الطائرات المسيرة الملغمة في أجواء الضاحية: عدوان جديد ام محاولة اغتيال!
سعد ناجي جواد بالتأكيد لم يكن ما حدث يوم اول امس الأحد، عندما استهدفت طائرتان مسيرتان اسرائيليتان الضاحية الجنوبية من بيروت معقل و حاضنة حزب الله، أمراً بسيطا او هيناً. ولم يكن الهدف هو لإظهار بان إسرائيل قادرة على اختراق الأجواء اللبنانية. ولكن كل الدلائل تشير الى ان العملية كانت معقدة جدا وان ما حدث يمكن ان يكون محاولة اغتيال واستهداف لقيادات في حزب الله بجريمة متكاملة الأبعاد، اعتمادا على المواقع المستهدفة وعلى الأسلوب المعقد الذي اتبع في إيصال الطائرتين الى هدفيهما وقبل إسقاطهما. ومن هنا جاء رد السيد حسن نصر الله غاضبا ومزلزلاً، ولا احد يستطيع ان يلومه على ذلك. منذ مدة وإسرائيل وعلى لسان قادتها الأمنيون ونتنياهو بنفسه تهدد باغتيال قادة المقاومة وعلى رأسهم سيد المقاومة حسن نصر الله، لانها تعتقد بانها باغتياله، لا سمح الله، تستطيع ان توجه ضربة قاصمة للحزب وللمقاومة اللبنانية بصورة عامة. وهذا التفكير، على الرغم من سذاجته لان المقاومة لم تعد تعتمد على شخص واحد، وانه فشل سابقا سواء مع حزب الله او مع المقاومة الفلسطينية، الا انه ومع الأسف يحظى بتأييد من أطراف معينة داخل لبنان وداخل الوطن العربي، ناهيك عن التأييد الأمريكي الكبير والكامل و بعض الدول الأوربية. وهذا الامر يتأكد من قراءة ما يكتب في بعض الصحف العربية او سماع بعض المحطات الفضائية الداعمة لهذا التفكير، التي حاولت قبل الحادثة ان تردد مسالة تثيرها دائما مفادها ان اتصرفات وسياسة حزب الله تجر لبنان والمنطقة الى كارثة تتمثل بشدة الرد الاسرائيلي المرتقب، والى تدمير كل البنية التحتية في لبنان، وكأن إسرائيل لم تفعل ذلك سابقا وفشلت عندما تمكنت السواعد اللبنانية من اعادة بناء ما دُمِر. المسالة الثانية التي تركز عليها هذه الصحف والمحطات ان حزب الله هو من يصعد الأمور وان إسرائيل لا تقوم الا بالرد على ما يقوم به الحزب، وحتى اصرار الحزب على امتلاك أسلحة وصواريخ لحماية الأجواء والأراضي اللبنانية وتعزيز قدرة المقاومة على ردع العنجهية الاسرائيلية، اعتبرت من قبل هذه الصحف والأشخاص الذين يرددون مثل كلامها، استفزازا لإسرائيل!!! الأنكى من ذلك ان هذه الأصوات النشاز دائما ما تظهر بعد كل عدوان اسرائيلي متسائلة وباستفزاز، أين هي تهديدات حزب الله و قائده؟ لكي تعود اذا ما رد الحزب على اي عدوان الى نغمة ان المقاومة تقود لبنان والمنطقة الى كارثة، نفس الأصوات ونفس الصحف وبدون اي وجل او خجل. وفي هذا السياق تدخل المقالات التي يكتبها البعض من حملة الجنسيات العربية في الصحف الاسرائيلية، او الزيارات التي يقومون بها الى فلسطين المحتلة من اجل الترويج للتطبيع المجاني. المسالة الخطيرة الأخرى تتمثل في الدلائل التي تشير الى ان إسرائيل وقبل الأقدام على هذه الخطوة المتهورة قد أعلمت حلفائها بما تنوي القيام به سواء في الخارج، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، او في المنطقة العربية، وخاصة الأطراف التي تسعى الى القبول بصفقة القرن وتطبيع العلاقات مع الكيان الاسرائيلي، وكذلك الأطراف المعادية لحزب الله في لبنان، حيث سارعت الولايات المتحدة الى اعتبار ما حدث هو دفاع عن النفس، واشتركت هي وأطراف لبنانية وعربية، في الطلب من الحكومة اللبنانية ان تستعمل نفوذها لدى حزب الله كي لا يرد على ماحدث. اما نتنياهو المنتشي بما فعل، فانه عاد وكرر فعلته في اليوم التالي بمهاجمة فصائل مقاومة فلسطينية ( الجبهة الشعبية) تدعمها سوريا شرق لبنان، وكأنه يريد ان يقول بانه غير مكترث بتهديدات و تحذيرات السيد حسن نصر الله. ولم يصدر عن الأصوات التي تطالب حزب الله بضبط النفس اي مطالبة من إسرائيل ان تبتعد عن زيادة التوتر. من ناحية أخرى، وفي تفسير اخر فان تطور الأحداث الان وفي هذا الوقت بالذات ان نتنياهو يتبع ستراتيجية مبنية على التصعيد لجر حزب الله الى مواجهة عسكرية يعتقد خطاءا انها ستحقق له نصرا من نوع ما لكي يستعين به في حملته الانتخابية للبقاء كرئيس للوزراء، وهذه مغامرة أخرى تشابه مغامرة أولمرت الذي دفع من جراءها، وجراء سوء حساباته وغروره، منصبه كرئيس للوزراء بعد انتصار المقاومة في عام 2006. لقد اثبت حزب الله و قيادته انهم بارعون في وضع الخطط الاستراتيجية الناجحة، و ان كوادره وعقوله قادرون على ايجاد الطريقة المناسبة التي يردون فيها على المؤامرات الاسرائيلية، وأنه مقاتليه بارعون وشجعان وقادرون على تحقيق النصر في احلك الظروف، وبالتالي فان من لا يأخذ تصريحات و تهديدات السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير بصورة جدية فانه يرتكب خطاءا ستراتيجيا فادحا. كما ان من لا يستوعب جدية ومعنى قول السيد بان على الجنود الاسرائيلين المتواجدين على الحدود مع لبنان ان يقفوا على رجل ونصف استعدادا لما ينتظرهم يثبت انه لا يفهم اللغة العربية البليغة. اخيرا يمكن القول ان كل التحليلات و التقديرات تقول ان المنطقة مقبلة على تطورات وتصعيدات خطيرة، تطورات قد تنهي العنجهية والاستكبار الاسرائيلي، وهذا ما نتمناه. طبعا هذا ألتفاؤل يحب ان لا يحجب عن نظرنا و وعينا كبر وعمق وخطورة ما يخطط للامة من قبل الأطراف المعادية الصهيونية و الأمريكية ومن يتناغم معهما من العرب و الأجانب. وان اليقظة والحذر يبقيان السبيل الوحيد لافشال المخططات القادمة. والأمل كل الأمل ان تكون خاتمة هذه الازمة ( نصر من الله و فتح قريب). اللهم احفظ لبنان وشعبه ومقاومته من كل سوء. 2019-08-27