علي رهيف الربيعي . 6- علية . هي الاميرة علية بنت الخليفة العباسي المهدي واخت الخليفة هارون الرشيد والخليفة الفنان ابراهيم ابن المهدي . كانت امها مكنونة من اجمل مغنيات المدينة اشتراها المهدي في خلافة والده ابي جعفر المنصور بمائة الف درهم وفضلها على زوجته ( الخيزران ) واخفى امرها الى وفاة ابيه . وقضت صباها في احضان الخلافة العباسية فتعلمت وتثقفت ورضعت لبان الفن من والدتها فنشأت مغنية مطربة وملحنة بارعة وشاعرة بليغة . وكانت بازاء ذلك تقية ورعة وهي التي تقول : ” ما حرم الله شيئا الا وقد جعل منه عوضا ” . فباي شئ يحتج عاصيه والمنتهك لحرماته ؟ وهي التي تقول : لا غفر الله لي فاحشة ارتكبتها قط . وقالت عن شعرها المملوء بالغزل : لا اقول شعري الا عبثا . وقدمها بعض المؤرخين عن اخيها ابراهيم في الغناء والتلحين رغم ما اشتهر به من كونه رئيس مدرسة المجددين وابرز مزاحم لاسحاق الموصلي وابيه . وقالوا عنها : ما اجتمع في الاسلام قط اخ واخت احسن غناء من ابراهيم بن المهدي واخته ( علية ) وكانت تقدم عليه . وكانت لمكانتها العالية لا تغني الا في ناديها الخاص الذي يجمع خيرة الادباء والفنانين او لدى امير المؤمنين في حفلات خاصة . حضر الرشيد ذات ليلة بيت ابراهيم الموصلي وطلب الغناء فتقدمت اليه جارية بلحن طروب في ما بدايته : بني الحب على الجور فلو ******** انصف المعشوق فيه لسمج (1) فطرب وسأل لمن اللحن فأجابته القينة بانه والكلمات لاخته ( علية ) وغنته جارية ثانية : تحبب فان الحب داعية الحب ******* وكم من بعيد الدار مستوجب القرب فاعجب بالكلمات واللحن فاذا هما لعلية . وغنت ثالثة : ياموري الزند قد اعيت قوادحه ******* اقبس اذا شئت من قلبي بمقياس ما اقبح الناس في عيني واسمجهم ******* اذا نظرت فلم ابصرك في الناس واستعاد الرشيد القطعة مرارا ولما علم انها لاخته نظما وتلحينا ذهب اليها في ساعة متاخرة من الليل . فشكرها واحيا معها بقية السهرة . وتروى لنا حادثة ان علية كانت بارعة الاخراج متقنة التنظيم وصورة ذلك ان ام جعفر زوج الرشيد اشتكت اليها ميل زوجها الى جارية جديدة بديعة الجمال . فاجابتها بقولها : لا يهولنك هذا فوالله لاردنه اليك . ثم دربت جواريها وجواري ام جعفر وبقية جواري القصر على غناء لها صاحبته باخراج وحركات جذابة والبستهن اجمل الثياب وابهى الحلى وابرزتهن للخليفة وهي مع ام جعفر في مقدمة المشهد الذي لم يشاهد الرشيد مثيله فياخذه الاعجاب والطرب ويقبل معتذرا لزوجه مكرما لاخته التي افهمته الموقف بشعر الغناء الذي كان : منفصل عني وما ******** قلبي عنه منفصل يا قاطعي اليوم فمن ******** نويت بعدي ان تصل وهكذا كانت علية الاميرة الورعة والمغنية البارعة التي رفعت درجة الغناء واهله وحلقت في سماء الادب وقضت حياتها في السعادة التي يتمناها كل اديب وفنان . يتبع 2020-02-14