كورونا … القشة التي قصمت ظهر البعير.3!
ابو زيزوم.
عبر مفاوضات ماراثونية امتدت عشرات السنين تم ارساء قواعد للتجارة العالمية وتشكلت لها هيكلية قضائية تتولى الحكم في المنازعات . وبذل الغربيون كل ما يستطيعون لضمان مصالحهم في هذه الاتفاقية . لكن وبمرور الوقت تبين ان الآسيويين هم المستفيد الأكبر منها . فالتنافس الحر يخدم اصحاب الأسعار الرخيصة ، ويستحيل على الغرب مجاراة الأسعار الآسيوية ، الامر الذي جعل البضائع الصينية تغزوهم في عقر دارهم وتكتسح أسواقهم . صحيح ان بعض تلك البضائع تنتجها شركات غربية مستثمرة في الصين الا انها بالنتيجة تخدم السوق الصينية اكثر مما تخدم بلدانها . وعمل الامريكان بقوة لتقليص عجزهم التجاري الهائل امام الصين دون ان يحققوا نجاحا ملموسا ، فالعجز ما يزال اكثر من 350 مليار دولار .
ان الانصياع لقوانين السوق يعني استمرار تقدم الصين حتى تزيح الولايات المتحدة عن المركز العالمي الاول ، لذلك تعهد ترامب ومنذ ان كان مرشحا بإيقاف الزحف الصيني ، وكان اول قرار اتخذه عند دخوله البيت الابيض الانسحاب من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادي ، وشرع بفرض رسوم على بعض المنتجات الصينية . وبعد كل حزمة من الضرائب يدخل الطرفان جولة من المفاوضات تناور خلالها الصين لتقديم تنازلات أقل طالما انها المستفيد في نهاية المطاف.
عند مقارنة عناصر قوة كل طرف نرى ان الولايات المتحدة تتفوق بنقطتين أساسيتين : الاولى تقدمها التقني على الصين بشوط كبير ، وهو تقدم يصعب على الصين او غيرها اللحاق به في المدى المنظور . والثانية ان الولايات المتحدة تدافع عن مصالحها في العالم بوسائل سياسية وحتى عسكرية وهو ما لا يتوفر للصين حتى الان . فالصين غير جاهزة لإرسال جيوش تحمي مصالحها في الخارج . بالمقابل تتفوق الصين بما يلي : أولاً قدرتها التنافسية التي لا تجارى في الاقتصاد والتجارة . لقد حولت العالم برمته الى سوق لبضائعها الرخيصة . ثانياً العدد السكاني الذي يعادل ضعفَي سكان الولايات المتحدة . قد يبدو لبعض القراء مستغرباً ان تكون كثرة السكان أمراً إيجابيا فالكثير من بلداننا تعاني اقتصادياً من التزايد السكاني . والحقيقة ان البلدان التي توظف طاقة الانسان بشكل صحيح يكون فيها لكل فرد مردود اقتصادي محسوب . وهو ما قامت به الصين بنجاح وحققت من خلاله غزواً كاسحاً للعالم . ثالثا : ما زالت الصين ، ورغم الانفتاح الاقتصادي الواسع ، تحتفظ بأهم خصائص الحزب ألايديولوجي والنظام الشمولي ، ما يتيح لها مزية ( التخطيط ) والقدرة على تنفيذ مخططاتها ، وهو ما يفتقر اليه العالم الغربي عموما بإيكال الامر للشركات التي تخطط لنفسها فقط على أساس مبدأ الربح والخسارة .
دور الشمولية في النظام الصيني تبدت بوضوح خلال مواجهة الوباء مؤخراً والتغلب عليه ، بينما فشلت جميع الأنظمة الليبرالية في المواجهة . وذاك ذاته كان عاملا موجودا ، رغم اننا لا نلمسه نحن المراقبون من بعيد ، في توجيه عجلة الاقتصاد الصيني وفقاً لخطط استراتيجية مرسومة بعناية .
يتبع
( ابو زيزوم _ 831 )
2020-04-07