رائد عبد الحسين السوداني
مهما خرجت لنا المفوضية المستقلة للانتخابات من نتائج خلال 48 ساعة القادمة يبقى من المؤكد إن قائمة سائرون المشكلة أساسا من حزب الاستقامة (التيار الصدري) والحزب الشيوعي العراقي وبعض العلمانيين أحدثت مفاجأة بحجم الاعصار السياسي في العملية الانتخابية العراقية، أما لماذا وصفها بالاعصار، هناك عدة اعتبارات لذلك، إن التحالف يعد الاول من نوعه ليس في العراق فحسب بل في الوطن العربي وربما في العالم، فالتيار الصدري إنما هو حركة دينية شعبية بكل المقاييس لها خطوطها الحمر (المتعلقة بالجانب الديني أساسا) ولها مركزيتها (الحوزوية) متمثلة بزعيم التيار سماحة السيد مقتدى الصدر، ابن الحوزة وابن المرجعية، المقاوم للمحتل، الشيعي العابر للطائفية انطلاقا من قوته في الشارع وفي الاساس من فلسفة مؤسسه السيد محمد الصدر، أما الشيوعي العراقي، فإنه في كل المقاييس على الطرف المعاكس للتيار الصدري من أيدلوجية وانطلاقات فكرية وفلسفية وفكرية وحتى من الناحية النفسية بالنسبة للافراد، لكنهما التقيا في نقطة واحدة، تمثلت بانسداد العملية السياسية ووصولها الى مرحلة الاختناق والاحتقان الشديدين وهذا عائد لمخطط ما بعد الاحتلال الامريكي للعراق الذي أقرته الولايات المتحدة قبل عقدين من احتلالها للعراق .وهذا اللقاء أسس في باديء الأمر من خلال التظاهرات والاحتجاجات على الرغم من وجود امتعاض أولي حدث لدى أنصار الحزب الشيوعي عند انضمام التيار للتظاهرات لاسيما في ساحة التحرير وعدوها سرقة لجهودهم لكن التيار وابنائه استوعبوا الحالة وأفهموا الشيوعيين إنهم لا يرغبون بالقفز فوق تطلعاتهم ولا يرغبون بتزعم الشارع كما يصوره البعض، إنما وجدوا الاهداف مشتركة فانضموا لهذا الحراك الامر الذي أقتنع الشيوعيون به بعد مدة قصيرة، فكانت تظاهراتهم عارمة (مليونية) تزعمها في معظم الاحيان السيد مقتدى الصدر. إلى أن وصل الامر الى تحالف سائرون الذي لاقى استهجانا واستهزاء ومعارضة من أطراف عدة حتى من شيوعيين كثر على اعتبار لا تلاقي بين الايدلوجيتين .وقد طرح التيار الصدري هذه المرة وجوها جديدة لم تمارس العمل السياسي سابقا تنفيذا لمبدأ الشلع قلع .في حين كانت القوائم الاخرى لها اعلامها الهائل وأموالها الضخمة ودولا ترعاها ووجوها تمرست السياسة من قبل سواء في عهد المعارضة أو بعد الاحتلال، وهنا أتكلم عن الوسط الشيعي الذي ركز على إن (سائرون) مدعومة من السعودية لمعرفتهم إن ذاكرة العراقيين مليئة بالاحداث المضادة للشيعة التي رعتها السعودية .أما ما هي النتائج المترتبة على هذا التقدم الفائق للتصور لسائرون، أقرأه كالتالي، قبل يوم من الانتخابات حذرت السفارة الامريكية بأن هناك عمليات ارهابية ستقع ضد المراكز الانتخابية وحددت منطقة الغزالية في بغداد بأنها ستكون عرضة لهجمات، أما لماذا الغزالية، أستطيع القول لأنها سنية في طابعها العام، تجاور منطقة شيعية بالمطلق تقريبا (الشعلة)، فربما أرادوا التهيئة لحدث طائفي كبير في المنطقة، وفي يوم الانتخابات أشرف السفير الامريكي على سيرها من خلال فندق الرشيد، مكان تصويت المسؤولين، وحضور السفير الامريكي له دلالات أهمها إنه راعي العملية السياسية، وفي المساء وبعد ساعات من اغلاق الصناديق زار مقر المفوضية تكريسا لهذا الفهم، وبالتالي إن أمريكا ستتحفز لمنع اعلان فوز سائرون، وإن أعلن ستعرقل أي استثمار لهذا الفوز، وهنا يجب أن أقول على الرغم من بعض الاختلافات الظاهرية بين حزب الله لبنان وبين التيار الصدري إلا أن الاثنين يتصفان بصفة المقاومة ولذلك فإن فوزهما في انتخابات صعبة سيجعلها أمام صورة قاتمة بالنسبة لها أو يضعها في زاوية ضيقة لا تخرج منها إلا بأحداث دراماتيكية تشمل المنطقة برمتها.
2018-05-15