بقلم-رنا العفيف
نعلم بأن تركيا ليس لها إرادة سياسية واضحة رغم انخراطها في العمل السياسي للتوجه اليوم بشراء منظومة “إس 400“، مما أدى إلى شرخ سياسي بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي “الناتو” ،هنا أظهرت الولايات المتحدة سياستها المتمردة على انقرة بسبب قرارها، لأن ليس من مصلحتها أن تقتتي تركيا تكنولوجيا عسكرية روسية، وذلك بسبب التوازن السياسي الذي يحكم غرور امريكا المتغطرس، علما أنه لو عرضت روسيا على الولايات المتحدة هذه الصفقة للاحظنا بأنها لن تتوانى لحظة عن موافقتها، حباً باستعراضها للأسلحة الثقيلة، ومن هذا التوجه السياسي المتغير لدى انقرة ستواجه الولايات المتحدة انقرة بفرض عقوبات جديدة تمنعها من أي تصرف سياسي مع روسيا تكسر من شوكتها على الصعيد الاقليمي، علما بأن ترامب يعلم بسياسة أردوغان الماكرة، وما يخطط له وهذا ما لا يستوعبه عقل ترامب.
كيف لـ روسيا أن تثق بـ أردوغان علما أنها لم تلتزم بأي تفاوض معها من خلال اتفاق سوتشي، هل أردوغان يقوم بخلط الأوراق السياسية من جديد لتكون عواقبها وخيمة مع الولايات المتحدة الأمريكية، كما قلت سابقا هي على دراية تامة بخداع النظام التركي وسياسة النفاق التي يتبعها، هنا لربما تكون خدعة سياسية كي يعوض الخسارة الاقتصادية التي وقع بها أردوغان، و إما لتقوم الولايات المتحدة بعرض عسكري مغري أقوى من العرض الروسي الذي يهدف لمصالح الشرق الأوسط، فالوضع الاقتصادي التركي متردي فكيف لأروغان شراء منظومة “إس 400″وهو بوضع انهيار اقتصادي، حيث خسرت الليرة التركية 15 في المئة من قيمتها مقابل الدولار هذا العام، وارتبطت أحداث انخفاض الليرة بقلق المستثمرين ،مع العلم بأن تركيا باعت أكثر من مليار دولار الخميس الفائت خلال تعاملات الأسواق الخارجية، مما ساعد الليرة على الارتفاع أكثر من 2في المئة خلال التعاملات، وكبح انخفاضها الكبير، و بالتالي من أين لأروغان شراء هذه المنظومة، وما هي التنازلات التي قدمها للروس ؟.
سنجد هنا بأنه يتبع سياسة خلط الأوراق من جديد مع الولايات المتحدة وغيرها من حيث الحرب الاقتصادية التي فرضتها امريكا سابقا وستفرضها مجددا، امريكا بعد شراء أردوغان هذه المنظومة سنجد روسيا كلاعب دولي محترف هدفها تبني الخسارة التي مني بها أردوغان مقابل الحل السياسي المتلازم بالشأن السوري، التي سترسم اطاراً هاماً متوافق استراتيجياً مع روسيا وتركيا، وسنشهد تغيرات في المسار الجيو استراتيجي لتحقق من المعادلة والتوازن السياسي في ظل التحولات في الشرق الأوسط، وسيكون هذا التحول صادم للولايات المتحدة الامريكية لأنها ستغير من هيمنة امريكا في حال التزم أردوغان بحنكته السياسية مع روسيا، والتي عملت وستعمل منه لاعب سياسي تفوق قوته قوة امريكا، أما في حال اتبع سياسية المكر والنفاق واخترق الاتفاق الروسي السياسي، فسيكون لروسيا موقف آخر تجاه تركيا تعيده إلى جادة الصواب.
روسيا متوقعة كل شيء وهي على دراية تامة بأنها لا تثق بالنظام التركي لأن له سوابق مثال اتفاق سوتشي الذي لم ينتج شيء بعد، لذا اليوم روسيا متحصنة بالسياسة جاهدة للوصول إلى مقاربة استراتيجية والعمل على تخفيض التوتر السياسي في الشرق الأوسط، لتحد من هيمنة امريكا وأدواتها حسب المخطط الجيو استراتيجي …لها.
2019-05-23