( أُمّاهُ يا أُمّااااهْ، الجَنَّةُ ومن فيها تَحتَ قَدَميّكِ.! ومُنى المَولود تَقْبيلُكِ.
عيدُكِ كُلُّ الأزل والأبديّة، وحُبُّكِ عُنوانٌ لعشقٍ يٍتَخطى حُروفَ الأبجديّة.)
— ما يُشبهُ الأم ألسَيّدَة البَتول والبُنيّة، والزوجة الأبية والمرأَة —
— المُنعَكَس والمُعاناة في الأدب العربي، ويوم ٣/٨ —
رشدي رمضاني.
———————
~~ “هيَّ قصةُ إمرأةٍ بَدَّت في حُسنِها الصَيفيّ آية.
لَمْ يَبقَ للعُشاقِ بَعدَّ شتائِها أملٌ وغايّة .
أوّٓ تلكَ خاتمةُ الحِسان الغيدِّ يا بؤسَ النِهايّة.”
و: ” أنا جوعُ أُنثىً كُلُّ عرقٍ فيَّ، أدّمنَ عُنْفَ رائِحة الرِجال.”
والجواب : ” أنا جوعُ آدم كُلُهُ للنارِ والدمِ والحَديدْ،
ريحُ الذِئاب بأضلُعي ودَمُ الأفاعي في الوَريدْ.”
هذا الكلام لا أتذكر قاّئليه، قد يُسعفُنا مُتابِع، والقول مشاكَسَة غير مُبرَرَة،
فالمرأة سيّدَة، وطول العُمر تزهو بكبرياء، وجمالُها يتواصل وجميع الأزمان،
وتَتَغَيُّر مَلامح الإنسان. تأخذُ الأيام منها شيئاً، وتَمنـحهُا الأجمل والأروع،
وأوله الوقار والمهابة، دونَّ مَسخَرة عمليَّة التَجميل المُشَوِّهة، ومُبالغَة الزواگة.
~~ أم زكي لميعة تتألق كالعادة، وتَرفُض ما قيّلَ بالمرأة الأم، وتأسف :
” المرأةُ المُشتَهاة اليوم آلهةٌ، تُهوى يُجَنُّ بِها لكن على الكُتبِ.
داعَبتُها منيّةٌ بالأمسِ يُفزعُني، أنَّ الأماني تَجوبُ العُمرَ عن كَثَبِ.”
وتصف الأمومة والعقوق ولوعتها، ويكتمل وصل الحب بحظور أقدَس المَشاعر :
” أحبَبْتُكَ أمّاً رُزقتْ ولداً بعدَّ اليأسِ، فعَقَّ الوَلَدُ لا يَعرِفُ لَوعَتَها أحَّدُ.”
وتعود لتخاطب أمها: ” أمي سُلالةُ إلهَةٍ بابليّة، هيَّ الموناليزا،
ومَريمُ لو خَرجَتْ، على لحنِ تَرتيلةٍ كَنَسيّة،
وأُمّي أمتحانُ الجَّمالِ العَفيّف، ليّبقَى على الأَرْضِ روحاً نَقيّة.”
و : ” سلامٌ لأمي التي عَلمَتني بقَسوتِها، كَيف أمشي على الشوكِ،
أو أتَمَدَّدُ فَوْقَ المَساميرِ، قادِرةً لا ضَحيّة.!!”
تعود لعُشقِها الأزلي، ليكتَمل الصَّبا، ويَستَقرُّ حينَ العراق/ بغداد موئِلُهُ:
” لَوْ أنَّ البَريدَ يَعودُ إليكَ حَبيبي البَعيدْ،
بِهِ شَمس بغداد، لَهفَةُ صَدري،
وحُرُّ أشتياقي، ودفءُ العراقِ،
وضَمّةُ حبِّ تُذيب الجَليدَ، لتَبقى كَما أنتَ، طْفلي السَعيدْ.”
••• القباني نزار توفيق، اللاعب تَك گول كالطاووس، في ساحة المرأة
ومَجَال مَشاعرِّها، وسميَّ شاعر المرأة.. نراه يَتَضائلُّ أمَاَم الأم :
” أَيَا أمي.. أَيَا أمي.. صَّباحُ الخيرِّ ياحُلوة،
صَباحُ الخَيرِّ يا قْدّيسَتي الحُلوة.
مُضى عامانِ يا أمي، على الوَلدِ الَّذي أبحَر، برحلَتهِ الخُرافيّة،
وخبأَ في حَقائِبّهِ صَباحَ بِلادَهِ الأخضَر.”
