الجزائر… وطنان داخل دولة
محمد علي القاسمي الحسني
المتجول في الجنوب الجزائري ، سيشاهد آبار بترول ناضبة و دخان أسود متصاعد حين وجود آبار لازالت تدر الخيرات على الخزينة العمومية ، و سيجد كذلك قرى لم تصلها بعد شبكة الكهرباء و الاتصالات بل و حتى لا يعرف أهلها جنسيتهم الأصلية بخلاف مدن الشمال التي تولي لها الحكومة رعاية كبيرة ، فهل شمال الجزائر و جنوبها وطنان مختلفان داخل دولة أما أنهما دولة واحدة ؟
لقد كانت ولازالت الصحراء الجزائرية محل صراع بين القوى الكبرى لما لها من أهمية اقتصادية و جيوسياسية ، جعلت فرنسا تتمسك بها بالنظر لأهميتها في الاقتصاد الفرنسي خصوصا بعد اكتشاف النفط في حاسي مسعود تلك المدينة المصنفة العاشرة عالميا على مستوى الغنى بالموارد الباطنية ، لكن الذي يزورها سيفاجئ بالحالة الكارثية التي يعيشها سكانها ، فلا طرق السير معبدة ولا شبكات المياه تسير وفق المقاييس العالمية ، بل و حتى أنها تفتقر لمستشفى جيد كما هو الحال في العاصمة التي بها أربعة مستشفيات جامعية ، في حين أن الجنوب الجزائري المقدرة مساحته بمليوني كيلومتر مربع لا يوجد به مستشفى جامعي واحد ، و هنا مكمن التعجب فهل سكان الجنوب الجزائري ، جزائريون أم أنهم خارج تصنيف الحكومة ؟
لا يختلف اثنان في كون الحكومة تنحاز بشكل مفضوح لجهة الشمال ، فتقوم ببناء المراكز التجارية و المستشفيات و عدد هائل من المدارس و الادارات في مقابل عيش جهة الجنوب في عزلة رهيبة عن مواكبة مسيرة التقدم الخدماتي و الصحي التي تعرفها جهة الشمال ، و هذا ما أدى لنزوح عدد معتبر من السكان للمدن الشمالية ، و المتسبب في هذه الهجرة الخطيرة هي الحكومة نظرا لعدم وجود مخططات تنمية عادلة بين المناطق ، و لو وجدت لما وقعت الجزائر في مشكل الهوية العرقية ولا في بقاء الاحتقان بمدن الجنوب ، ما يجعلها بقعة قابلة للانفجار في أية لحظة بالنظر للتوزيع غير العادل للثروة و الاجحاف في حق المنطقة الجنوبية التي تعاني من نقص فادح في الرعاية الصحية لعدم تكوين الحكومة لأطباء و اداريين كثر من المنطقة الجنوبية بل عملت منذ الاستقلال على ترسيخ فكرة تفوق الشمال على الجنوب رغم أن الجنوب هو الذي أخرج كريبع النبهاني و باي بلعالم الى العالم .
لهذا وجب على الحكومة الوعي بأن سياسة التفرقة العنصرية المقيتة التي تقوم بها ضد سكان الجنوب ، سيأتي يوم و يقضى عليها اما عبر الوصول السلمي لهؤلاء للسلطة أو بطرق أخرى لا يأمل المرء أن تحدث ، فإذا كان اقتسام الوزارات الحكومية و المناصب العليا في الدولة يتم بطريقة مافيوية تمنح لكل منطقة عددا محددا من الوزارات و البنوك ، فانه يجب أن يكون لسكان الجنوب نصيب في الحكومة و التنمية و الا فان مستقبل وطن الجنوب الغريب عن وطنه لا يبشر بخير للجزائر.
الطالب الجزائري
2018-04-28