حرب على ايران أم صفقة مليارات مع ملوك النفط؟
د.زياد العاني
عشر شركات عالمية مشهورة هي المصنع بكسر النون)و المصدر الرئيسي للاسلحة، سبعة منها في الولايات المتحدة الامريكية أشهرها لوكهيد مارتن و بوينغ و جنرال داينمكس وريثيون نورثورب. يبلغ حجم تجارة الاسلحة في العام بما يقارب ترليوني دولار سنويا وهي أعلى تجارة عالمية على الاطلاق و تأتي بعدها تجارة المخدرات . هذه التجارة التي يستفاد منها ملايين من رجال الاعمال و المستثمرين و السماسرة و الفاسدين في الدول المصدرة و المستوردة و مئات الالاف من العاملين والعلماء و الباحثين في هذه الشركات وما يرتبط بها من شركات أخرى توفر المواد الاولية و الخدمات المرتبطة بها.
يقوم عمل شركات الاسلحة وفق مبدأين أولهما أن السلاح خلق ليستعمل فكلما زادت الحروب كلما زادت الارباح وكلما أستمرت الصراعات أطول كلما حافظت هذه الصناعة على ديمومتها لذلك لابد من تواجد بؤر صراع عالمية مشتعلة باستمرار لضمان الارباح الهائلة لصناع و تجار السلاح.
المبدأ الثاني هو وجوب تجربة الاسلحة الجديدة او المطورة لضمان أستمرار تصنيع السلاح . في نهاية الحرب العالمية الثانية كانت الحرب منتهية عندما ألقت أمريكا قنبلتين نوويتين على اليابان وقتلت بشكل مباشر نصف مليون أنسان تطبيقا للمبدأ الثاني بوجوب تجربة الاسلحة الجديدة التي لم يفلحوا بصناعتها خلال فترة الحرب الفعلية. و قبل ٣ سنوات سمعنا بأم القنابل ذات العشرة أطنان التي تبخرأجسام الضحايا المتواجدين في موقع سقوطها كجزءء من أخلاقيات الحرب الامريكية، وجربت في أفغانستان.
شركات تصنيع الاسلحة هي طرف من تحالف المجمع العسكري الامريكي وهو تحالف يضم القوات المسلحة للدولة، المشرعين القانونيين (مجالس النواب)، ومتعاقدي الدفاع (شركات الأسلحة/ السماسرة/ رجال أعمال ومستثمرين)، حيث تتكامل هذه الأطراف الثلاثة وتتحالف مع بعضها لتشكل دولة داخل الدولة.
هذا المجمع الشرير حسب ما وصفه جون وايتهيد الناشط الحقوقي الامريكي والحاصل على جائزة الحرية لسنة 2012 (يضم سياسيين مرتشين فاسدين وسماسرة عسكريين جشعين ومسؤولين حكوميين يفتقدون للكفاءة حسب تعبيره، و ينفق قرابة الـ 20 مليون دولار في الساعة الواحدة عسكريًا على الحروب الخارجية بما يقارب الخمسة عشر مليار دولار شهريًا، هذا الرقم لا يشمل أي تكاليف تشغيل ودعم لوجستي لأي من القواعد العسكرية خارج الولايات المتحدة التي تنتشر في دول العالم ويزيد عددها عن الألف قاعدة، والبنتاجون نفسه ينفق ما يزيد على ما تنفقه الخمسون ولاية أمريكية مجتمعة على بنود (الصحة/ التعليم/ الأمن/ الرفاهية)! ترامب زاد من هذه النفقات بمقدار ٣٣مليار دولار في سنة ٢٠١٩ لتصل اى ٧٥٠ مليار دولار.
مثال بسيط على ثمن الاسلحة التي صرفت في يومين من عهد ترامب قبل سنتين و نيف هي صواريخ توما هوك التي تصنعها شركة ريثيرين بكلفة 1.4 مليون دولار للصاروخ الواحد وحيث أن 59 صاروخا أطلقت على مطار الشعيرات في سوريا في ذلك الوقت فهذا يعني 82.6 مليون دولار صرفت في ليلة واحدة من بضاعة تلك الشركة.
ولكن ترامب يعرف ان الحرب مع ايران حتى و ان انتصر فيها، لن تكون نزهة او قاضية كما اعتاد ان يهدد ايران ويعرف جيدا ان تبعات تلك الحرب ستكلف امريكا الكثير و يعرف ايضا ان الرأي العام الامريكي لن يتقبل حربا أخرى أو يتقبل مشاهد توابيت ضحاياها من الجنود الأمريكان، و التي ربما ستكلفه كرسي رئاسته. فالمغامرة ليست صفقة تجارية سهلة او منافسة تجارية يستثمر فيها مهارته، هي معركة مع عدو يمتلك جيشا قوي التسليح ودولة دخلت الصناعة النووية وشعب مجيش خبر الحرب لأكثر من اربع عقود وبلد موقعه الستراتيجي يتحكم بأكثر من٤٠ بالمئة من إمدادات الطاقة العالمية وحلفاء أمريكا الغربيين الذين سيكونوا من أوائل المتضررين لن ينجروا وراء تلك المغامرة.
لذلك من المستبعد ان يغامر باشعال الحرب ولكن عليه ان يرضي نهم وجشع مموليه من شركات السلاح الذين سيخسروا ان لم تستخدم بضاعتهم، هنا سيستثمر مهارته ويدفع لتلك الشركات الشريرة ثمنا يرضيها من خلال صفقات سلاح يشتريها ملوك النفط ثمنا لما يعتقدون انه لحمايتهم ولا بأس بان يرسل جنودا إضافيين فينعش عمل شركات المساندة و الخدمات و بذلك يرضي جميع أطراف ذلك المجمع الشرير دون الحاجة الى الدخول بحرب مباشرة. لذلك فان كل تلك القرقعة هي من اجل تلك الصفقات و كذلك اشغال الرأي العام من أجل إمرار صفقة القرن المتفق على ثمنها الذي ستدفعه السعودية و حلفائهافيرضي بها حليفه الكيان الصهيوني. صفقات يدفعها ملوك النفط الذين يجيد ترامب ابتزازهم ومن يدري ربما تتضمن الصفقة شراء ما تبقى من قنابل أم القنابل.
في الصورة حاملة الطائرات لينكولن وهي تعبر قناة السويس
في الصورة حاملة الطائرات لينكولن وهي تعبر قناة السويس