و: ” طُفتُ الهندَ، طُفتُ العالَمَ الأخضَر،
وَلَمْ أعثَر على أمرأةٍ تُمَشطُ شَعريَّ الأشقَر،
وتَكْسوني إذا أَعْرّى، وتَنشِلُني إذا أعثَرْ.”
” أَيَا.. أَيَا أمي.. أنا الوَلدُ الَّذي أبحَر،
ولا زالَت بخاطِرّهِ، تَعيّشُ عَروسَةُ السُكَر،
فَكَيفَ.. يا أمّي، غَدوتُ أباً.. وَلَمْ إكبَر.؟
••• موضوع يُذكِرُّ بموقف مشحون بالوفاء والعُلو. العَبسي عروة ابن الورد،
وزوجته سَلمى الغفارية، الَّتي هامَت بحُبهِ، لكنها أختارت أهلَها يوم خُيِّرَت،
لأنَّهُ أخذها وتزوجها كَسَبيّة وقتَئذٍ. وقالَت في وداعِهِ أجمَل وأصدق الكلام.
بلغة فريدة وموفف متميز جميل للمرأة البَدوية وعُنفوانِها الكَبير، وخاطبته:
( ياعروة أما إني أقولُ فيكَ إن فارَقتُكَ الحَقَّ: وَاللَّه ما أعْلَمُ إمرأة من
العَرَب ألقَت سِترَها على بعلٍ خير منكَ، وأغضُ طَرفاً وأقلُ فُحشاً،
وأجَودُ يَدّاً وأحْمّى لِحَقيقَة. وما مرَّ عليَّ يوم مُنذُ كُنُتُ عندَكَ، إلا والمَوتُ
فيه أحَبُ إليَّ منَّ الحَياةٍ بين قومِك، لأني لَمْ أكنْ أشاءُ أن أسمَعَ إمرأة
من قومِكَ تقول: قالت أَمَةُ عُروة كذا وكذا إلا سَمعْتُهُ. وواللَّه لا أَنظرُ في
وَجهِ غَطَفانيّة أبداً، فارجَعْ راشداً إلى ولْدِّكَ وأحسِنْ أليهِم.)
قال لها عروة، والأسى يخنقه سَقوني الخمرَ ثم كَنفوني. بينما هيَّ
رَسَمت مع أهلِها للخَلاص. ووافق (ثملاً ) على قبول وإحترام خَيارها
وأوفى بكَلمتهِ، رغم تَعلُقِهِ بها وقالَ فيها أبدَع قَصيده، ومنها :
” سقى اللَّهُ سَلمى وأينَّ ديارُ سَلمى، إذا كانت مُجاوَرةُ السَريرِ.
بآنسَةُ الحَديث رِضابُ فِيّهَا، بَعيدُ النومِ كالعنبِ العَصيرِ.”
و : ” تَحنّ إلى سَلمى بحُرِ بِلادها، وأنتَ عَليّها بالمَلا كُنتَ أقدَرَا.
تَحِلُّ بوادٍ من كَراءٍ مَضَلَّة، تحاول سَلمى أن أهابَ وأحصَرَا.
وكيف تُزجّيها وقدّْ حِيّلَ دونَها، وقدّْ جاوَرَت حيّاً بتَينِ مُنكرَا.
تبغّانيَّ الأعْداءُ إمّا إلى دَمٍ، وإما عُراض الساعدينِ مَصَدّرا.”
( بمَعنى أيّ خيارٌ القِتال، أو التَسامي فأختار الأخير )
~~ عُروَةَ ابن الورد شاعرٌ مُقاتل، شأنه عَظيمُ في صعلَكته وشجاعته
وشعره البليغ.. قال فيه الحطيئة إجمل الكلام مدحاً، خلاف طبعه في
القدح والردح. كما كان الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان يردد دوماً
كلمته ( من زعَمَ أنَّ حاتماً أسمحُ النَّاسِ، فقد ظَلَمَ عُروُة إبن الورد.)
••• الطبيب الشاعر الكبير ابراهيم احمد ناجي. رأيه متميز يجمع
عدة فُروض للمرأة بالعواطف المُتألقة، وعرف بملحمة الأطلال:
” أعطني حريتي واطلق يَدَيّا، إنني أعطَيّتُ ما أستبقَيتُ شَيّ.
آه من قيدِّكَ أدمى معصمي، لِمَّ أُبقيّهِ وما أبقى عَليّ.
