الموساد بين الأسطورة والحقيقة في إسرائيل
عميرة أيسر
يعتبر جهاز الموساد والذي يطلق عليه بالعبرية هالموساد، والذي يعني حسب ما
يقول المؤرخ الفلسطيني الكبير عبد القادر ياسين المؤسسة بالعبرانية، وهو جهاز
استخباراتي يتخصص في الإستخبارات وتنفيذ المهمات الخاصة، وينقسم عملاتياً إلى
أربعة أقسام مهمة وحساسة، وهي قسم جمع وتحليل والمعلومات، وآخر لتنفيذ مختلف
أنواع العمليات الخاصة بما فيها تنفيذ الاغتيالات في كل دول العالم لعلماء
ومثقَّفين وسياسيين وأناس يشكلون خطراً على الأمن القومي للكيان الصهيوني
المحتل، وكذلك قسم متخصص في إدارة الحرب النفسية وشنَّها على العدو، وخاصة في
أوقات الحروب، والقسم الرابع والذي استحدث مؤخراً وألحق بالموساد، وهو مدرسة
تدريب العملاء والتي تتواجد بمدينة حيفا الممحتلة، ويعتبر جهاز الموساد واحداً
من عدَّة أجهزة استخبارات تابعة لكيان العدو المتحلّ، والتي تدخل ضمن نطاق
الإستراتيجية الأمنية لحماية الأمن القومي الصهيوني، والمرتكزة أساساً على جمع
أكبر قدر من المعلومات وتحليلها والاستفادة القصوى منها، في شتىَّ ميادين
ومناحي الحياة، لأن من يمتلك المعلومة يمتلك القوة، والفعالية ويستطيع بفضلها
تغيير معادلات وموازين القوى الميدانية، ومن هذه الأجهزة الاستخباراتية نجد
هناك شعبة الإستخبارات العسكرية المعروفة اختصاراً باسم آمان، وكذا شعبة الأمن
العام، والتي تختص بحماية المواطنين الصهاينة، ومع اندلاع أعمال شغب وإحباط
هجمات المقاومة الفلسطينية، وحماية المجتمع الإسرائيلي بصفة عامة، ويطلق عليه
الشاباك او الشيت بين، بالإضافة إلى جهاز استخبارات تابع لجهاز الشرطة
الاسرائيلية وآخر تابع لوزارة الخارجية.
وبالرغم من أن الموساد يعتبره الكثيرون من أقوى أجهزة الإستخبارات العالمية،
إلاَّ أن عدد أفراد القوى العاملة التي تعمل في المقر الرئيسي بتل أبيب،
يتراوح ما بين 1200 إلى 1600عنصر، بينما يمتلك شبكة هائلة من العملاء في مختلف
الدول وخاصة العربية منها، وبالتحديد في كل من مصر وسوريا والجزائر، وبالرغم
من كل الأساطير التي تحيط بهذا الجهاز نتيجة الألة الدعائية الضخمة التي تنشر
انتصاراته الوهمية في الصحافة الدولية، وذلك للنجاحات التي حققها في حقب زمنية
متخلفة طبعاً بمساعدة مختلف أجهزة الأمن والإستخبارات الصهيونية، واستخبارات
دول عظمى حليفة لتل أبيب وعلى رأسها طبعاً الولايات المتحدة الأمريكية، إذ
تمكن جهاز الموساد من تصفية قادة عرب وفلسطينيين بارزين في المقاومة، وكان على
رأس هؤلاء القائد الشهيد مصطفى حافظ قائد المخابرات العسكرية في عزة، والذي
قاد في شهر أفريل 1955م، مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين وكان عددهم حوالي
900شخص، ضمن الوحدة 156، والتي قتلت ما بين نهاية سنة 1955م وأوائل عام
1956م، حوالي 1358صهيوني، وكما نجح الموساد سنة 1970م، في تصفية عدد من أبرز
قيادات وكوادر منظمة التحرير الفلسطينية، نذكر منهم على سبيل المثال، غسان
كنفاني، ويوسف النجار، وكما عدوان، وكمال نصر، و كذللك تمكن الموساد من اغتيال
علي أبو حسن سلامة الملقب بالأمير الأحمر، كما كانت تطلق عليه غولدا مائير،
والذي كان شغل عدَّة مناصب قيادية منها قائداً للقوة رقم 17 التي كانت مكلفة
بحماية الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وقد تمت عملية اغتياله عن طريق
تفجير سيارته في العاصمة اللبنانية، بيروت بتاريخ 22جانفي/يناير 1979م، بعد أن
وشت به الجاسوسة الأردنية أمينة المفتي للموساد، بالإضافة إلى نجاحه في عملية
اغتيال خليل الوزير أبو جهاد في العاصمة التونسية، وصلاح خلف، أبو إياد قائد
منظمة أيلول الأسود، و الدبلوماسي الفلسطيني والقيادي عاطف بسيسو في
اسكندنافيا، والذي نجح قبل استشهاده في تفكيك أكثر من 10 منظمات تابع للموساد
هناك، وفي سنة 1995م، تكمن الموساد أيضاً من تصفية فتحي الشقاقي في مالطا.
ولا ننسى نجاحه في اغتيال محمود المبحوح القيادي في حركة حماس، والشهيد عماد
مغنية قائد العلميات الخارجية في حزب الله بعبوة ناسفة في العاصمة السورية
دمشق سنة 2008م، ولكن بالرغم من كل ذلك إلاَّ أن هذا الجهاز الإستخباراتي قد
فشل في إحباط الكثير من العمليات المخابراتية التي نفذها أعداء الكيان
الصهيوني، وفقد على مدار سنوات المئات من ضباطه، وتمَّ اعتقال العديد من
عملاءه كما حدث ما بين سنوات2008م_2009م، في مصر حيث تم توقيف ثلاثة من أهم
عملائه هناك، وقبلها في سنة 1985م، أين تم االقضاء على تنظيم ثورة مصر
الإرهابي والتي كان يقوده 5 من الدبلوماسيين يعملون في سفارة إسرائيل
بالقاهرة، وفشله في منع إعدام الجاسوس إيلي كوهين في سوريا، وتفكيك عدَّة
خلايا له في لبنان والجزائر وتونس… إلخ، وبالتالي فإن هذا الجهاز قد تمَّ
اختراقه في العديد من المرات وإحباط الكثير من محاولاته التخريبية والتجسَّسية
حتىَّ داخل واشنطن، الحليف التقليدي لإسرائيل، وبالتالي فإن جهاز الموساد لا
يختلف عن بقية أجهزة الإستخبارات العالمية، وتنطبق عليه القاعدة الإستخباراتية
التي تقول بأن أيَّ جهاز مخابرات في العالم يمكن اختراقه مهما كانت درجة
حمايته الأمنية أو التكنولوجية، ويجب على الدول العربية، وأجهزة استخباراتها
أن تتحد فيما بينها أمنياَ واستخباراتياَ، لإحباط محاولات الموساد الرامية
لإختراقها وتدميرها، إذ لم يعد خافياً على أحد أنه من وقف خلف أحداث الربيع
العبري الذي انطلق سنة 2011م، وكانت نتاجها الكارثية على الكثير من دولنا
معروفة للقاصي والداني بالتأكيد.
_كاتب جزائري
2019-07-07