مزرعة أم سليمان في بلعين….!
أبو علاء منصور.
ذات يوم من أيام عام 2016 جاءني الشابان محمد أبو جياب من غزة ومهاب العلمي من القدس:
_ سمعنا أن لك أرضاً بالقرب من الجدار في بلعين؟
_ نعم هذا صحيح.
_ نريد استئجارها.
_ لماذا؟ ما الهدف؟
_ نريد أن نستعيد قيمة الأرض في ذهن الشباب، أن نقول لهم أننا يمكن أن نعتاش من الأرض التي اعتاش أجدادنا من خيراتها، ونبغي أيضاً الحفاظ على البذور الفلسطينينة الأصلية التي تكاد تنقرض.
تشجعت وقلت:
_ فكرة هائلة، أرجو أن تتيح لي مبادرتكم فرصة المشاركة في عمل خيريّ. هذه الأرض ليست للبيع ولا للأجرة لأنني ورثتها عن المرحومة والدتي التي باعت مصاغها وألبستها الثمينة واشترتها. لكني سأعطيكم الأرض بلا أجر -دون مقابل- لخمس سنوات، أثناء ذلك تختبرون أنفسكم وقدراتكم وأفكاركم، وإن نجحت مساعيكم وهذا ما أتمناه، فآمل أن تكون نقطة انطلاق لكم.
_ سنعطيك حصة من المحصول كأنك زبون.
_ حصتي أن أرى الأرض تخضرّ.
أحاط الشباب قسماً من الأرض بشيك -4 دونمات- وأوصلوها بالماء.
انشرح صدري حين زرتهم بعد مدة فقلتُ بمنتهى السعادة:
_ هذه الأرض عزيزة على قلبي، فقد أكلتُ فيها في الصغر عشرين قتلة من والدي أيام الحصاد، وحين ألامس حجراً فيها أو أمسك غصن شجرة زيتون أشعر أنني أُصافح والدتي.
بعد عامين التقيتُ في (مزرعة أم سليمان\حريقة جمعة) عشرة متطوعين من بلدان مختلفة، أستاذة جامعية سويدية تُدرس في جامعة ستوكهولم، مدرس متقاعد من نيوزيلندا، شاب في الثانوية من هولندا، طبيبة من الناصرة، شاب من عرّابة البطوف، مهندسة فلسطينية مقيمة في الأردن، شابة من بيت لحم، أربعة شبان من القدس، وآخر من بلعين، تقودهم الشابة المقدسية التي تفيض طاقة وحيوية يارا دوّانة المشرفة على المزرعة. كانوا جميعاً منخرطين بحماسة في العمل، هذا يقطف خضاراً، ذاك يُعشب، وآخرون يجبلون الطين، والمهندسة تبني مدرجاً صغيراً لخدمة دورات تدريبية محتملة. لولا المبادرة وعمل الخير ما اجتمعت هذه النخبة الرائعة من أقاصي الأرض.
في الأسبوع التالي استضفتُ وزوجتي المتطوعين على غداء مقلوبة في المزرعة ورافقنا ابننا عنان وزوجته الفرنسية فلورا وطفلته لينا -4 سنوات- رحلة ممتعة وطقس جميل. سيكون الأمر عظيماً لو نجحنا في إقامة مشروع يجمع الأطفال بالمسنين، سنقدم خدمة إنسانية جليلة تُفرح الكبار والصغار. أشهر قليلة وحضر أولادنا علاء من أمريكا وطارق من كندا وسيف من عمّان. كان فرحهم عظيماً بما شاهدوه في المزرعة.
قالت أم علاء ونحن نتحدث عن حلمنا بإيقاف جزء من الأرض لصالح مشروع خيري يُخلد ذكرى والديّ: أتمنى أن يُقام فيها مركز نقاهة للمسنين.
في آخر أيام حياة شقيقتي ليلى المريضة بالسرطان، وُضعت في بيت مسنين بالقدس. بيت نظيف ومجهز بما يحتاجه المريض من راحة. أحلم بشيء من هذا القبيل.
مع تحيات أبو علاء منصور
23\9\2020
تعليقان
تواقين ومشتاقين جدا لقراءة المزيد من ذكرياتك الوطنية والجميلة التي تعيدنا الى السننا
الاخ نمير
سوف يتم نشر المزيد مما يكتبه البطل علاء ابومنصور