الى الرئيس ماكرون: ملاحظات جدية قد يأخذها العقلاء نصائح للتطبيق!
بسام ابو شريف.
منذ انتخاب الرئيس ماكرون لم يخرج من حقول التجارب الى تقديرات سليمة تمكنه من رسم استراتيجية تحافظ لفرنسا على مصالحها ، وتحميها من الحوت الاميركي ، وتبقيها مقبولة الى حد أكبر بكثير من قبول الشعوب والدول للولايات المتحدة ، وأمضى فترة يحاول فيها أن ينبت الزرع في أرض تسيطر عليها واشنطن سيطرة تامة دون أن يستوعب أن واشنطن تتصرف تجاه اوروبا منذ مشروع مارشال على أن ” اوروبا ” ، هي سوقها ومزرعتها الأمامية وخط دفاعها الذي سيتلقى الضربات عنها .
وتصرفت الادارة الاميركية التي تعاقبت منذ الحرب العالمية الأولى بنفس المنهج ، وان اختلفت اللهجات التي يتقنها كل رئيس من الرؤساء الذين تعاقبوا على البيت الأبيض ، ولم يستوعب ماكرون أن من يجلس في البيت الأبيض هو في الواقع موظف عند هذا الاحتكار الاميركي ، أو ذلك التجمع الصناعي الاميركي الذي يسعى لمزيد من الربح ، وان كان طريقه للربح ذبح اوروبا وقتل الملايين أو شن الحروب ، ولاشك أن معارك هذه المجمعات الصناعية ” عسكرية أو الكترونية أو نفطية … الخ ” ، تتجه للسيطرة على مصادر الطاقة ومصادر المواد الأولية النادرة والثمينة ( مثل السيلكون الذي يعرف الاميركيون الذين يجلسون في مواقع القرار أن سوريا هي من أغنى الدول بمادة السيلكون اضافة للنفط والغاز والذهب وغيرها ) .
ماكرون حاول في الحقل الثاني عندما فشل في الحقل الأول أن يكون شريكا كاملا لواشنطن ورغم تبادل القبلات استخدم ترامب سذاجة ماكرون وصفعه في النهاية ليقول له ولاوروبا وللعالم أن واشنطن هي صاحبة القرار ( وهذا ماحصل في نيويورك مع محاولات ماكرون جمع روحاني بترامب ) ، وفي الحقل الثالث الذي دخله ترامب ، وهو مشتت التفكير ويلهث لتحقيق انجاز بدأ ماكرون يقع في أخطاء من شأنها أن تلحق أكبر الضرربفرنسا والفرنسيين لم يدرس ماكرون تاريخ ديغول ومعاناته مع الاميركيين حينما قاد المقاومة ضد الاحتلال الألماني وبعد الانتصار .
ولم يدرس تجربة ديغول في صراعه مع الادارات الاميركية حول المبادئ الانسانية والتعامل المتكافئ مع شعوب العالم ودوله ، ووصلت أمور الصراع بينهما الى حد شروع ديغول بالترويج لنظام مالي جديد يعتمد الذهب بدلا من الدولار غطاء للعملات ، ولماذا رفض ديغول تسليم الرئاسة عندما كانت نسبة المصوتين له ضئيلة نسبة لشعبيته ؟
لأن ديغول أيقن أن واشنطن تلجأ لأسلحة تضلل فيها الرأي العام حتى في فرنسا ، وتعتمد على سيطرتها المالية لتغيير الحكام والأنظمة تحت شعار الديمقراطية الكاذبة ( كما يفعل ترامب الآن في لبنان والعراق وايران وهونج كونج وبوليفيا وفنزويلا وكوبا وغيرها ) .
على ماكرون أن يتخلص من نفوذ روتشيلد ومصارفه وأن يفكر بمصلحة فرنسا ، وأن ينتهج سياسة تخدم فرنسا وشعبها ، وهذه هي سياسة الاحترام المتبادل والتعامل العادل والمتكافئ مع دول مصادر المواد وأسواق المنتجات .
وذلك : –
أولا باصدار اعلان تاريخي يحدد سياسة فرنسا العامة تجاه علاقتها مع الدول والشعوب ، احترام استقلال وسيادة الدول على أراضيها ، حقوق الشعوب ، ووقف نهائي وكامل لاستخدام القوة في أي بلد من البلدان خارج فرنسا ، والعمل على صياغة اتفاقات تعطي الشعوب حقوقها بشكل عادل ، وأن تتوقف كل العمليات التي تخالف ذلك كما يجري في دول عديدة منها “الغابون ومالي وتشاد والسودان ودول عربية ” ، وهذا يعني أن تسحب فرنسا فورا قواتها الموجودة في الشرق الأوسط ومن سوريا تحديدا ، وأن يتضمن الاعلان موقفا حازما من اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية ، ورفض المستوطنات ، والوقوف بحزم ” بما في ذلك العقوبات ” ، في وجه السياسة الاستعمارية الاسرائيلية .
وأن يشكل ماكرون لجنة عليا برئاسته لزيارة دمشق وطهران لبحث العلاقات الثنائية ” أو الاوروبية في حال موافقة المانيا ” ، والسعي لابرام عقود حول الأمور التي تهم فرنسا ” ومنها نفط وغاز شمال شرق سوريا ” .
وأن تعيد اوروبا بمبادرة تقودها فرنسا ” أو فرنسا والمانيا ” ، لتحسين العلاقات مع سوريا وعدم الاستمرار بقرارات فرض العقوبات والحصار على سوريا وايران ، بهذا الاعلان والشروع بتطبيقه يكون ماكرون قد بدأ باعادة كرامة فرنسا والفرنسيين ، وأرسى قواعد عادلة للتعامل مع الشعوب والدول ، ولاشك أن هذا الموقف سوف يثير واشنطن لكن لابد لاوروبا من لحظة ما تبدأ فيها التخلص من استعمار اميركي امتد منذ الحرب العالمية الاولى حتى اليوم لقد اخترع الاميركيون وهما اسمه خطر الاتحاد السوفيتي ليمنعوا اوروبا من التعاون مع جيرانها القريبين ، والآن يخترعون كل المؤامرات والدسائس ليبعدوا اوروبا عن روسيا ، لكن على الاوروبيين أن يعلموا أن الاقتراب والتعاون مع روسيا والصين وايران هو الذي يرعب واشنطن ويجعلها تشعر بالعزلة ، ولابد من خطوة جادة في هذا المجال .
لقد أخذنا ماكرون كمثل لكن المقصود اوروبا ، فالاوروبيون يعلمون أن واشنطن وترامب يدفشان العالم نحو الدمار ، فالمناخ في خطر، وسباق التسلح قد أعاده ترامب للوجود كي يفني العالم ، والتدخل الاميركي بالشؤون الداخلية للصين هو لعب بالنار قرب برميل بارود ، وان تلكؤ اوروبا بهذا الاتجاه يكون في خدمة سياسة حمقاء مدمرة وجشعة كسياسة ترامب .
أما اذا اتخذت الخطوات فستضطر واشنطن للتراجع ، وأنصحكم أن تراقبوا مايفعله ترامب في افغانستان انه يستجدي طالبان .
2019-12-02