الاصطفافات والتحالفات الانتخابية في العــراق!
جميع الطرق تؤدي الى روما.
د احمد الاسدي.
بالرغم من كل التفسيرات والتخريجات القانونية والسياسية تبقى الضبابية المقصوده تحيط بمعضلة ( الكتلة الأكبر ) واستحقاقها السلطوي الانتخابي في العراق ( رئاسة الوزراء ) , وهذة الضبابية ليس مفادها عدم فهم او اخفاق في تفسير نص دستوري إو تشريع برلماني , حيث الذي يرى الأمر كذلك فهو بعيد عن اصول اللعبة السياسية التي جاء بها الامريكان وشرعنتها للأسف مرجعيات عراقية بعضها ديني والآخر سياسي , بقدر ما إنها ورقة مؤجله يتم اشهارها بعد كل عملية انتخابية من اجل تثبيت معادلة التوافق والتحاصص السلطوي ( الكردي_ السني_الشيعي ) في حال حدوث أي طاريء يزعزع توازنات هذة المعادله كنتاج لتحالفات واصطفافات قد يذهب اليها البعض , معتقدين إنهم من خلالها قادرين على الإفلات والخروج عن دائرة السمع والطاعة التي رسم حدودها الاحتلال بعد 2003 , على غرار ما يزدحم به شارع التحالفات الكتلويه اليوم , من اربيل وسليمانيه الى البصره والناصرية مرورا بالانبار وصلاح الدين وبغداد وكربلاء والنجف , والخارطه بكل تأكيد تتسع لمسميات متجدده .
وحتى لا نغرق في متاهات التنظيرات ونختصر سطورنا , نجد من الضروره تأشير ثلاث محاور مهمه نرى في استقراءها تثبيت لركائز مشهد التحالفات الانتخابية والمعطيات التي تفرزها والنتائج التي ستؤول اليها في آخر المطاف
المحور الأول
ما تزخر به جغرافية التحالفات اليوم وما يعج به شارعها السياسي والذي يبدو ظاهره عابرا للتخندقات الطائفية والعرقية القومية وهو امرا ايجابيا ويستحق الثناء عليه , إن كان كذلك ! على شاكلة ذهاب السيد مقتدى صدر وكتلته الصدرية بعيدا عن تحالفاته الشيعية السابقه الى السيد مسعود برزاني وحزبه الديمقراطي ومحمد حلبوسي وجماعته الانباريه , مهما ارتفع سقفها الوطني العابر للطائفه مثلما يحلو لأصحابها الترويج له , فإنها ستصطدم في نهاية الأمر بمعادلة التوزيع التحاصصي التوافقي التي أقرها ضمناً دستور ما بعد 2003 ( الرئاسه كردي _ البرلمان سني _رئاسة الوزراء شيعي ) , وكنتيجه طبيعية لذلك تذهب التحالفات والاصطفافات هذه كلها ادراج الرياح مثلما يقال , ويكون كل هذا التزاحم الذي نراقب تحركات اصحابه و هلوساتهم الاعلامية مجرد ترف سياسي لذر الرماد بالعيون وتسويق لبضاعه غلافها وطني وجوهرها تحاصصي مفروض لا حول لهم ولا قوة بالخروج عليه وليس تغييره وحسب .
المحور الثاني
التخوفات عند بعض الاصوات ( التي لا نشك في وطنيتها ونحترمها ) من طبيعة ونوايا التتحالفات المطروحه اليوم , على غرار الاتفاقات التي نقرأ ونسمع عنها بين السيد مقتدى صدر والسيد مسعود برزاني ومعهم ثالثهم محمد حلبوسي , والتي تبدو وكأنها موجهه تحديدا بالضد من الحشد الشعبي ومن كتل سياسية راعيه وداعمه للحشد وفصائله ,وبما يناغم ويدغدغ مشاعر الامريكان والاسرائيليين وادواتهم في الرياض ودبي وبعض العواصم المرتبطه مسبقا بالمشروع الاحتلالي الامريكي للعراق 2003 , وما سبقه من حصار واستهداف للدولة العراقية منذ 1991 ,وما تلاه من صفحات تآمرية عبدت الطريق للمحتل الامريكي البريطاني وهيأت له الارضيه السياسية والمجتمعيه الحاضنه لمشروعه , نعم إنها تخوفات مشروعه وفيها الكثير من الاستقراء الصائب لما يحاك من استهداف للحشد وفصائل عامله معه بعينها , ولكن الذي يجب ان يتنبه له الجميع إن هذة التحالفات ومثلما اسلفنا تبقى قيمتها صفريه ولا تؤثر من بعيد او قريب على معادلة التحاصص والتوافق التي بصم عليها (بالعشرة ) كل الذين جاؤوا مع الاحتلال او اولئك الذين افرزتهم مرحلته بعد 2003 .
