازدادت حالته الصحية تردياً ، وكان واجب علي الاتصال بزوجته بين فترة وأخرى للاطمئنان على صحة جورج ؛ إى أن وافته المنية ، رحم الله جورج ناصيف الصحفي الكاتب والإنسان الأيقونة واسكنه الجنة ، والهم زوجته نجات وابنيه حسام ويونيل وابنته روان ذكرى.
وإن وارى ضريحك الثرى اخي الغالي والكبير؛ ستبقى حاضراً بين كل من عرفك وتتلمذ على يديك كأمثالي ؛ وليتني احمل في جعبتي كما حملت جعبتك من انسانية وشفافية وصدق وتفاني من أجل ابتسامة الاخرين .
2021-09-15