ملتقى الخواجة…ديمقراطية التوريث !
ميلاد عمر المزوغي
ربما كتب على شعوبنا العربية ان تكون ذليلة لأصحاب الجاه والسلطان, يتحكمون بمقدراتها ,المنتخبون شعبيا (لا يخلو المال السياسي-شراء الذمم)يطلق عليهم النواب, بينما الذين ينصبون انفسهم علينا بحكم العرف والعادات والتقاليد وهم عادة من يطلق عليهم مشايخ واعيان ووجهاء, أي ان مجلسي الشيوخ والنواب جُعلا للتحكم في مقدرات الشعوب وسيفا مسلطا على رقابها ينعمون بخيرات البلد, لهم الحظوة اينما حلوا يفسح لهم المجال, ويسعد العامة بنظرة اعجاب من هذا النائب او ذاك الشيخ, فلم تعد رجلاه تقويان على حمله وكأنما يحلق في الفضاء بنيله بركة آلهة العصر.
في ليبيا كما بقية دول العالم وخاصة المتخلفة منها, دلائل وشواهد على ان غالبية هؤلاء كانوا عينا للمستعمر, ينفذون اجنداته وينالون جزيل العطاء, ويضمنون لنسلهم الشريف استمرارية الوجاهة والمشاركة في صنع القرار.
تنادى من يدّعون انهم شيوخ واعيان ووجهاء ليبيا اكثر من مرة ,لإيهام العامة بانهم يسعون الى وأد الفتنة وايجاد الحلول لازمة طاولت كافة ربوع البلاد, أتت على الاخضر واليابس, وأحدثت شرخا في اللحمة الوطنية فأصبح القبض على الهوية, أفرغت الخزينة العامة من محتوياتها ليتسلى بها قادة الميليشيات المحسوبون على قبائلهم وبل وللأسف نجد ان هؤلاء "المشايخ والاعيان" يباركون اعمال مجرمي الحرب, فتخرج مسيرات التأييد الشعبي المليونية لهؤلاء المجرمين, يستظلون بالعباءة الاجتماعية ويعدون حماة "الوطن" ,ويفسح لهم المجال لتولي مناصب قيادية بالبلد ويصدق القول حاميها حراميها.
المنضوون بالمليشيات التي تعيث في الارض فسادا هم ابناء القبائل والمدن يتقاضون رواتب مجزية ومنح وعطايا لا تنضب, الذين تولوا السلطة ابان الازمة "المجلس الانتقالي" وبعد سقوط النظام هم اناس تفاخر بهم قبائلهم, وقد يرتقون الى مستويات اجتماعية عليا ويصبحون مشايخ واعيان المستقبل وتكون لهم الكلمة الفصل في امور البلد.
ملتقى القاهرة للخواجة, حضرته بعض الوجوه وغابت عنه اخرى, كل له وجهة نظره الخاصة, منهم من اقتنع بالواقع المزرى ويرى ضرورة مساندة الجيش الذي اخذ على عاتقه محاربة التكفيريين والمنقلبين على الشرعية, ومنهم من يرى ان ما جرى ويجري يدخل في ظل تفتيت الكيان الاجتماعي للدولة ومحاولة فرض سلطة الامر الواقع بما في ذلك فرض الراية والنشيد الوطني, يجتمع هؤلاء بعد ان ادركوا ان الامور قد فلتت من اياديهم المرتعشة, إلا انهم يلتقون جميعا في انهم يريدون لأنفسهم الشهرة والحصول على بعض المكاسب, لأنهم تربوا على ذلك ,عينهم على السلطة.
تبا لهؤلاء المشايخ والاعيان الذين سكتوا على استجلاب المستعمرين الجدد, ولم يكونوا في مقدمة الصفوف المدافعة عن الوطن, تبا لهؤلاء الذين سمحوا لأبنائهم بالانخراط في الميليشيات لأجل المادة, تبا لديمقراطية تجعل من هؤلاء الخونة (الذين باعوا الوطن للمستعمر) والمتسلقين (الذين كتبوا وثائق بالدم للدفاع عن الوطن) وشذاذ الافاق(الذين سرقوا اموال الشعب وشكلوا بها ميليشيات للانقضاض على الدولة) حكاما على شعب يحاول ان يلتمس طريق النجاة من عبودية الفرد والقبيلة وبناء دولته المدنية, حيث يختفي عندها دور القبيلة السياسي والاجتماعي, فلم تعد هناك حاجة لهؤلاء ,وليقبعوا في حصونهم, ليهنؤوا بعيشهم الرغد, ليتركوا الشعب وشانه, تبا لديمقراطية التوريث ,يا اخي قد اصبح الشعب إله.
28/05/2015