خطر الاسلاموية قادم… فهل الجزائر في أمان؟
محمد علي القاسمي الحسني
يعرف قاموس لاروس الفرنسي مصطلح الاسلاموية بأنها حركة تسعى الى توحيد تيارات الاسلام بهدف اعتماد عقيدة سياسية حقيقية من خلال التطيق الصارم للشريعة و انشاء دولة اسلامية متشددة ، تذكرت هذا التعريف بعد مجموعة فتاوى أطلقها شيوخ يدعون التبحر في الدين من داخل و خارج الجزائر بكون معظم المسلمين ليسوا مسلمين الا الفرقة الناجية التي تتمثل في المدخلية المنتشرة فتوى شيخهم في الجزائر و لهم خلايا في جل المدن ، اضافة الى أتباع الشيخ فركوس المدرس بجامعة الجزائر و تحت أعين الدولة ، الشيخ الذي أفتى بكفر النظام يوما و قال أمام طلبته بأن من لا ترتدي الحجاب كافرة و منع دخول الطلبة اللذين لا يرتدون القميص الى القسم للدراسة ، يعيش في عالم القرن الحادي و العشرين بهذا الفكر المتشدد الذي يشكل خطرا على المجتمع و يهدد وحدته خصوصا في ظل تراجع بقية التيارات الفكرية التي تعرضت للقمع و التهجير في مقابل بقاء الملعب مفتوحا للاسلامويين اللذين يتلقون الدعم من الدول الأجنبية تارة و من الحكومة التي تسمح لهم بالتحرك تارة أخرى .
ان الغزو الاسلاموي للجزائر الذي بدأ مع فترة حكم الرئيس الشاذلي بن جديد ، حين تم افتتاح كلية الشريعة بجامعة الجزائر سنة 1982 و التي ضمت بين أسوارها خليطا من الجزائريين خريجي الجامعات السعودية المتشبعين بالفكر الوهابي، ليتم الحاق مجموعة من الشيوخ المصريين يهم في فترة قصيرة ، لتصبح الجزائر ساحة صراع بين الشيوعيين اللذين أصبحوا محل تحر و تضييق من قبل السلطات التي فتحت الباب واسعا أمام الاسلامويين اللذين ملئوا المساجد و الساحات بشكل رهيب ، هؤلاء هم نفسهم اللذين حملوا السلاح و قتلوا الأبرياء في العشرية السوداء في مقابل أن الشيوعيين و العلمانيين و المسلمين النزهاء اغتيلوا ظلما من قبل أولئك اللذين احتضنتهم الدولة و درستهم ، العجيب أن أولى الهاربين حين اندلاع الحرب الأهلية هم أولئك الشيوخ اللذين زرعوا بذور الفتنة و التطرف الأعمى .
المتجول في شوارع المدن الكبرى لن يلاحظ الوجود الرهيب لمظاهر النفاق الديني ممثلة أساسا في الجلباب الذي أصبح موضة تستر بها فضائح المرأة حاله حال اللحية التي يطيلها كل مرتش ، فاسد ، و لكن ما ان يتم الدخول الى المدن الداخلية الصغرى حتى يصبح الأمر مزعجا بالنظر للتنامي الرهيب و غير المفهوم لظاهرة الجلباب و اللحية و القميص ، فاذا كان الدين الاسلامي حاله حال بقية الأديان يقوم على العقل و البحث في مسائل الوجود و تطوير البشرية ، فان هؤلاء يحسبون أنهم بالشكليات سينالون الجنة ، صحيح أنهم أحرار و لكن حين يصبح الأمر مريبا ، فهذا يستحق دراسات علمية لمعرفة الدوافع و الأسباب الخفية وراء موجة التدين التي لا تختلف عن موجة التدين التي سبقت الحرب الأهلية سنوات التسعينات ، مع تغير الشيوعيين بالحداثيين اللذين أصبح لهم صوت مسموع وسط المجتمع مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي ، و رغم ذلك الا أن الحكومة تكرر نفس الخطأ ممثلا في التضييق على الحداثيين و فتح مجال الحديث و التعبير عن الرأي للاسلامويين ، مع التضييق على المسملين النزهاء المسالمين .
مشكلة أتباع التيارات الفكرية و الدينية في الجزائر أنهم لا يعرفون مصطلح الوفاء للوطن ، فالثوار حين ثاروا باختلاف توجهاتهم الفكرية و الدينية كان هدفهم الأول تحرير الوطن ، لكن اللذين يتصارعون اليوم ولائهم للدولة التي تدفع لهم المال و هم في هذا مرتزقة أفكار أكثر من كونهم مفكرين أو وعاظ ، فالتعصب لمن يدفع أكثر أهلك الوطن و العوام اذ جعلهم يتيهون بين تصديق هذا أو اتباع ذاك و تحولت الجزائر الى سوق تعرض فيه مختلف الأفكار البالية الرجعية منها و التفسخية كذلك و ما على الفرد سوى اختيار ما يريد من بضاعة رديئة .
طالب جزائري
2018-05-29