المحور الثالث
الحشد الشعبي مهما تعرضت منظومته العسكرية والعقائديه الى حملات تشويه اعلامي منظم واستهداف عسكري مباشر في بعض الاحيان وتهديد ووعيد ومحاولات التفاف على مشروعيته التي ثبتها البرلمان بقانون صريح وواضح لا لبس فيه , يبقى رقما صعبا ومن الاستحاله اختراقه والنيل منه او حتى التفكير بحله وتفكيكه سواء بقرار او بفتوى , مثلما تحلم جهات داخليه صاحبة غرض وخارجية تجد فيه التحدي الأكبر لمشروعها ,ليس لأنه يمتلك سلاح او مثلما تسميه بــ ( السلاح المنفلت , العصابات الوقحه , المجاميع المنفلته ) بعض الأصوات المأجوره التي تترزق على شاشات القنوات الفضائيه العربيه اللسان والعبرية الهوى و المنطق والمغزى والغاية والجوهر ,وإنما لسبيبين رئيسين يمكن التوقف عند حدودهما بنقطتين
النقطه الأولى
إدراك وتيقن الشارع العراقي إن الحشد بكل مسمياته , هو القوة العقائديه الوحيده القادره على الدفاع عن العراق والتصدي لإصحاب المشاريع الخارجية التي تُرسم مخططات تآمرها على العراق والمنطقه في دهاليز دوائر امريكية واسرائيلية , تُحرك المياه الراكده المذهبيه والتكفيرية بين حين وآخر وفق ما يديم حالة اللاستقرار والانفلات الأمني والسياسي والاخفاق الاقتصادي والتذمر المجتمعي التي يجدون في استمرار ديمومتها في الشارع دعاية لهم لتسويق بضاعة التبريرات والتسويفات الضامنه لبقاءهم العسكري والمخابراتي والسياسي في العراق تحديدا والمنطقه عموما.
النقطه الثانية
عقائدية افراد الحشد الشعبي هي التي جعلت منه القوة العسكرية الأولى في الشارعين الشعبي والرسمي العراقي , بل لا نتجنى على احد إذا جزمنا , إنه لولا الحشد الشعبي والفصائل المنطوية تحت مسماه لما كان هناك شيء اسمه مؤسسه عسكرية عراقية ولا جيش ولا قوى أمنيه ,حيث ذاكرة العراقيين والحمد لله حيَ وحُبلى ولاتزال في مخيلتها صورة القطعات العسكرية التي كانت متواجده في الموصل وصلاح الدين والرمادي والفلوجه وديالى , وكيف انهزم افرادها بصورة مخزيه امام مجاميع صغيره من مقاتلي ما يسمى بالدولة الاسلاميه ( داعش ) ولاذوا بالفرار تاركين معداتهم العسكرية الامريكية المتطوره من دبابات وهمرات وصواريخ ومدافع ميدان في مرابضها , بعد أن زودتهم بيشمركة مسعود برزاني بـ ( الدشاديش ) وساومتهم حتى على سلاحهم الشخصي وملابسهم العسكرية , ليس لأنهم جبناء او غير مدربين عسكريا او تنقصهم الأسلحه والمعدات العسكرية , بل إن السبب الحقيقي وراء ذلك والذي يَخجل او يتجنب البعض مقاربته , هو عدم ولائهم للوطن الذي يدعون أنهم حماته والمؤسسه العسكرية الذين هم جزء منها ,وإن انتماءهم وتطوعهم في الجيش والقوى الأمنية لايتعدى كونه وظيفه من اجل ( الراتب) تحديدا , لذلك شاهدنا وعشنا سقطوهم المدوي امام اول اختبار حقيقي لهم على أرض الواقع , وهذا ما يفرقهم ويميزهم عن افراد الحشد والفصائل المقاومة حيث انتماءهم (عقائدي ولائي ) قبل كل شيء , وكل ما يأتي بعد ذلك هو مجرد امتيازات حياتية حالهم حال أي فرد في المجتمع العراقي .
وأخيرا وللتذكير فإن سلاح الحشد الشعبي اصبح جزء من منظومة اقليمية مقاومة حاله حال سلاح حزب الله والحرس الثوري الايراني وانصار الله الحوثيين وحماس والجهاد في فلسطين وهناك معادلات رسمها هذا السلاح اصبح من احلام الماضي تغييرها .
2021-06-10