فاديا مطر. فيما تقارب الإحتجاجات اللبنانية شهرها الثاني ، تقف مقاصد ما تركب على الساحة اللبنانية في موقف المنتظر الساخن ، فالساحة اللبنانية باتت أمام مفروضات شتى ظهر منها ما ظهر و يستتر الباقي بإنتظار مآل ما سطر لها شارعيا و سياسيا ، فالأزمة اللبنانية ليست وليدة اليوم ، بل هي منذ العام ٢٠٠٢ بعد التحرير و هي تخضع لعمليات تصنيع مدروسة داخليا و خارجيا ، فهي قد مرت بمراحل كثيرة تدخلت بها الأجندات الدولية و الإقليمية من أمريكا الجنوبية وصولا الى شرق آسيا ، و التدخلات المالية كانت و لا تزال بيت القصيد في مرامي واشنطن و المحور الإقليمي لجهة التدخلات التي قادت المرحلة من قبل الحريري الى ما بعده بكل متموضعاتها و تطوراتها السياسية و الإقتصادية ، فرئيس الحكومة المستقيل لم ينسلخ رأيه في تشكيل الحكومة عن ما تراه واشنطن في سياق قيادة بعض أطراف الشارع الغاضب تحت راية أن إسقاط الدولة هو الحل ، و السعي من فم فيلتمان كقاعدة لحكومة تحفظ ” المصالح الأمريكية ” في لبنان هو بداية خيط ما يترتب في ذهنية البعض الداخلي تباعا ، فلا جدل حتى الآن في أن الضغط عبر بعض خطوات الحريري هي لمنع تشكيل حكومة سياسية لتحل محلها ” التكنوقراط ” المهجنة كبديل يخضع لرعاية واشنطنية ترى واشنطن صورة الحريري فيها ضمن إطار التفضيلات القادمة من الغرب ، وهي شكل حكومي ترى فيه واشنطن و متضمناتها أن الشارع بشكله الحالي يطبق ما يخفيه فيلتمان و شنيكر و غيرهما من تبعيات التأمرك ، لكن الوقت الممنوح لرئيس الحكومة سعد الحريري بات برأي الكثيرين غير كافي لوضع فرضية الأمر الواقع على طاولة المفروضات ، إن كان لجهة ما يختبئ من وراء وجود المقاومة كلاعب أساسي في الساحة اللبنانية ، أم لسقوط إستعمال لبنان منصة إطلاق سياسي تستهدف داعمي المقاومة وحتى الرئيس عون ، فالحراك الممول بشعاراته التي هي حجة خيارات ١٤ آذار المدروسة أمريكيا بعناية ، يحمل في مقاصده معركة سياسية بإمتياز إستبدلت جملة شعارات الإصلاح بشعارات الإسقاط ، و هو خيار تنزله واشنطن بحراك الشارع ليكون بمثابة فوهة مدفع سياسي يستهدف مقومات الدولة و المنصة الرئاسية في باطنها السياسي ، فالأدارة الأمريكية بشكل بومبيو و غيره من الوجوه السياسية تحاول حصاد عام إنتخابي مثمر في لبنان و العراق للضغط على إيران كإستثمار سياسي يوظف إنتخابيا في أجندات ترامب ، و ما التوظيف المالي و السياسي و حتى الإعلامي لحراك الشارع اللبناني إلا خطوة إستباقية لمستحضرات تجميل الملف الإنتخابي لترامب عبر وسائل إعلام و قنوات خليجية تعوم في متابعتها اليومية للشارع اللبناني مفردات و شعارات تستهدف مع وجوه الحراك لبنان المقاوم ككل ، و هي بذات الوقت لا تستطيع كشف أقنعتها للعلن بالشكل المصرفي للبنان و الذي يحوي بنسبة كبيرة أموال خليجية كانت السبب في منع الإنهيار المالي حتى لا تخسر أموالها في السبب المالي لوضع لبنان ، بل تسعى بها بعض الدول الإقليمية بهذه الأموال و القنوات لتكون المفجر الذي يستهدف بديل سقوط مشروع الشغب في إيران الذي أوقف التفجير في لبنان فعليا ، كون لبنان و العراق منصتين صالحتين بالرأي الأمريكي للضغط على طهران ، وهي ورقة كانت تحمل بالأهمية الأمريكية و الخليجية الكثير من آمال زعزعة الداخل الإيراني و الإستثمار فيه ، و ما الرسائل التي وردت للرئيس عون على منصة الإحتفال بعيد الإستقلال إلا إشارات غربية و إقليمية لما كان بالذهن الغربي ، و قد لقت إجابات صريحة من الرئاسة اللبنانية خصوصا بعد إعتناء الرئيس عون بملف النازحين و دعم الوجود المقاوم كسلاح إستراتيجي في توازن الرعب مع العدو الصهيوني ، فالمسألة الوطنية عند الرئيس عون غير قابلة لتبديل الأولويات أو التفاوض على تمييعها خصوصا في موضوع المقاومة ومحورها ، وهي من الأسباب التي كانت سببا في تحضير الإنفجار تحت حجج الإحتجاجات التي تتبلور في شكلها الأساسي الذي وضعت له عبر ممارسات شهدتها مدن عدة و شوارع متعددة ، فالمفروضات التي تمليها سرا و علنا سفارات غربية و إقليمية تحوي في طياتها العلاقة مع دمشق و التوطين الفلسطيني و الإقتصاد البحري للبنان كبدائل مقايضة ، كان الشارع الحجة التي حمل عناوينها و شعاراتها و مستثمرات الفرض الذي تتبع فيه محاور غربية عدة رسائل الحجة تحت غطاء الإحتجاجات ، و الطرق التي تتحضر لما بعد الشارع ربما تكون بقبضة من في الداخل اللبناني الذي يناغم تلك الحجج في الإستثمار الداخلي ، فما بعد الحجج التي نزعها محور الرئيس عون في فلتان الشارع نحو التحول ؟ و هل ما يتحضر بعد فشل الإسقاط سيكون تساقط بعض الأيدي التي سخنت الشارع ؟ أم بعض الملفات التي تنتظر التسخين مجددا ؟ هي المساحات التي أفسحها الشارع المتغاضب و منعكساتها التي لبست لباس الداخل بألوان الخارج . 2019-12-1