ما احتفاظي بعهودٍ لم تصنها، وإلامَ الأسر والدنيا لديّ.
ها أنا جَفَت دموعي فأعفُ عَنها، إنَّها قَبْلُكَ لم تُبْذَل لِحَيّ”
~~أما الشاعر ابو القاسم الشابي أبن الشيخ محمد، المعروف
كشاعر ملتزم بالخط الوطني، فَلَهُ قصيدة باهيّة في الأم الوطن :
” إمّي يا حبّاً أهواه، إمّي يا حبّاً أهواه، ياقلباً أعشَقُ دنياهُ،
ياشَمساً تُشرقُ في أُفقي، يا ورداً في العمرِ شَذاهُ،
يا كُلّ الدّنيا يا أملي أنتِ الإخلاصُ ومَعْناهُ،
فلأنتِ عطاءٌ من ربّي، فَبِماذا أحيّا لُولاهُ،
ماذا أهديكِ من الدّنيا، قَلبي أم عَيني،
أمّاهُ أنفاسي أم روحي، والكلُّ قليلٌ أوّاهُ.”
~~سُؤِلَّ، سعيد عقل، الشاعر ذو المَسحة الفلسفية، عن أهمِ ما قَرأَ،
خِلالَ عقودِهِ التسع، أجابَ بأن الأعظم مطلقاً هوَّ الحديث الشريف
المُذهل( الجَنَةُ تَحتَ أقدام الأمّهات ) يَطرَبُ عند تَردِيدِهِ. يَقولُ تَصوروا
كل الأنبياء والرُسل، وجميع الأولياء والصالحين في الجنة، وقدم الأم
فوقهم، ياللعجب!! وقال بأمهِ بلغة الحُب المُتَجذر مُبدعاً :
” إُمِّيَ..يا مَلاكي يا حُبِّي الباقي إلى الأَبدْ،
وَلَمْ تَزَلْ يَداكِ أُرْجوحَتي وَلَمْ أَزَلْ وَلَدْ .”
~~ وقُصة الأمير الشاعر أبو الفارس الحمداني، المعروفة، حينَ وقعَ
أسيرًا لدى الغزاة الروم، كان شجاعاً لَمْ يجزع أو يتبرم. فقط كانت
أمه في الوجدان والخاطر، وباتَ يتوجس أسباب الموت وخشية المنية،
وخاطبها بجميل الأحرف المشحونة بحُب الأم، ليّوَرَعْ عظيم جزعها،!!:
” لَولا العَجوزُ بِمنبجٍ، ما خِفتُ أسبابَ المَنِيَّه.
ولَكانَ لي عَمّا سَألتُ، مِنَ الفِدا نَفسٌ أبيَّه.”
و: ” يا أُمَّتَا لاتَحزنَي، وثقي بفضلِ الله فيّهْ.
يا أُمَّتا لاتيأسي، لله ألطافٌ خفيّهْ.
كَمْ حَادِثٍ عَنّا جَلاهُ، وكَمْ كَفانَا مِنْ بَلِيّهْ.
أوصيكِ بالصَبرِ الجميل، فإنهُ خيرُ الرصيّهْ.”
~~يَترَى التاريخ، بين المرأة والحب والعيد عبر تأريخ عطائه، يصوره
بألق المَعاني، في سفر التكوين والشاعر عبد الرزاق عبد الواحد:
” وأقبَلَتْ بغدادْ، حامِلةً شموعَ ألفَ ليلةٍ ولَيلَة، وصوتَ شهرزادْ،
وأجملَ الأحلامِ عن أشرِعَةِ السِندِبادْ.”
و” وكانَ الرَّشيدْ، وكانَ لَها ألفُ فَجرٍ جَديدْ، ثُمَّ أخنى عَلَيّها ظَلامٌ مديدْ،
إلى أن تلألأَ في لَيلها سَنا كوكبٍ جاءَها يَوْمَ عيدْ.”
~~ نُشر الجُمعة ٢٠١٩/٣/٨( أعيدُ الآن بعد التجذيب والتوجيز، مع
إضافات ضرورية للمناسبة الجليلة، ومتطلبات النشر.. والأم كلها،
ووجودها وتقديسها من المسلمات، وعيدها دائم فوق جميع الأعياد.
أَثقَلَ الحزنُ كاهِلَّ أُمهاتنا، فَلَها حُبُ الأزل ولعراقِنا/ بغداد السلام،
ولجميع الأمهات والبنات، المودة والمحبة، والسلام.. رشدي.
2020-03-09